#تلبيسات_نادر_العمراني_في_سفك_الدماء_باسم_الجهاد_والشهادة_في_سبيل_الله

#تلبيسات_نادر_العمراني_في_سفك_الدماء_باسم_الجهاد_والشهادة_في_سبيل_الله
يركز أهل الضلال من إخوان ومن خرج من تحت عباءتهم على قضية الجهاد والشهادة, لأنه بهما يقدم الشباب أرواحهم طمعا في نيل الشهادة التي رتب عليها في شرعنا المطهر أجورا عظيمة، ولكنهم لا يؤصلون في الشباب معنى الجهاد الحقيقي في سبيل الله والفرق بين قتال الكفار وقتال غيرهم، والفرق بين الجهاد وبين غيره من أنواع القتال الجائزة والممنوعة، ولا يهتمون ببيان شروطه الواجب توافرها ليكون الجهاد مشروعا، ولا تكون الراية المرفوعة فيه راية عمية نهي عن القتال تحتها, تجاهل الإخوان كل ذلك لأن أغراضهم الحزبية تتنافى مع بيان ذلك.
ولما كان الشعار الذي رفعوه ليغطوا به أغراضهم السلطوية هو تحكيم الشريعة أولوا نصوص الشرع فأفهموا الأغرار الأغمار من الشباب أن خصومهم على اختلاف توجهاتهم لا يريدون تحكيم الشريعة, فهم إما أعداء للدين، وإما موالون لأعداء الدين، وزرعوا في عقولهم أنهم على حق وأن قتالهم يستمد شرعيته من نصوص الشريعة، ومنها قول الله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله} وقوله تعالى: { فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}، وهذا نادر العمراني يوظف حديث {القتلى ثلاثة} توظيفا حزبيا بعيدا عن التأصيل العلمي للشباب.
*رد الصحابة لشبهة الجهاد المزعوم عند الإخوان:
وهذا عبد الله بن عمر وسعد ابن أبي وقاص رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين يردان على هذه الشبهة.
جاء في صحيح البخاري، باب قوله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين
4243 حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا إن الناس صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج فقال يمنعني أن الله حرم دم أخي فقالا ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة فقال قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله وزاد عثمان بن صالح عن ابن وهب قال أخبرني فلان وحيوة بن شريح عن بكر بن عمرو المعافري أن بكير بن عبد الله حدثه عن نافع أن رجلا أتى ابن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله عز وجل وقد علمت ما رغب الله فيه قال يا ابن أخي بني الإسلام على خمس إيمان بالله ورسوله والصلاة الخمس وصيام رمضان وأداء الزكاة وحج البيت قال يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله قاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الإسلام قليلا فكان الرجل يفتن في دينه إما قتلوه وإما يعذبونه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة قال فما قولك في علي وعثمان قال أما عثمان فكأن الله عفا عنه وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه وأما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأشار بيده فقال هذا بيته حيث ترون
قال ابن حجر في الفتح في شرح الحديث: " قوله : ( ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله ) أطلق على قتال من يخرج عن طاعة الإمام جهادا وسوى بينه وبين جهاد الكفار بحسب اعتقاده وإن كان الصواب عند غيره خلافه ، وأن الذي ورد في الترغيب في الجهاد خاص بقتال الكفار ، بخلاف قتال البغاة فإنه وإن كان مشروعا لكنه لا يصل الثواب فيه إلى ثواب من قاتل الكفار ، ولا سيما إن كان الحامل إيثار الدنيا .
وفي صحيح مسلم وغيره عن أسامة بن زيد رحمه الله قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلَاحِ، قَالَ: "أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟" فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَقَالَ سَعْدٌ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ يَعْنِي أُسَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَة}.
فانظر يا رعاك الله إلى فقه الصحابة كيف فرقوا بين قتال وقتال, قاتل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا تكون فتنة وهي الشرك، وكان الدين كله لله، واعتزل من اعتزل منهم القتال حيث قدر أن القتال بين المسلمين سيترتب عنه عواقب غير محمودة، ومما هو معلوم أن القتال, سواء أكان للكفار، أو قتال لفئة باغية لا بد أن يكون تحت راية إمام شرعي استتب له الأمر واستقر على إمامته المسلمون, إما بيعة، وإما تغلبا، وفي غير هذا يسمى القتال قتال فتنة يترتب عليه مفاسد عظيمة, من كثرة لسفك الدماء في غير طائل، ومن استباحة العدو للمسلمين بضعفهم وتفككهم، إلى غير ذلك. وغاب فقه الصحابة لهذه الأمور عن الإخوان ومن خرج من تحت عباءتهم, ففي عصرنا هذا عمد شيوخ الإخوان والمقاتلة إلى تجميع أكبر عدد من الشباب للقتال بهذه الشبهة التي ردها الصحابة رضوان الله عليهم من قبل من أجل تحقيق الأغراض الحزبية ولكي تعلم أن قتالهم على غير أساس شرعي انظر إلى تحالفهم أول الأمر مع الدواعش والقاعدة، مكونين ما يعرف بمجالس الشورى. ثم اقتضت مصالحهم التخلص منهم لإرضاء رغبات داخلية وخارجية لكن طال نفس الحرب وفتح الإخوان والمقاتلة على أنفسهم جبهات كثيرة للقتال استهلكت فيها كثير من طاقاتهم البشرية حيث صار أصدقاء الأمس من قاعدة ودواعش أعداء اليوم وتغير المواقف بهذه الدرجة يدل على عدم ثبات الأصول والمبادئ، وحيث إنه لا بد من استمرارهم في حربهم لئلا يخسروا الداعمين للوصول إلى الحكم، أو يدرجوا ضمن قوائم الأرهاب، سعى نادر العمراني ومن لف لفه إلى استجلاب مزيد من الوقود البشري للاستمرار في الحرب أطول فترة ممكنة.
وذلك بما جرت به مع الأسف الشديد عادة الإخوان والمقاتلة إلى توظيف الحماسة الدينية للشباب بتوظيف نصوص الشريعة وتأويلها على حسب أغراضهم بدون أن يكون غرضهم التأصيل العلمي الصحيح، بل بالتلبيس والتضليل, ومن تلك القضايا التي وظفوها قضية الجهاد و(الشهادة في سبيل الله).
*العمراني يخفي عن الشباب شرط من شرطي قبول العمل وهو المتابعة لأغراض حزبية:
أقام الإخوان والمقاتلة الدنيا ولم يقعدوها عندما شاع نبأ اغتيال العمراني متهمين بذلك السلفيين وهم ومنهجهم براء من سفك الدماء بهذه الطريقة، ومتناسين أن العمراني ذاته مارس هذه الطريقة بتوظيف نصوص شرعية تخدم هذه الجماعات الضالة بمزيد من سفك الدماء.
كتب نادر العمراني مقالا في موقعه الرسمي تحت عنوان, [حديث القتلى ثلاثة]جاء فيه:
(للشهيد بشارات عدة، بشَّره الله بها ورسوله ، ولست بصدد حصرها وتعدادها. وإنَّما مرادي أن أنبِّه على واحدة منها، يغفَل عنها الكثير من الناس، خاصَّة في أيامنا هذه. فإنهم لمَّا علموا فضل الشهيد وما وُعِدَ به، ظنُّوا أنَّ هذه المنْزلة لا يدركها إلاَّ الأتقياء الكُمَّل الخلص، الذين لازموا التقوى، وداوموا على الطاعة.
وهذا مفهوم خاطئ لا دليل عليه.
فليس من شرط المجاهد ألاَّ يكون خطَّاء، وليس من شرط الشهيد أن يكون كاملاً، بل الشرط أن يكون مؤمناً بالله ورسوله ، مخلصاً لله في عمله وإقدامه. ومتى تحقق فيه هذان الشرطان، استحقَّ وعد الله له).
ترك العمراني الكلام في تأصيل المسائل الشرعية عند الشباب, فترك تعليمهم شرطا قبول العمل, فلنيل الشهادة عند العمراني شرطان هما: الإيمان بالله ورسوله، وإخلاص العمل لله. نعم، لا بد من وجود أصل الإيمان الذي هو الشهادتان لقبول الأعمال التي هي من مسمى الإيمان، وهو ما عبر عنه في أحد روايات حديث أركان الإسلام عن ابن عمر ب{إيمان بالله ورسوله}، وقد تقدم، قال ابن رجب رحمه الله في شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: {أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : " إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ " . قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : " الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : " حَجٌّ مَبْرُورٌ }:
" وأما حديث أبي هريرة: فهو يدل على أن الإيمان بالله ورسوله عمل لأنه جعله أفضل الأعمال، والإيمان بالله ورسوله الظاهر أنه إنما يراد به الشهادتان مع التصديق بهما؛ ولهذا ورد في حديث: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، وفي رواية ذكر: "الإيمان بالله ورسوله" بدل "الشهادتين"؛ فدل على أن المراد بهما واحد؛ ولهذا عطف في حديث أبي هريرة على هذا الإيمان "الجهاد" ثم "الحج"، وهما مما يدخل في اسم الإيمان المطلق؛ لكن الإيمان بالله أخص من الإيمان المطلق، فالظاهر أنه إنما يراد بهما الشهادتان مع التصديق بهما".
فالشهادتان ركن لا يكون الإسلام إلا بهما، ثم تأتي بقية الشرائع والأعمال التي لا تصح إلا بشرطين ذكر العمراني أحدهما وأغفل الآخر, فالذي ذكره العمراني الإخلاص وهو مندرج في الشهادتين، والشرط الذي أغفله المتابعة بأن يكون العمل على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو ذكر العمراني هذا الشرط لتبين العاقل الفارق بين الجهاد الذي هو مشروع لئلا تكون فتنة وهي الشرك والقتال الذي هو فتنة من أجل السلطة، ولافتضح أمر الإخوان والمقاتلة.
ترك شرط المتابعة مع أنه منصوص عليه في كتاب الله, جاء في مقال ماتع في موقع راية الإصلاح تحت عنوان: [إخلاص الدين لله وتجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم]: "الله عزّ وجلّ لم ينصّ على أنّه يتقبّل العمل الأكثر من حيث الكميّة، ولكنّه ينصّ دائما على أنّه يتقبّل العمل الأحسن، كما في قوله سبحانه: ﴿إِنّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾، وقوله: ﴿إِنَا لاَ نُضَيِّعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾، وقوله: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: «أخلصه وأصوبه، فقيل: يا أبا علي! ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إنّ العمل إذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يُقْبل، وإذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنّة».
وقال سعيد بن جبير والحسن البصري رحمهما الله: «لا يُقبل قول إلاّ بعمل، ولا يُقبل عمل إلاّ بقول، ولا يُقبل قول وعمل إلاّ بنيّة، ولا يُقبل قول وعمل ونيّة إلاّ بنيّة موافقة السنّة». انظر شرح أصول الإعتقاد للالكائي (18)، (20).
وعن سفيان بن عبد الله الثقفيّ قال: «قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدا، قال: قل آمنت بالله ثمّ استقم» رواه مسلم.
وقد فسّر هذا بعض السّلف بالإخلاص والمتابعة، روى ابن بطّة في «الإبانة /الإيمان» (156) بسند صحيح عن سلام بن مسكين قال: كان قتادة إذا تلا: ﴿إِنَّ الّذين قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾، قال: «إنّكم قد قلتم ربّنا الله، فاستقيموا على أمر الله، وطاعته، وسنّة نبيّكم، وأمضوا حيث تؤمرون، فالاستقامة أن تلبث على الإسلام، أن تلبث على الإسلام، والطريقة الصالحة، ثمّ لا تمرق منها، ولا تخالفها، ولا تشذّ عن السنّة، ولا تخرج عنها ...».
وفي هذا المعنى قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ من قَبْلَ أَنْ يأْتِيَكُمْ العَذابُ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ وَاتّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِن رَبِّكُمْ ﴾، فأمرَ باتّباع أحسن ما أنزل، وهذا لا يتأتّى إلاّ لمن اقتفى أثر رسول الله في ذلك، وهذا بعد أن أمر الله عزّ وجلّ بالإسلام له في قوله: ﴿وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾، والإسلام إذا جاء متعدّيًا لزم حمله على الإخلاص", فلو نص العمراني على شرط المتابعة لافتضح بأن حربه حزبية, حيث لا أمام شرعيا، ولا راية واضحة، فكيف يسمى جهادا في سبيل الله لتحكيم شرع الله؟!
*استغلال الحزبيين لجهل الشباب بالدين وتعميقه فيهم:
ترك العمراني تعليم الشباب الشروط الشرعية للجهاد وما يجب أن يتوفر فيه، لأنه لو علمهم ذلك لتبين كثير من التناقضات التي في مواقف هذه الجماعات, فلا بد للقتال من إمام يقاتل تحت رايته، والإخوان والمقاتلة لم تعد لهم ولاية بنصوص المواد التي وافقوا عليها وبسطوا الفتاوى في إثبات شرعيتها وفيها تحديد نهاية جسم المؤتمر الوطني، وتعنتوا بعدها في التمسك بالسلطة بحجج واهية تتمثل في إجراءات شكلية في مكان استلام وتسليم، فإن علموا الشباب أن من شروط الجهاد القتال تحت راية واضحة مع إمام شرعي فستنهال عليهم الأسئلة, سسيسألون العمراني ويقولون له هو ومن معه: ما حكم القتال تحت راية من انتهت ولايته؟ وماذا يسمى من يقاتل بعد انتهاء ولايته في الشرع؟ وهل تثبت الولاية شرعا وتنفى من أجل إجراءات تتعلق باستلام وتسليم؟ وكيف تفتون أن من يقاتل تحت راية من انتهت ولايته يكون شهيدا في سبيل الله وفي نصوص الشرع أنه لا يحكم لأحد بالشهادة إلا من جزم له الشارع الحكيم بها وهو يقاتل تحت راية شرعية واضحة فكيف بإثبات الشهادة في سبيل الله لمن يقاتل تحت راية من انتهت ولايته وهو يعلم بفترة انتهاء ولايته ووافق عليها أولا؟ وهو لا يقاتل كفارا بل يقاتل إخوانه في الدين والوطن؟ والمشكلة التي لا يستطيع الإخوان والمقاتلة تبريرها أن الوسيلة التي أوصلتهم إلى تولي مقاليد الأمور وبذلوا الجهد في إثبات شرعيتها أولا وهي الانتخابات هي الوسيلة ذاتها التي سلبتهم هذا الحق فتعنتوا؟
*القيد الذي يؤكد أن العمراني أراد توظيف النصوص لغرض حزبي:
ترك العمراني تبصير الشباب بشروط الجهاد مركزا على حقيقة واحدة يريدها، هي التي يغفل عنها الناس خاصة في أيامنا هذه كما يقول العمراني، ولعلك أيها القارئ الكريم تركز على هذا القيد [في أيامنا هذه]، وتربط بينه وبين ما يحدث فيها من أحداث جارية في بلادنا ليتبين لك الأمر، وهذا إن دل فإنما يدل على توظيف للنص أراده العمراني لا من باب تأصيل الشباب تأصيلا صحيحا.
ها هو ذا نادر العمراني لما أراد توظيف النصوص لأغراض حزبية يخفي كثيرا من الأمور عن الجهاد والشهادة فلا يبدي إلا ما أراده, فيظن القارئ أول وهلة حين يطالع قول العمراني: (فإنهم لمَّا علموا فضل الشهيد وما وُعِدَ به، ظنُّوا أنَّ هذه المنْزلة لا يدركها إلاَّ الأتقياء الكُمَّل الخلص، الذين لازموا التقوى، وداوموا على الطاعة.
وهذا مفهوم خاطئ)، أنه سيبصر الشباب بما ينبغي أن يتوفر في الجهاد الشرعي الذي تترتب عليه الشهادة لمن يقتل في سبيل الله،, ، لكنه لما ساق الحديث الذي رواه أحمد وابن حبان وحسن إسناده المنذري والألباني رحمة الله على الجميع أراد استجلاب القوة المعطلة من الشباب عن الحرب، وذلك الحديث هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: { القَتْلى ثَلاثةٌ:
رَجَلٌ مُؤمنٌ جَاهَد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يُقتلَ، فذلك الشهيد المُمْتَحَن في خَيمة الله تحت عرشه. ولا يَفْضُلُه النبيون إلاَّ بفضل درجة النبوة ورجل مؤمن قَرَفَ على نفسه من الذنوب والخطايا، جَاهَد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يُقتل، فتلك مَصْمَصَةٌ مَحَتْ ذنوبَه وخطاياه. إنَّ السَّيفَ محَّاءٌ للخطايا، وأُدخِل من أي أبواب الجنة شاء؛ فإنَّ لها ثمانية أبواب، ولجهنم سبعة أبواب، وبعضها أفضل من بعض.
ورجلٌ منافق، جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يُقتل، فذلك في النار. إنَّ السيف لا يمحو النفاقَ}
وها هو يوظف الحديث توظيفا حزبيا, فأثبت أن المجاهدين والشهداء على منزلتين, منزلة كاملي الإيمان, وهم من يقاتلون في حزبه وشربوا أفكار الإخوان والمقاتلة القائم على الطاعة العمياء لمشايخهم بدون تفهم الأدلة فكل ما يقوله مشايخهم حق لا يقبل المناقشة، فجعل هؤلاء الخارجين بالسيف في وجه إمامهم كاملي الإيمان، وأهل هذه المنزلة كثير منهم منتظم في الحرب، والمنزلة الثانية المجاهدون والشهداء أصحاب المعاصي الذين لم ينخرطوا في حزبهم وتأثروا بهم أو الذين انشغلوا بالدنيا وهم بعيد عن هذه التجاذبات السياسية والقتالية، وهؤلاء يهدف العمراني لانخراطهم مع حزبه لأن هذه الحرب التي يخوضها الإخوان طال نفسها وأتت على كثير من الأغرار الأغمار من شبابهم، فيطمح العمراني ومن لف لفه إلى انخراط هؤلاء الشباب في معركتهم الحزبية من أجل السلطة موظفا هذا الحديث في وعدهم أن ينالوا الشهادة على ما عندهم من معاصي, بدون أن يذكرهم بالتوبة، وبدون أن يبصرهم بشرط المتابعة لرسول الله فيفضح حزبه. فأنت يا من ابتليت بالزنا وشرب الخمر وغير ذلك ما هو إلا أن تقاتل معنا في أيامنا هذه لتنال الشهادة، لا فرق في هذا بينمعصية ومعصية. هذا ما يحتمله الإجمال في كلام العمراني.
وقد نص أهل العلم أن الشهيد يغفر له كل ذنب في حق الله لا في حقوق الآدميين, روى مسلم (1886) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ ) .
وروى مسلم (114) عن ابن عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ : " لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَلَّا ، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ ) ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ! اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ ) قَالَ : فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ : أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ " .
وهذا دأب هؤلاء المشايخ, يوردون النصوص على ما يريدون بدون ذكر مقيداته أو مبيناته،, أو تفسيراته على فهم السلف الصالح، لأن غرضهم التوظيف للأغراض الحزبية لا التأصيل العلمي الصحيح. والله تعالى أعلم.
ملحوظة:
مقال العمراني من هنا:
http://naderomrani.ly/article/323#sdfootnote2sym

الجمعة، 2 أكتوبر 2015

الخميس، 1 أكتوبر 2015

شروط المقابلة الشرعية للمخطوبة:

قال الشيخ العثيمين رحمه الله:  فشروط جواز النظر إلى المرأة ستة: الأول: أن يكون بلا خلوة. الثاني: أن يكون بلا شهوة، فإن نظر لشهوة فإنه يحرم؛ لأن المقصود بالنظر الاستعلام لا الاستمتاع. الثالث: أن يغلب على ظنه الإجابة. الرابع: أن ينظر إلى ما يظهر غالباً. الخامس: أن يكون عازماً على الخطبة، أي: أن يكون نظره نتيجة لعزمه على أن يتقدم لهؤلاء بخطبة ابنتهم، أما إذا كان يريد أن يجول في النساء، فهذا لا يجوز. السادس: ـ ويخاطب به المرأة ـ ألا تظهر متبرجة أو متطيبة، مكتحلة أو ما أشبه ذلك من التجميل؛ لأنه ليس المقصود أن يرغب الإنسان في جماعها حتى يقال: إنها تظهر متبرجة، فإن هذا تفعله المرأة مع زوجها حتى تدعوه إلى الجماع، ولأن في هذا فتنة، والأصل أنه حرام؛ لأنها أجنبية منه، ثم في ظهورها هكذا مفسدة عليها؛ لأنه إن تزوجها ووجدها على غير البهاء الذي كان عهده رغب عنها، وتغيرت نظرته إليها، لا سيما وأن الشيطان يبهي من لا تحل للإنسان أكثر مما يبهي زوجته، ولهذا تجد بعض الناس ـ والعياذ بالله ـ عنده امرأة من أجمل النساء، ثم ينظر إلى امرأة قبيحة شوهاء؛ لأن الشيطان يبهيها بعينه حيث إنها لا تحل له، فإذا اجتمع أن الشيطان يبهيها، وهي ـ أيضاً ـ تتبهى وتزيد من جمالها، وتحسينها، ثم بعد الزواج يجدها على غير ما تصورها، فسوف يكون هناك عاقبة سيئة. فإن قيل: كيف يغلب على ظنه الإجابة؟ الجواب: الله ـ سبحانه وتعالى ـ جعل الناس طبقات، كما قال تعالى: {{نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}} [الزخرف: 32] ، فلو تقدم أحد الكنَّاسين إلى بنت وزير، فالغالب عدم إجابته، وكذلك إنسان كبير السن زمِن، أصم، يتقدم إلى بنت شابة جميلة، فهذا يغلب على ظنه عدم الإجابة.  http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18120.shtmlhttp://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=56914&highlight=

الفرق بين أهل البيت والقرابة والقوم

http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=56921&highlight=جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع - المجلد الحادي عشر  كِتَابُ الوَقْفِ:   قوله: «والأقارب» أيضاً الأقارب نفعهم بر؛ لأنه من الصلة، فإذا قال: هذا وقف على أقاربي ـ ولو كانوا غير مسلمين ـ صح الوقف؛ لأن صلة القرابة من البر، والأقارب من الجد الرابع فنازل، فالإخوان والأعمام وأعمام الأب وأعمام الجد وأعمام جد أبيك فهؤلاء أقارب، ومن فوق الجد الرابع فليسوا بأقارب، وإن كان فيهم قرابة لكن لا يُعَدُّون من الأقارب الأدْنَيْن، ولهذا لما أنزل الله: {{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ *}} [الشعراء] ، لم يدع النبي صلّى الله عليه وسلّم كل قريب، بل دعى من شاركوه في الأب الرابع فما دون  وقال أيضا: قوله: «والقرابةُ وأهلُ بيتِهِ وقومُهُ» ، هذه ثلاثة ألفاظ، ما الذي يدخل في مدلولها؟ يقول المؤلف: «يشمل الذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه وجدِّه وجدِ أبيه» ، فإذا قال: هذا وقف على قرابتي، دخل فيه هؤلاء الأربعة، أولاده، وأولاد أبيه، وأولاد جده، وأولاد جد أبيه، فيشمل الذكر والأنثى من الفروع إلى يوم القيامة، ومن الأصول إلى الأب الثالث فقط، فيشمل فروعه وفروع أبيه وفروع جده وفروع جد أبيه، ولكن هل يستحق الجميع أو لا يستحق؟ نذكره إن شاء الله. وعلى هذا فإذا لم يبق من هؤلاء أربعة البطون إلا واحد، استحق الوقف كله، والدليل على أن القرابة تختص بهؤلاء أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يعطِ من خمس الغنيمة إلا من كان من بني هاشم وبني المطلبوهاشم بالنسبة للرسول صلّى الله عليه وسلّم هو الأب الثالث، والله ـ عزّ وجل ـ يقول: {{وَلِذِي الْقُرْبَى}} [الأنفال: 41] ، فدل ذلك على أن القرابة تختص بهؤلاء، هذا ما ذهب إليه المؤلف، وهذا دليله. وبعض العلماء أخرج الأولاد من القرابة، لكن الصحيح أنهم لا يخرجون؛ لأن أولاده أشد لصوقاً به من آبائه، إذ إنهم بضعة منه، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم في فاطمة ـ رضي الله عنها ـ: «إنها بضعة مني»  وقال بعض أهل العلم: إن القرابة تشمل كل من اجتمع به في جده الذي ينتمي إليه، ومعلوم أن القبائل فيها شعوب، فَأَوَّلُ جَدٍّ ينتمي إليه هذا الشِّعب من القبيلة، فإن ذريته هم القرابة، وعلى هذا فلا يتقيد بالأب الثالث، فقد يكون في الرابع، أو الخامس. وقال بعض أهل العلم: القرابة ليس لها حد محدود، فما تعارف الناس عليه أنه قريب فهو قريب ولا نحدده بحدٍّ، لكن القول الأول هو أقرب الأقوال: أنهم من كانوا من ذرية أبيه الثالث، ويليه قول من قال: إنهم من يجتمعون به في أول جد ينتسبون إليه، أما القول الأخير فهو ضعيف. وفهم من قولنا: إنه يشمل هؤلاء، أنه لا يشمل الأقارب من جهة أمه، فلا يدخل في ذلك أبو أمه، ولا أخو أمه، ولا عمها، ولا جدها، ولا أمها؛ ووجه ذلك أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يعط أخواله من بني زُهْرَة، فلم يدخلهم في قوله: {{وَلِذِي الْقُرْبَى}}. وقال بعض أهل العلم: إذا كان من عادته أنه يصل قرابة أمه دخلوا في لفظ القرابة؛ لأن كونه قد اعتاد أن يصلهم يدل على أنه أراد أن ينتفعوا بهذا الوقف، وهذا قول قوي، والعجيب أن بعض العلماء قال بعكسه، قال: إذا كان من عادته أنه يصل أقارب أمه فإنهم لا يدخلون؛ لأن تخصيصهم بصلة خارج الوقف يدل على أنه لا يريد أن ينتفعوا من هذا الوقف بشيء، لكن القول الذي قبله أقرب إلى الصواب، أنه إذا كان من عادته أنه يصل أقارب أمه دخلوا في الوقف الذي قال: إنه على أقاربه. وقوله: «وأهل بيته» يشمل الذكر والأنثى من أولاده، وأولاد أبيه، وأولاد جده، وأولاد جد أبيه. وهل يشمل الزوجات؟ المذهب أنهن لا يدخلن؛ لأن أهل بيته مثل القرابة تماماً، والصحيح أن زوجاته إذا لم يطلقهن يدخلن في أهل بيته، ولا شك في هذا، لقوله تعالى في نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم: {{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}} [الأحزاب: 33] ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»[(23)] ، بل لو قيل: إن أهل بيته هم زوجاته ومن يعولهم فقط، لكان قولاً قوياً؛ لأن هذا هو عرف الناس، فالآن عمك وأخوك إذا انفردا في بيت، لا يقول الناس: إنهما أهل بيتك، فأهل البيت عرفاً هم الذين يعولهم من الزوجات والبنين والبنات، لكن مهما كان الأمر فإن الزوجات بلا شك إذا لم يطلقهن يدخلن في أهل البيت، ولا يدخلن في القرابة. وقوله: «وقومه» جعلها المؤلف كلفظ القرابة وأهل البيت، لكن هذا القول بعيد من الصواب؛ لأن القوم في عرف الناس وفي اللغة ـ أيضاً ـ أوسع من القرابة، اللهم إلا على قول من يقول: إن القرابة تشمل كل من يجتمع معه في الاسم الأول، فالفخذ من القبيلة قرابة، فهنا ربما نقول: إن القوم والقرابة بمعنى واحد، أما إذا قلنا: إن القرابة هم أولاده، وأولاد أبيه، وجده، وجد أبيه، فإن القوم بلا شك أوسع، ولهذا يرسل الله الرسل إلى أقوامهم وهم ليسوا من قراباتهم، فإذا كان للقوم معنًى مطرد عرفاً لا ينصرف الإطلاق إلا إليه وجب أن يتبع؛ لأن القول الراجح في أقوال الواقفين والبائعين والراهنين وغيرهم أن المرجع في ذلك إلى العُرف.  http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18128.shtmlhttp://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=56921&highlight=

حكم الوقف إذا تعطلت منافعه، وكيفية صرف الزائد من مختصاته قوله:

قال الشيخ العثيمين في شرحه لزاد المستقنع: قوله: http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=56922&highlight= «إلا أن تتعطل منافعه» ففي هذه الحال يجوز أن يباع، كرجل أوقف داره على أولاده فانهدمت الدار، فيجوز أن تباع. وقوله: «ولا يباع إلا أن تتعطل منافعه» ظاهره أنه لا يباع بأي حال من الأحوال إلا في هذه الصورة؛ لأن من القواعد المقررة (أن الاستثناء معيار العموم) يعني يدل على العموم فيما عدا الصورة المستثناة، فعلى هذا لا يباع بأي حال من الأحوال إلا في هذه الحال، وهي إذا تعطلت منافعه. فإن نقصت المنافع ولم تتعطل، فإنه لا يباع فيبقى على ما هو عليه حتى تتعطل، ولا يكون فيه فائدة. واختار شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ جواز بيعه للمصلحة بحيث ينقل إلى ما هو أفضل، واستدل لهذا بقصة الرجل الذي نذر إن فتح الله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم مكة أن يصلي في بيت المقدس فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «صل هاهنا» فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً فقال: «فشأنَك إذن»[(26)]. فهنا أباح له النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يتحول عن النذر من المفضول إلى الأفضل، ومعلوم أن نذر الطاعة واجب، فيجوز أن ينقل الوقف أو يباع لينقل إلى ما هو أنفع، وما اختاره شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ هو الصواب. لكن في هذه الحال يجب أن يمنع من بيعه أو إبداله إلا بإذن الحاكم؛ لأنه قد يتعجل الموقوف عليه، ويقول: أبيعه لأنقله إلى ما هو أفضل، ويكون الأمر على خلاف ظنه، فلا بد من الرجوع إلى الحاكم ـ يعني القاضي ـ في هذه الحال؛ لئلا يتلاعب الناس بالأوقاف. مثال ذلك: إنسان أوقف عمارة على طلبة العلم في مكان كان من أحسن الأمكنة حين الإيقاف، لكن تغير الوضع وصار محل الطلب في جهة أخرى، فهل يجوز أن يبيع هذه العمارة ليشتري عمارة أخرى قريبة من مواطن العلم؟ أما على المذهب فلا؛ لأن منافعها لم تتعطل، وأما على القول الراجح فيجوز، ولكن لا بد من مراجعة الحاكم؛ لئلا يتلاعب الناس بالأوقاف. وعلم من قوله: «إلا أن تتعطل منافعه» أنه لو تعطلت بعض المنافع فإنه لا يجوز بيعه، فما دام يوجد فيه منفعة ولو واحد في العشرة فإنه لا يباع، لكن على ما سبق أنه يباع إذا كان فيه حاجة أو مصلحة. وإذا بيع فماذا نفعل بثمنه؟ قال: «ويصرف ثمنه في مثله» فإذا كان هذا وقفاً على الفقراء، وتعطلت منافعه وبِعْناه فماذا نفعل بالثمن؟ هل نتصدق به على الفقراء، أو نشتري به وقفاً يكون للفقراء؟ يتعين الثاني، فلا يجوز أن نقول: إن هذا وقف على الفقراء، والآن بعناه لتعطل منافعه فنصرف دراهمه إلى الفقراء، فهذا لا يجوز؛ لأن هذه الدراهم عوض عن أصل الوقف، وأصل الوقف لا ينقل ملكه لا ببيع ولا بغيره. قوله: «ولو أنه مسجد» يعني ولو كان الذي تعطلت منافعه مسجداً، كأن يكون المسجد في حي ارتحل أهله عنه، فإنه يباع ويصرف ثمنه في مثله. وإذا بعنا المسجد وصرفنا ثمنه في مسجد آخر، فيجوز لمشتري المسجد أن يبيعه؛ لأنه صار ملكه، ويجوز أن يجعله دكاكين للبيع والشراء، والمهم أنه زال عنه وصف المسجد، فيجوز بيعه والصدقة به وهبته وغير ذلك، ويصرف ثمنه في مثله. وقوله: «ولو أنه مسجد» إشارة إلى خلاف، فمن أهل العلم من قال: إن المسجد لا يباع؛ لأنه وقف لمصلحة المسلمين، وما كان لمصلحة المسلمين فإن الفرد لا يتصرف فيه، ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأن المسجد الآن زال الانتفاع به، فالحي كلهم رحلوا وما بقي أحد، فهو سيباع ويعمر في مكان آخر بثمنه. قوله: «وآلتُهُ» أي آلة المسجد، والمراد بناؤه، وأبوابه وما أشبه ذلك، وهذا فيما سبق لما كان البناء بلبن الطين كان يمكن أن ينتفع بآلته التي تكوَّن منها وهي لبن الطين، أما الآن فلا أظنه يمكن استرجاع الآلة، اللهم إلا إن كانت أسياخ الحديد فيمكن، أما الإسمنت فلا، على كل حال إذا بقي آلة فإننا نعيدها فيما نريد أن نبنيه. فإذا قال الذي باع المسجد: آلته الآن إذا نقضناها وبنينا بها المسجد الآخر سيخرج غير قوي، فهل لنا أن نبيع الآلة ونشتري آلة جديدة قوية؟ الجواب: نعم، وتكون الآلة الثانية بدلاً عن الأولى، وحينئذٍ لا يضيع حق الواقف. قوله: «وما فضل عن حاجته جاز صرفه إلى مسجد آخر» ، فما فضل عن حاجة المسجد، فإنه يجوز أن يصرف إلى مسجد آخر؛ لأن هذا أقرب إلى مقصود الواقف، وهذا لا إشكال فيه. فإذا قدرنا أن هذا المسجد لما هدم حيث تعطلت منافعه وأعيد بناؤه بقي من آلته شيء فإننا نصرفه إلى مسجد آخر، فإن لم يمكن صُرِفَ إلى جهة عامة ينتفع فيها المسلمون عموماً، كالسقاية والمدرسة وما أشبه ذلك. قوله: «والصدقة به على فقراء المسلمين» ، يعني وجازت الصدقة به على فقراء المسلمين؛ لأن المسجد مصلحة عامة والصدقة على الفقراء ـ أيضاً ـ مصلحة عامة، فنحن لم نخرج عن مقصود الواقف؛ لأنها كلها عامة في انتفاع المسلمين عموماً، لكن هذا القول ضعيف جداً؛ لأن المساجد نفعها مستمر والصدقة نفعها مؤقت؛ لأن نفعها مقطوع، ينتفع بها الموجودون الحاضرون ولا ينتفع بها من بعدهم، فالصواب أن ما فضل عن حاجة المسجد يجب أن يصرف في مسجد آخر، ما لم يتعذر أو ما لم يكن الناس في مجاعة فهم أولى؛ لأن حرمة الآدمي أشد من حرمة المسجد ولا شك. حتى لو فرض أن المسجد مسجد جامع فيجب أن يصرف في مسجد جامع إن تيسر، وإلا ففي مسجد بقية الصلوات، وإنما قلنا: مسجد جامع؛ لأن المسجد الجامع أكثر أجراً وثواباً؛ حيث إنه تصلى فيه الجمعة، وبقية المساجد لا تصلى فيها الجمعة، ثم إنه في صلاة الجمعة يكون أكثر عدداً من المساجد الأخرى. والخلاصة : أنه متى جاز بيع الوقف فإنه يجب أن يصرف إلى أقرب مقصود الواقف، بحيث يساوي الوقف الأول أو يقاربه حسب الإمكان. مسألة: لو أن الناس ـ مثلاً ـ اختاروا أن يحوِّلوا المسجد المبني من لبن الطين إلى مسجد مسلح، هل لهم أن ينقضوا الأول أو لا؟ هذا ينبني على ما ذكرنا؛ لأن منافع مسجد الطين لم تتعطل، لكن ينقل إلى ما هو أفضل وأحسن، فعلى رأي شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ لا بأس، ويكون أجر المسجد الثاني لباني المسجد الأول؛ لأنه لا يمكن أن نبطل أجر الموقف الأول مع إمكان استمرار أجره، فيكون للباني الأول في مدة يقدر فيها بقاء المسجد الأول، أما ما زاد عليها فأجرها لصاحب المسجد الثاني، وكذا لو كان المسجد الثاني أنفع من جهة التكييف ونحوه، فأجر النفع الزائد للمُوقِفِ الثاني. http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18128.shtml

رأي لشيخ الإسلام وافقه عليه الشيخ العثيمين رحمهما الله في زكاة النقدين:

رأي لشيخ الإسلام وافقه عليه الشيخ العثيمين رحمهما الله في زكاة النقدين:

قال الشيخ العثيمين في رسالة في زكاة الحلي:


إذا تبين ذلك فإن الزكاة لا تجب في الحلي حتى يبلغ نصاباً لحديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ السابق: «ما بلغ أن تؤدى زكاته فزُكِيَ فليس بكنز فنصاب الذهب عشرون ديناراً ونصاب الفضة مائتا درهم.
فإذا كان حلي الذهب ينقص وزن ذهبه عن عشرين ديناراً، وليس عند صاحبه من الذهب ما يكمل به النصاب فلا زكاة فيه.
وإذا كان حلي الفضة ينقص وزن فضته عن مائتي درهم، وليس عند صاحبه من الفضة ما يكمل به النصاب فلا زكاة فيه.
والمعتبر وزن ما في الحلي من الذهب أو الفضة، وأما ما يكون فيه من اللؤلؤ ونحوه، فإنه لا يحتسب به في تكميل النصاب، ولا يزكى ما فيه من اللؤلؤ ونحوه؛ لأنه ليس من الذهب والفضة، والحلي من غير الذهب والفضة لا زكاة فيه إلا أن يكون للتجارة.
لكن هل المعتبر في نصاب الذهب الدينار الإسلامي الذي زنته مثقال، وفي نصاب الفضة الدرهم الإسلامي الذي زنته سبعة أعشار المثقال، أو المعتبر الدينار والدرهم عرفاً في كل زمان ومكان بحسبه سواء قل ما فيه من الذهب والفضة أم كثر؟
الجمهور على الأول، وحكي إجماعاً.
وحقق شيخ الإسلام ابن تيمية الثاني، أي: أن المعتبر الدينار والدرهم المصطلح عليه في كل زمان ومكان بحسبه، فما سمي ديناراً أو درهماً ثبتت له الأحكام المعلقة على اسم الدينار والدرهم، سواء قل ما فيه من الذهب والفضة أم كثر وهذا هو الراجح عندي؛ لموافقته ظاهر النصوص، وعلى هذا فيكون نصاب الذهب عشرين جنيهاً ونصاب الفضة مائتي ريال، وإن احتاط المرء، وعمل بقول الجمهور فقد فعل ما يثاب عليه إن شاء الله
فإذا بلغ الحلي نصاباً خالصاً عشرين ديناراً إن كان ذهباً، ومائتي درهم إن كان فضة ففيه ربع العشر؛ لحديث علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كانت لك مائتا درهم، وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء ـ يعني في الذهب ـ حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كانت لك عشرون ديناراً، وحال عليها الحول ففيها نصف دينار (رواه أبو داود)
وبعد: فإن على العبد أن يتقي الله ما استطاع، ويعمل جهده في تحري معرفة الحق في الكتاب والسنة، فإذا ظهر له الحق منهما وجب عليه العمل به، وألاَّ يقدم عليهما قول أحد من الناس كائناً من كان، ولا قياساً من الأقيسة، أي قياس كان، وعند التنازع يجب الرجوع إلى الكتاب والسنة، فإنهما الصراط المستقيم، والميزان العدل القويم، قال الله تعالى: {{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}} [النساء: 59] والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول هو الرد إلى سنته، وهديه حياً وميتاً.
وقال الله تعالى: {{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *}} [النساء: 65] .
فأقسم الله تعالى بربوبيته لرسوله صلّى الله عليه وسلّم التي هي أخص ربوبية قسماً مؤكداً على أنه لا إيمان إلاّ بأن نحكم النبي صلّى الله عليه وسلّم في كل نزاع بيننا، وألاّ يكون في نفوسنا حرج وضيق مما قضى به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأن نسلم لذلك تسليماً تاماً بالانقياد الكامل والتنفيذ، وتأمل كيف أكد التسليم بالمصدر، فإنه يدل على أنه لا بد من تسليم تام، لا انحراف فيه، ولا توانيَ.
وتأمل أيضاً المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه، فالمقسم به ربوبية الله لنبيه صلّى الله عليه وسلّم، والمقسم عليه هو عدم الإيمان إلا بتحكيم النبي صلّى الله عليه وسلّم تحكيماً تاماً، يستلزم الانشراح والانقياد والقبول، فإن ربوبية الله لرسوله تقتضي أن يكون ما حكم به مطابقاً لما أذن به ربه ورضيه، فإن مقتضى الربوبية الخاصة بالرسالة ألا يقره على خطأ لا يرضاه له، وإذا لم يظهر له الحق من الكتاب والسنة وجب عليه أن يأخذ بقول من يغلب على ظنه أنه أقرب إلى الحق بما معه من العلم والدين فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ» [(270)] وأحق الناس بهذا الوصف الخلفاء الأربعة أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ فإنهم خلفوا النبي صلّى الله عليه وسلّم في أمته في العلم والعمل والسياسة والمنهج، جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء.
ونسأل الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يجعلنا ممن رأى الحق حقاً فاتبعه، ورأى الباطل باطلاً فاجتنبه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.

حرره كاتبه الفقير إلى الله محمد الصالح العثيمين
وذلك في 12 من صفر سنة 1382
والحمد لله الذي بنعمه تتم الصالحات

------------------------
علق الشيخ العثيمين في هامش الرسالة فقال:

([الدرهم الإسلامي أقل من الدينار بالوزن ـ الدينار مثقال، والدرهم: سبعة أعشار المثقال ـ يعني كل عشرة دراهم إسلامية سبعة مثاقيل، وعشرة دنانير: تساوي عشرة مثاقيل، ومعنى ذلك في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان الدرهم أقل من الدينار)

وعند ترجيح الشيخ لكلام شيخ الإسلام في الأخذ بمسمى الدينار والدرهم وإن قل وزنهما ذهبا وفضة دون الوزن الذي كان متعارفا عليه في الزمن الأول من أن الدينار مثقال والدرهم سبعة أعشار المثقال علق الشيخ في الهامش فقال: (فالأحوط أن نأخذ بالأقل، بمعنى ما كان يبلغ النصاب أولاً، فمثلاً لو قدرنا أن مائتي درهم لا تبلغ مائة وأربعين مثقالاً، إذا قدرنا بالوزن وهو رأي الجمهور، فالأحوط أن نأخذ بالعدد؛ لأن مائتي درهم تبلغ النصاب بالعدد دون الوزن، وإذا قدرنا أن مائتي درهم تزيد على مائة وأربعين مثقالاً، أي تكون مائتي مثقال، فالأحوط هنا الوزن وهو رأي الجمهور.
والنصاب الآن باعتبار الوزن ستة وخمسون ريالاً، وباعتبار العدد مائتا درهم معناه أنه قريب من ربع النصاب بالوزن، فستة وخمسون نسبتها إلى مائتين قريب من الربع قليلاً، على كل نعمل بالأحوط وذلك لمستحقي الزكاة، فإن بلغ النصاب باعتبار العدد قبل الوزن أخذنا بقول شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأنه الأحوط، وإن بلغ النصاب بالوزن قبل بلوغه بالعدد أخذنا برأي الجمهور؛ لأنه الأحوط)

binothaimeen.com - فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=56950&highlight=

ضابط الخروج من المسجد بنية العودة

قال الترمذي رحمه الله في سننه:
150 - باب [ ما جاء ] في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان
204 - حدثنا هناد حدثنا وكيع عن سفيان عن إبرهيم بن المهاجر عن أبي الشعثاء قال y خرج رجل من المسجد بعد ما أذن فيه بالعصر فقال أبو هريرة أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه و سلم قال [ أبو عيسى ] وفي الباب عن عقثمان [ قال أبو عيسى ] حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ومن بعدهم أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر أن يكون على غير وضوء أو أمر لا بد منه ويروى عن إبرهيم النخعي أنه قال يخرج ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة [ قال أبو عيسى ] وهذا عندنا لمن له عذر في الخروج منه

وقال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: في باب الترهيب من الخروج من المسجد بعد الأذان لغير عذر

2) (حسن صحيح) وعنه (يعني أبا هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا يسمع النداء في مسجدي هذا ثم يخرج منه إلا لحاجة ثم لا يرجع إليه إلا منافق
رواه الطبراني في الأوسط ورواته محتج بهم في الصحيح
263(3) (صحيح لغيره) وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من أدركه الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو لا يريد الرجعة فهو منافق
رواه ابن ماجه
264(4) (صحيح لغيره) وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يخرج من المسجد أحد بعد النداء إلا منافق إلا أحد أخرجته حاجة وهو يريد الرجوع
رواه أبو داود في مراسيله

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في الفتاوى (2/104) : " تحريم الخروج من المسجد فيه تفصيل : إِن كان بلا داعي ولا غرض له صحيح حرم ، وذلك أَن صورته صورة من ينصرف عن المسجد لا يصلي . أَما إِذا كان يريد الصلاة في مسجد آخر أَو له عذر أَو ناويًا الرجوع والوقت متسع فلا يحرم " انتهى .

الشيخ العلامة العثيمين رحمه الله

السؤال : فضيلة الشيخ : نرى بعض الإخوة يصلون معك المغرب وبعد الصلاة يحصل توزيع الأوراق خارج المسجد فإذا خرجوا يعودون
إلى المسجد فهل في هذه الحالة يصلون تحية المسجد أم لا يصلون؟
الجواب: لا يصلون تحية المسجد هؤلاء الذين يخرجون من المسجد لأخذ الأوراق التي هي قريبة من المسجد ثم يرجعون ليس عليهم تحية مسجد، كما لو خرج إنسان يتوضأ من حمام المسجد وهو قريب، ثم رجع، فإنه لا يحتاج إلى تحية المسجد.
ـــــــــــــــــــــــ
لقاء الباب المفتوح -76-

السؤال:
هل يلزم تكرار تحية المسجد بتكرار الخروج من المسجد؟
الجواب:
[لا يلزم، إذا كان الإنسان من نيته أن يرجع عن قرب فلا يلزم كما لو خرج يتوضأ، أو خرج يكلم أحداً، فلا يلزم أن يكررها، أما لو خرج بنية عدم الرجوع، فهذا إذا رجع ولو بخطوة واحدة يصلي تحية المسجد، فيُفرق بين من خرج ليرجع عن قرب ، وبين من خرج لا ليرجع عن قرب، فالأول لا يحتاج إلى صلاة تحية المسجد، والثاني: يصلي تحية المسجد ولو لم يخط إلا خطوة واحدة.
وفي تعبيرك: كلمة (يلزم) لا تظن أنها واجبة بمعنى: أن الإنسان يأثم بتركها، فإن الظاهر أن تحية المسجد ليست واجبة، لكنها سنة مؤكدة لا ينبغي للإنسان أن يدعها].
الشيخ العلامة ابن عثيمين . (لقاء الباب المفتوح)شريط(224)وجه ب.

وسئل الشيخ العلامة عبد الرزاق عفيفي رحمه الله تعالى :
س: إذا خرج من المسجد لحاجة يسيرة ثم رجع , هل تلزمه تحية المسجد ؟
فقال رحمه الله : (( من خرج من المسجد لحاجة يسيرة ولم يطل الفاصل ثم عاد إلى المسجد كمن خرج ليكلم إنسانا بالخارج ,
أو يشرب ماءً بالخارج لا تلزمه تحية المسجد حتى عند القائلين بالوجوب )) .
المصدر : فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله تعالى ( ص 413 )http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=56653&highlight=

الرد على من يستشهد بقصة مقتل كعب على الاغتيال والقتل الذي حصل في باريس.

الرد على من يستشهد بقصة مقتل كعب على الاغتيال والقتل الذي حصل في باريس.

• نص السؤال : هذا يقول: شيخنا بوركَ فيك، بعضُ أتباع الخوارِج في الغرب يستشهدون بقصة مقتل كعب على الاغتيال والقتل الذي حصلَ في باريس.

• الجواب :
أينَ هذا من ذاك؟! هذا كما قُلنا لكم أمرَ بهِ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ولايته، ثُم إنَّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد عَقَدَ عهدًا بين أهل الإيمان في المدينة وبين يهود، وهذا نقضّهُ بإيذاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإيذاء المُسلمين، ودعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى قتلهِ، وهؤلاء غُرباء في تلكَ البلاد، وقد أُعطوا الأمان بحقّ الإقامة في تلك البلاد ثُمَّ حصَلَ منهم هذا.
أولًا: هؤلاء الذين أساءوا إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حقّهم القتل، والله الذي لا إلهَ غيره، حقّهم القتل، لكن هل هذه الطريقة هي الطريقة الصحيحة؟
نقول: لا، لا، ليس هذا هو الطريق الصحيح، بل هذا شرٌ وفتنةٌ يعودُ أذاه على المُسلمين في هذه البلاد، أعني في فرنسا، وعلى المُسلمين في الغرب الأُوروبي خاصّة،وفي بلاد الغربِ عامّة، أوروبا وأمريكا وغيرها يأتي هذا بالنتائج العكسيّة التي تضّر المسلمين المُقيمين في تلكَ البلاد، هذه واحدة.
ثُمَّ الثانية: هذا يُسيء إلى أهل الإسلام، بل يُسيء إلى الإسلام في تصويرِ أهله على أقبحَ الصوّر التي يُريدُها الكُفّار في تلك البلاد، وهُم مُتحاملون على الإسلام بدونِ هذه الأسباب، فكيف وقد حصلوا على مثلِ هذه الأسباب.
فهذا بهذا النحو لا يجوز لأنَّ فيهِ شرًا على الإسلام والمُسلمين، الفعلُ هذا لا يجوز، وأقولها صريحةً، لا يجوز لأنَّ فيهِ شرًا على أهل الإسلام في شتى أقطار الدنيا.
هل يجوز لمن له أب متوفى أن يعطي مالا لشاب ليؤدي العمرة عن أبيه؟
من أدرك السجود مع الإمام فهل عليه أن يكبر تكبيرة الإحرام ثم يكبر للانتقال؟
• نص السؤال : هذا يقول: شيخنا بوركَ فيك، بعضُ أتباع الخوارِج في الغرب يستشهدون بقصة مقتل كعب على الاغتيال والقتل الذي حصلَ في باريس.

• الجواب :
أينَ هذا من ذاك؟! هذا كما قُلنا لكم أمرَ بهِ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ولايته، ثُم إنَّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد عَقَدَ عهدًا بين أهل الإيمان في المدينة وبين يهود، وهذا نقضّهُ بإيذاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإيذاء المُسلمين، ودعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى قتلهِ، وهؤلاء غُرباء في تلكَ البلاد، وقد أُعطوا الأمان بحقّ الإقامة في تلك البلاد ثُمَّ حصَلَ منهم هذا.
أولًا: هؤلاء الذين أساءوا إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حقّهم القتل، والله الذي لا إلهَ غيره، حقّهم القتل، لكن هل هذه الطريقة هي الطريقة الصحيحة؟
نقول: لا، لا، ليس هذا هو الطريق الصحيح، بل هذا شرٌ وفتنةٌ يعودُ أذاه على المُسلمين في هذه البلاد، أعني في فرنسا، وعلى المُسلمين في الغرب الأُوروبي خاصّة،وفي بلاد الغربِ عامّة، أوروبا وأمريكا وغيرها يأتي هذا بالنتائج العكسيّة التي تضّر المسلمين المُقيمين في تلكَ البلاد، هذه واحدة.
ثُمَّ الثانية: هذا يُسيء إلى أهل الإسلام، بل يُسيء إلى الإسلام في تصويرِ أهله على أقبحَ الصوّر التي يُريدُها الكُفّار في تلك البلاد، وهُم مُتحاملون على الإسلام بدونِ هذه الأسباب، فكيف وقد حصلوا على مثلِ هذه الأسباب.
فهذا بهذا النحو لا يجوز لأنَّ فيهِ شرًا على الإسلام والمُسلمين، الفعلُ هذا لا يجوز، وأقولها صريحةً، لا يجوز لأنَّ فيهِ شرًا على أهل الإسلام في شتى أقطار الدنيا.

• نص السؤال : هذا يقول: شيخنا بوركَ فيك، بعضُ أتباع الخوارِج في الغرب يستشهدون بقصة مقتل كعب على الاغتيال والقتل الذي حصلَ في باريس.

• الجواب :
أينَ هذا من ذاك؟! هذا كما قُلنا لكم أمرَ بهِ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ولايته، ثُم إنَّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد عَقَدَ عهدًا بين أهل الإيمان في المدينة وبين يهود، وهذا نقضّهُ بإيذاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإيذاء المُسلمين، ودعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى قتلهِ، وهؤلاء غُرباء في تلكَ البلاد، وقد أُعطوا الأمان بحقّ الإقامة في تلك البلاد ثُمَّ حصَلَ منهم هذا.
أولًا: هؤلاء الذين أساءوا إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حقّهم القتل، والله الذي لا إلهَ غيره، حقّهم القتل، لكن هل هذه الطريقة هي الطريقة الصحيحة؟
نقول: لا، لا، ليس هذا هو الطريق الصحيح، بل هذا شرٌ وفتنةٌ يعودُ أذاه على المُسلمين في هذه البلاد، أعني في فرنسا، وعلى المُسلمين في الغرب الأُوروبي خاصّة،وفي بلاد الغربِ عامّة، أوروبا وأمريكا وغيرها يأتي هذا بالنتائج العكسيّة التي تضّر المسلمين المُقيمين في تلكَ البلاد، هذه واحدة.
ثُمَّ الثانية: هذا يُسيء إلى أهل الإسلام، بل يُسيء إلى الإسلام في تصويرِ أهله على أقبحَ الصوّر التي يُريدُها الكُفّار في تلك البلاد، وهُم مُتحاملون على الإسلام بدونِ هذه الأسباب، فكيف وقد حصلوا على مثلِ هذه الأسباب.
فهذا بهذا النحو لا يجوز لأنَّ فيهِ شرًا على الإسلام والمُسلمين، الفعلُ هذا لا يجوز، وأقولها صريحةً، لا يجوز لأنَّ فيهِ شرًا على أهل الإسلام في شتى أقطار الدنيا.

http://ar.miraath.net/sites/default/...aady_029_1.mp3http://ar.miraath.net/sites/default/...aady_029_1.mp3

الخلاف في تقدير الإطعام في كفارة اليمين بين الأثر والقياس والعرف

الخلاف في تقدير الإطعام في كفارة اليمين بين الأثر والقياس والعرف

حكاية الخلاف فيها:

وقال البغوي رحمه الله:
واختلفوا في قدره : فذهب قوم إلى أنه يطعم كل مسكين مدا من الطعام بمد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو رطل وثلث من غالب قوت البلد ، وكذلك في جميع الكفارات ، وهو قول زيد بن ثابت وابن عباس وابن عمر ، وبه قال سعيد بن المسيب والقاسم وسليمان بن اليسار وعطاء والحسن .
وقال أهل العراق : عليه لكل مسكين مدان ، وهو نصف صاع ، يروى ذلك عن عمر وعلي رضي الله عنهما .
وقال أبو حنيفة : إن أطعم من الحنطة فنصف صاع ، وإن أطعم من غيرها فصاع ، وهو قول الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير ومجاهد والحكم .
ولو غداهم وعشاهم لا يجوز ، وجوز أبو حنيفة ، ويروى ذلك عن علي رضي الله عنه .
ولا تجوز الدراهم والدنانير ولا الخبز ولا الدقيق ، بل يجب إخراج الحب إليهم ، وجوز أبو حنيفة رضي الله عنه كل ذلك .
ولو صرف الكل إلى مسكين واحد [ لا يجوز ] وجوز أبو حنيفة أن يصرف طعام عشرة إلى مسكين واحد في عشرة أيام ، ولا يجوز أن يصرف إلا إلى مسلم حر محتاج ، فإن صرف إلى ذمي أو عبد أو غني لا يجوز ، وجوز أبو حنيفة صرفها إلى أهل الذمة ، واتفقوا على أن صرف الزكاة إلى أهل الذمة لا يجوز .
قوله تعالى : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) أي : من خير قوت عيالكم ، وقال عبيدة السلماني : الأوسط الخبز والخل ، والأعلى الخبز واللحم ، والأدنى الخبز البحت والكل [ يجزئ

وقال ابن حجر في فتح الباري:
قال ابن بطال: هذا متفق عليه بين العلماء، وإنما اختلفوا في قدر الإطعام فقال الجمهور لكل إنسان مد من طعام بمد الشارع صلى الله عليه وسلم وفرق مالك في جنس الطعام بين أهل المدينة فاعتبر ذلك في حقهم لأنه وسط من عيشهم بخلاف سائر الأمصار فالمعتبر في حق كل منهم ما هو وسط من عيشه وخالفه ابن القاسم فوافق الجمهور.
وذهب الكوفيون إلى أن الواجب إطعام نصف صاع، والحجة للأول أنه صلى الله عليه وسلم أمر في كفارة المواقع في رمضان بإطعام مد لكل مسكين،

حجة من قاسها على غيرها من الكفارات:


وقال الطبري في تفسيره بعد أن حكى الخلاف بين من يقول إن الكفارة نصف صاع أو ربع صاع أو مما يطعم الرجل أهله أو يغديهم ويعشيهم:
وأولى الأقوال في تأويل قوله : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } عندنا قول من قال : من أوسط ما تطعمون أهليكم في القلة والكثرة . وذلك أن أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكفارات كلها بذلك وردت , وذلك كحكمه صلى الله عليه وسلم في كفارة الحلق من الأذى بفرق من طعام بين ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع , وكحكمه في كفارة الوطء في شهر رمضان بخمسة عشر صاعا بين ستين مسكينا لكل مسكين ربع صاع . ولا يعرف له صلى الله عليه وسلم شيء من الكفارات أمر بإطعام خبز وإدام ولا بغداء وعشاء . فإذ كان ذلك كذلك , وكانت كفارة اليمين إحدى الكفارات التي تلزم من لزمته , كان سبيلها سبيل ما تولى الحكم فيه صلى الله عليه وسلم من أن الواجب على مكفرها من الطعام مقدار للمساكين العشرة , محدود بكيل دون جمعهم على غداء أو عشاء مخبوز مأدوم , إذ كانت سنته صلى الله عليه وسلم في سائر الكفارات كذلك . فإذ كان صحيحا ما قلنا بما به استشهدنا , فبين أن تأويل الكلام : ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان , فكفارته إطعام عشرة مساكين من أعدل إطعامكم أهليكم , وأن " ما " التي في قوله : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } بمعنى المصدر , لا بمعنى الأسماء . وإذا كان ذلك كذلك , فأعدل أقوات الموسع على أهله مدان , وذلك نصف صاع في ربعه إدامه , وذلك أعلى ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم في كفارة في إطعام مساكين , وأعدل أقوات المقتر على أهله مد وذلك ربع صاع , وهو أدنى ما حكم به في كفارة في إطعام مساكين . وأما الذين رأوا إطعام المساكين في كفارة اليمين الخبز واللحم وما ذكرنا عنهم قبل , والذين رأوا أن يغدوا أو يعشوا , والذين رأوا أن يغدوا ويعشوا , فإنهم ذهبوا إلى تأويل قوله : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } من أوسط الطعام الذي تطعمونه أهليكم , فجعلوا " ما " التي في قوله : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } اسما لا مصدرا , فأوجبوا على المكفر إطعام المساكين من أعدل ما يطعم أهله من الأغذية . وذلك مذهب لولا ما ذكرنا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكفارات غيرها التي يجب إلحاق أشكالها بها , وأن كفارة اليمين لها نظيرة وشبيهة يجب إلحاقها بها .أو كسوتهم].


ثبوت القول بالإطعام بوجبة عن الصحابة:

وقال ابن كثير في تفسيره:
وقوله : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة : أي من أعدل ما تطعمون أهليكم .

وقال عطاء الخراساني : من أمثل ما تطعمون أهليكم . قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن حجاج ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث ، عن علي قال : خبز ولبن ، خبز وسمن .

وقال ابن أبي حاتم : أنبأنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن سليمان - يعني ابن أبي المغيرة - ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان الرجل يقوت بعض أهله قوت دون ، وبعضهم قوتا فيه سعة ، فقال الله تعالى : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) أي : من الخبز والزيت .

وحدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر ، عن ابن عباس : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) قال : من عسرهم ويسرهم .

وحدثنا عبد الرحمن بن خلف الحمصي ، حدثنا محمد بن شعيب - يعني ابن شابور - ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن التميمي ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عاصم الأحول عن رجل يقال له : عبد الرحمن ، عن ابن عمر أنه قال : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) قال : الخبز واللحم ، والخبز والسمن ، والخبز واللبن ، والخبز والزيت ، والخبز والخل .

وحدثنا علي بن حرب الموصلي ، حدثنا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن ابن سيرين ، عن ابن عمر [ ص: 174 ] في قوله : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) قال : الخبز والسمن ، والخبز والزيت ، والخبز والتمر ، ومن أفضل ما تطعمون أهليكم : الخبز واللحم .

ورواه ابن جرير ، عن هناد وابن وكيع كلاهما عن أبي معاوية . ثم روى ابن جرير ، عن عبيدة والأسود وشريح القاضي ومحمد بن سيرين والحسن والضحاك وأبي رزين : أنهم قالوا نحو ذلك ، وحكاه ابن أبي حاتم ، عن مكحول أيضا .

واختار ابن جرير أن المراد بقوله : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) أي : في القلة والكثرة .

ثم اختلف العلماء في مقدار ما يطعمهم ، فقال ابن أبي حاتم :

حدثنا أبو سعيد ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن حجاج ، عن حصين الحارثي ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي [ رضي الله عنه ] في قوله : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) قال : يغذيهم ويعشيهم .

وقال الحسن ومحمد بن سيرين : يكفيه أن يطعم عشرة مساكين أكلة واحدة خبزا ولحما ، زاد الحسن : فإن لم يجد فخبزا وسمنا ولبنا ، فإن لم يجد فخبزا وزيتا وخلا حتى يشبعوا .

وقال آخرون : يطعم كل واحد من العشرة نصف صاع من بر أو تمر ، ونحوهما . هذا قول عمر وعلي وعائشة ومجاهد والشعبي وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وميمون بن مهران وأبي مالك والضحاك والحاكم ومكحول وأبي قلابة ومقاتل بن حيان .

وقال أبو حنيفة : نصف صاع [ من ] بر ، وصاع مما عداه .

وقد قال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن الثقفي ، حدثنا عبيد بن الحسن بن يوسف ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا زياد بن عبد الله بن الطفيل بن سخبرة ابن أخي عائشة لأمه ، حدثنا عمر بن يعلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كفر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاع من تمر ، وأمر الناس به ، ومن لم يجد فنصف صاع من بر .

ورواه ابن ماجه ، عن العباس بن يزيد ، عن زياد بن عبد الله البكائي ، عن عمر بن عبد الله بن يعلى الثقفي ، عن المنهال بن عمرو به .

لا يصح هذا الحديث لحال عمر بن عبد الله هذا ، فإنه مجمع على ضعفه ، وذكروا أنه كان يشرب الخمر . وقال الدارقطني : متروك .

[ ص: 175 ]

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن إدريس ، عن داود - يعني ابن أبي هند - عن عكرمة ، عن ابن عباس : مد من بر - يعني لكل مسكين - ومعه إدامه .

ثم قال : وروي عن ابن عمر وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء وعكرمة وأبي الشعثاء والقاسم وسالم وأبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار والحسن ومحمد بن سيرين والزهري نحو ذلك .

وقال الشافعي : الواجب في كفارة اليمين مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم لكل مسكين . ولم يتعرض للأدم - واحتج بأمر النبي صلى الله عليه وسلم للذي جامع في رمضان بأن يطعم ستين مسكينا من مكيل يسع خمسة عشر صاعا لكل واحد منهم مد .

وقد ورد حديث آخر صريح في ذلك ، فقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا أحمد بن علي بن الحسن المقري ، حدثنا محمد بن إسحاق السراج ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا النضر بن زرارة الكوفي ، عن عبد الله بن عمر العمري ، عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقيم كفارة اليمين مدا من حنطة بالمد الأول .

إسناده ضعيف ، لحال النضر بن زرارة بن عبد الأكرم الذهلي الكوفي نزيل بلخ قال فيه أبو حاتم الرازي : هو مجهول مع أنه قد روى عنه غير واحد . وذكره ابن حبان في الثقات وقال : روى عنه قتيبة بن سعيد أشياء مستقيمة ، فالله أعلم . ثم إن شيخه العمري ضعيف أيضا .

وقال أحمد بن حنبل : الواجب مد من بر ، أو مدان من غيره . والله أعلم .

تقدير المد:

قال الحافظ في الفتح:
arrow_topباب صَاعِ الْمَدِينَةِ وَمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَرَكَتِهِ وَمَا تَوَارَثَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذَلِكَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ
الشرح:
قوله (باب صاع المدينة ومد النبي صلى الله عليه وسلم وبركته) أشار في الترجمة إلى وجوب الإخراج في الواجبات بصاع أهل المدينة لأن التشريع وقع على ذلك أولا وأكد ذلك بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالبركة في ذلك.
قوله (وما توارث أهل المدينة من ذلك قرنا بعد قرن) أشار بذلك إلى أن مقدار المد والصاع في المدينة لم يتغير لتواتره عندهم إلى زمنه، وبهذا احتج مالك على أبي يوسف في القصة المشهورة بينهما فرجع أبو يوسف عن قول الكوفيين في قدر الصاع إلى قول أهل المدينة.
الحديث:
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدًّا وَثُلُثًا بِمُدِّكُمْ الْيَوْمَ فَزِيدَ فِيهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
الشرح:
قوله (كان الصاع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مدا وثلثا بمدكم اليوم، فزيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز) قال ابن بطال: هذا يدل على أن مدهم حين حدث به السائب كان أربعة أرطال فإذا زيد عليه ثلثه وهو رطل وثلث قام منه خمسة أرطال وثلث وهو الصاع بدليل أن مده صلى الله عليه وسلم رطل وثلث وصاعه أربعة أمداد، ثم قال مقدار ما زيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز لا نعلمه، وإنما الحديث يدل على أن مدهم ثلاثة أمداد بمده انتهى، ومن لازم ما قال أن يكون صاعهم ستة عشر رطلا لكن لعله لم يعلم مقدار الرطل عندهم إذ ذاك، وقد تقدم في " باب الوضوء بالمد " من كتاب الطهارة بيان الاختلاف في مقدار المد والصاع، ومن فرق بين الماء وغيره من المكيلات فخص صاع الماء بكونه ثمانية أرطال ومده برطلين فقصر الخلاف على غير الماء من المكيلات.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْجَارُودِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ وَهْوَ سَلْمٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي زَكَاةَ رَمَضَانَ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُدِّ الْأَوَّلِ وَفِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ لَنَا مَالِكٌ مُدُّنَا أَعْظَمُ مِنْ مُدِّكُمْ وَلَا نَرَى الْفَضْلَ إِلَّا فِي مُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لِي مَالِكٌ لَوْ جَاءَكُمْ أَمِيرٌ فَضَرَبَ مُدًّا أَصْغَرَ مِنْ مُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُعْطُونَ قُلْتُ كُنَّا نُعْطِي بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَفَلَا تَرَى أَنَّ الْأَمْرَ إِنَّمَا يَعُودُ إِلَى مُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح:
قوله (حدثنا أبو قتيبة وهو سلم) بفتح المهملة وسكون اللام.
وفي رواية الدار قطني من وجه آخر عن المنذر " حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة".
قلت: وهو الشعيري بفتح الشين المعجمة وكسر المهملة بصري أصله من خراسان أدركه البخاري بالسن ومات قبل أن يلقاه، وهو غير سلم بن قتيبة الباهلي ولد أمير خراسان قتيبة بن مسلم وقد ولي هو إمرة البصرة وهو أكبر من الشعيري ومات قبله بأكثر من خمسين سنة.
قوله (المد الأول) هو نعت مد النبي صلى الله عليه وسلم وهي صفة لازمة له، وأراد نافع بذلك أنه كان لا يعطي بالمد الذي أحدثه هشام، قال ابن بطال: وهو أكبر من مد النبي صلى الله عليه وسلم بثلثي رطل وهو كما قال فإن المد الهشامي رطلان والصاع منه ثمانية أرطال.
قوله (قال لنا مالك) هو مقول أبي قتيبة وهو موصول.
قوله (مدنا أعظم من مدكم) يعني في البركة أي مد المدينة وإن كان دون مد هشام في القدر لكن مد المدينة مخصوص بالبركة الحاصلة بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لها فهو أعظم من مد هشام، ثم فسر مالك مراده بقوله: ولا ترى الفضل إلا في مد النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله (وقال لي مالك لو جاءكم أمير إلخ) أراد مالك بذلك إلزام مخالفه إذ لا فرق بين الزيادة والنقصان في مطلق المخالفة، فلو احتج الذي تمسك بالمد الهشامي في إخراج زكاة الفطر وغيرها مما شرع إخراجه بالمد كإطعام المساكين في كفارة اليمين بأن الأخذ بالزائد أولى، قيل: كفى باتباع ما قدره الشارع بركة، فلو جازت المخالفة بالزيادة لجازت مخالفته بالنقص، فلما امتنع المخالف من الأخذ بالناقص قال له أفلا ترى أن الأمر إنما يرجع إلى مد النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه إذا تعارضت الأمداد الثلاثة الأول والحادث وهو الهشامي وهو زائد عليه والثالث المفروض وقوعه وإن لم يقع وهو دون الأول كان الرجوع إلى الأول أولى لأنه الذي تحققت شرعيته.
قال ابن بطال: والحجة فيه نقل أهل المدينة له قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل، قال: وقد رجع أبو يوسف بمثل هذا في تقدير المد والصاع إلى مالك وأخذ بقوله.

ثم قالفي الفتح أيضا:

الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ وَصَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ
الشرح:
حديث أنس في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم بارك لهم في مكيالهم وصاعهم ومدهم " وقد تقدم في البيوع عن القعنبي عن مالك وزاد في آخره " يعني أهل المدينة " وكذا عند رواة الموطأ عن - مالك قال ابن المنير: يحتمل أن تختص هذه الدعوة بالمد الذي كان حينئذ حتى لا يدخل المد الحادث بعده ويحتمل أن تعم كل مكيال لأهل المدينة إلى الأبد، قال والظاهر الثاني، كذا قال، وكلام مالك المذكور في الذي قبله يجنح إلى الأول وهو المعتمد.
وقد تغيرت المكاييل في المدينة بعد عصر مالك وإلى هذا الزمان، وقد وجد مصداق الدعوة بأن بورك في مدهم وصاعهم بحيث اعتبر قدرهما أكثر فقهاء الأمصار ومقلدوهم إلى اليوم في غالب الكفارات، وإلى هذا أشار المهلب والله أعلم.

رأي شيخ الإسلام:


ورد شيخ الإسلام الخلاف في ما يجزئ في كفارة اليمين إلى العرف أي ما يدخل تحت مسمى الإطعام على ما جاء في الآية فجاء عند شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى » الفقه » باب الأيمان والنذور » كفارة اليمينالجزء 35:

وسئل رحمه الله تعالى عن رجل حلفت عليه والدته أن لا يصالح زوجته . وإن صالحها ما ترجع تكلمه : فما يجب في أمره وصالح زوجته وأمر والدته في الشرع المطهر ؟
فأجاب : إذا صالح زوجته كما أمر الله ورسوله فينبغي لها أن تكلمه وتكفر عن يمينها . وكفارة اليمين إما عتق رقبة وإما إطعام عشرة مساكين لكل مسكين رطلان من الخبز . وينبغي أن يأدمه مما يؤكل بالموز والجبن واللحم وغيره وإما كسوة عشرة مساكين ثوبا ثوبا . ويجوز أن يكفر عنها بإذنها الحالف أو زوجته .
وقال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى كفارة اليمين هي المذكورة في سورة المائدة قال تعالى : { فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } فمتى كان واجدا فعليه أن يكفر بإحدى الثلاث ; فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام . وإذا اختار أن يطعم عشرة مساكين فله ذلك . " ومقدار ما يطعم " مبني على أصل وهو أن إطعامهم : هل هو مقدر بالشرع ؟ أو بالعرف ؟ فيه قولان للعلماء . منهم من قال : هو " مقدر بالشرع " وهؤلاء على أقوال . منهم من قال : يطعم كل مسكين صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو نصف صاع من بر ; كقول أبي حنيفة وطائفة . ومنهم من قال : يطعم كل واحد نصف صاع من تمر وشعير أو ربع صاع من بر ; وهو مد كقول أحمد وطائفة . ومنهم من قال : بل يجزئ في الجميع مد من الجميع كقول الشافعي وطائفة . " والقول الثاني " أن ذلك مقدر بالعرف لا بالشرع ; فيطعم أهل كل بلد من أوسط ما يطعمون أهليهم قدرا ونوعا .

وهذا معنى قول مالك قال إسماعيل [ ص: 350 ] بن إسحاق : كان مالك يرى في كفارة اليمين أن المد يجزئ بالمدينة قال مالك : وأما البلدان فإن لهم عيشا غير عيشنا فأرى أن يكفروا بالوسط من عيشهم ; لقول الله تعالى : { من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم } وهو مذهب داود وأصحابه مطلقا . والمنقول عن أكثر الصحابة والتابعين هذا القول ; ولهذا كانوا يقولون الأوسط خبز ولبن خبز وسمن خبز وتمر . والأعلى خبز ولحم . وقد بسطنا الآثار عنهم في غير هذا الموضع وبينا أن هذا القول هو الصواب الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار وهو قياس مذهب أحمد وأصوله فإن أصله أن ما لم يقدره الشارع فإنه يرجع فيه إلى العرف وهذا لم يقدره الشارع فيرجع فيه إلى العرف لا سيما مع قوله تعالى { من أوسط ما تطعمون أهليكم } فإن أحمد لا يقدر طعام المرأة والولد ولا المملوك ; ولا يقدر أجرة الأجير المستأجر بطعامه وكسوته في ظاهر مذهبه ولا يقدر الضيافة الواجبة عنده قولا واحدا ولا يقدر الضيافة المشروطة على أهل الذمة للمسلمين في ظاهر مذهبه : هذا مع أن هذه واجبة بالشرط فكيف يقدر طعاما واجبا بالشرع ؟ بل ولا يقدر الجزية في أظهر الروايتين عنه ولا الخراج ; ولا يقدر أيضا الأطعمة الواجبة مطلقا سواء وجبت بشرع أو شرط ولا غير الأطعمة مما وجبت مطلقا . فطعام الكفارة أولى أن لا يقدر . [ ص: 351 ]

و " الأقسام ثلاثة " فما له حد في الشرع أو اللغة رجع في ذلك إليهما . وما ليس له حد فيهما رجع فيه إلى العرف ; ولهذا لا يقدر للعقود ألفاظا بل أصله في هذه الأمور من جنس أصل مالك كما أن قياس مذهبه أن مذهبه أن يكون الواجب في صدقة الفطر نصف صاع من بر وقد دل على ذلك كلامه أيضا كما قد بين في موضع آخر ; وإن كان المشهور عنه تقدير ذلك بالصاع كالتمر والشعير . وقد تنازع العلماء في " الأدم " هل هو واجب أو مستحب ؟ على قولين . والصحيح أنه إن كان يطعم أهله بأدم أطعم المساكين بأدم . وإن كان إنما يطعم بلا أدم لم يكن له أن يفضل المساكين على أهله بل يطعم المساكين من أوسط ما يطعم أهله . وعلى هذا فمن البلاد من يكون أوسط طعام أهله مدا من حنطة كما يقال عن أهل المدينة وإذا صنع خبزا جاء نحو رطلين بالعراقي وهو بالدمشقي خمسة أواق وخمسة أسباع أوقية فإن جعل بعضه أدما كما جاء عن السلف كان الخبز نحوا من أربعة أواق وهذا لا يكفي أكثر أهل الأمصار ; فلهذا قال جمهور العلماء : يطعم في غير المدينة أكثر من هذا : إما مدان أو مد ونصف على قدر طعامهم فيطعم من الخبز إما نصف رطل بالدمشقي وإما ثلثا رطل وإما رطل وإما أكثر . إما مع الأدم على قدر عادتهم في الأكل في وقت ; فإن عادة الناس تختلف بالرخص [ ص: 352 ] والغلاء واليسار والإعسار وتختلف بالشتاء والصيف وغير ذلك . وإذا حسب ما يوجبه أبو حنيفة خبزا كان رطلا وثلثا بالدمشقي ; فإنه يوجب نصف صاع عنده ثمانية أرطال .

وأما ما يوجبه من التمر والشعير فيوجب صاعا ثمانية أرطال وذلك بقدر ما يوجبه الشافعي ست مرات وهو بقدر ما يوجبه أحمد بن حنبل ثلاث مرات . والمختار أن يرجع في ذلك إلى عرف الناس وعادتهم فقد يجزئ في بلد ما أوجبه أبو حنيفة وفي بلد ما أوجبه أحمد وفي بلد آخر ما بين هذا وهذا على حسب عادته ; عملا بقوله تعالى : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } . وإذا جمع عشرة مساكين وعشاهم خبزا وأدما من أوسط ما يطعم أهله أجزأه ذلك عند أكثر السلف وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين وغيرهم وهو أظهر القولين في الدليل فإن الله تعالى أمر بإطعام ; لم يوجب التمليك وهذا إطعام حقيقة . ومن أوجب " التمليك " احتج بحجتين " إحداهما " أن الطعام الواجب مقدر بالشرع ولا يعلم إذا أكلوا أن كل واحد يأكل قدر حقه . و " الثانية " أنه بالتمليك يتمكن من التصرف الذي لا يمكنه مع الإطعام . وجواب الأولى أنا لا نسلم أنه مقدر بالشرع ; وإن قدر أنه مقدر به فالكلام [ ص: 353 ] إنما هو إذا أشبع كل واحد منهم غداء وعشاء وحينئذ فيكون قد أخذ كل واحد قدر حقه وأكثر . وأما التصرف بما شاء فالله تعالى لم يوجب ذلك إنما أوجب فيها التمليك لأنه ذكرها باللام بقوله تعالى : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } ولهذا حيث ذكر الله التصرف بحرف الظرف كقوله : { وفي الرقاب } { وفي سبيل الله } فالصحيح أنه لا يجب التمليك ; بل يجوز أن يعتق من الزكاة وإن لم يكن ذلك تمليكا للمعتق ويجوز أن يشتري منها سلاحا يعين به في سبيل الله وغير ذلك ولهذا قال من قال من العلماء الإطعام أولى من التمليك ; لأن المملك قد يبيع ما أعطيته ولا يأكله ; بل قد يكنزه فإذا أطعم الطعام حصل مقصود الشارع قطعا .

وغاية ما يقال : أن التمليك قد يسمى إطعاما كما يقال ; { أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم الجدة السدس } وفي الحديث : { ما أطعم الله نبيا طعمة إلا كانت لمن يلي الأمر بعده } لكن يقال : لا ريب أن اللفظ يتناول الإطعام المعروف بطريق الأولى ولأن ذلك إنما يقال إذا ذكر المطعم فيقال : أطعمه كذا . فأما إذا أطلق وقيل : أطعم هؤلاء المساكين . فإنه لا يفهم منه إلا نفس الإطعام لكن لما كانوا يأكلون ما يأخذونه سمي التمليك للطعام إطعاما ; لأن المقصود هو الإطعام . أما إذا كان المقصود مصرفا غير الأكل فهذا لا يسمى إطعاما عند الإطلاق .

وقال الشيخ ابن عثيمين عن مرجعية التقدير في الإطعام في الشرح الممتع على زاد المستقنع - المجلد الخامس عشر:

وقوله: «بين إطعام عشرة مساكين» المسكين هنا يتناول الفقير، وهو من لا يجد كفايته وكفاية عائلته لمدة سنة.
والإطعام له كيفيتان:
الأولى: أن يصنع طعاماً يكفي عشرة مساكين ـ غداء أو عشاءً ـ ثم يدعوهم؛ وذلك لأن الله ـ تعالى ـ أطلق فقال: {{إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}} فإذا صنع طعاماً وتغدّوا، أو تعشوا فقد أطعمهم.
الثانية: التقدير، وقد قدَّرناه بنحو كيلو من الأرز لكل واحد، فيكون عشرة كيلوات للجميع، ويحسن في هذه الحال أن يجعل معه ما يؤدِّمه من لحم أو نحوه، ليتم الإطعام؛ لأن الله تعالى يقول: {{إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}}.
فإن قيل: ما الدليل على تقديره بالكيلو؟ ولماذا لا نقول: نعطيه ما يسد كفايته؟
في الحقيقة ليس هناك دليل واضح في الموضوع، إلا أن يقول قائل: إن دليلنا حديث كعب بن عُجرة ـ رضي الله عنه ـ، حين أذن له النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يحلق، ويطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع[(131)]، فعيَّن لكل مسكين نصف صاع، فيقاس عليه البقية، والمسألة تقريبية، وليست حدّاً معروفاً.
وإذا تأملت وجدت أن الإطعام، والمطعم له ثلاث حالات:
تارة يقدَّر المعطى دون الآخذ، وتارة يقدر الآخذ دون المعطى، وتارة يقدر المعطى والآخذ:
مثال ما قُدر فيه المعطى دون الآخذ: زكاة الفطر، فهي مقدرة بصاع على كل شخص، لكن لم يقدر فيها من يدفع له، ولهذا يجوز أن توزع الفطرة على أكثر من مسكين، ويجوز أن تعطى عدة فطرات لمسكين واحد، فهذا قدر فيه المعطى دون الآخذ، وإن شئت قلت: قدر فيه المدفوع دون المدفوع إليه.
ومثال ما قدِّر فيه المدفوع والمدفوع إليه: فدية الأذى، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع» (1) .
ومثال ما قدر فيه المدفوع إليه دو ن المدفوع: كفارة اليمين، ولهذا قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: ما دام الشرع لم يقدر لنا، فإن http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=57201&highlight=ما يسمى إطعاماً يكون مجزئاً، حتى الغداء أو العشاء.
http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18268.shtml

(فَما بينَهُما أَبْعَدُ مِمَّا بين السَّماءِ والأرضِ )

(فَما بينَهُما أَبْعَدُ مِمَّا بين السَّماءِ والأرضِ )

371(22) (صحيح) وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال كان رجلان أخوان فهلك أحدهما قبل صاحبه بأربعين ليلة فذكرت فضيلة الأول منهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألم يكن الآخر مسلما قالوا بلى وكان لا بأس به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وما يدريكم ما بلغت
به صلاته إنما مثل الصلاة كمثل نهر عذب غمر بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات فما ترون في ذلك يبقي من درنه فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته
رواه مالك واللفظ له وأحمد بإسناد حسن والنسائي وابن خزيمة في صحيحه إلا أنه قال عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال سمعت سعدا وناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون كان رجلان أخوان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أحدهما أفضل من الآخر فتوفي الذي هو أفضلهما ثم عمر الآخر بعد أربعين ليلة ثم توفي فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألم يكن يصلي قالوا بلى يا رسول الله وكان لا بأس به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وماذا يدريكم ما بلغت به صلاته
الحديث
372(23) (حسن صحيح)وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رجلان من بلي حي من قضاعة أسلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشهد أحدهما وأخر الآخر سنة
قال طلحة بن عبيد الله فرأيت المؤخر منهما أدخل الجنة قبل الشهيد فتعجبت لذلك فأصبحت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم أو ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أليس قد صام بعده رمضان وصلى ستة آلاف ركعة وكذا وكذا ركعة صلاة سنة
رواه أحمد بإسناد حسن
373(24) (صحيح لغيره) ورواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقي كلهم عن طلحة بنحوه أطول منه وزاد ابن ماجه وابن حبان في آخره فلما بينهما أبعد من السماء والأرض
منقول من: صحيح الترغيب والترهيب.

ولفظ ابن ماجه:
عَنْ طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنَّ رَجُلَيْنِ من بَلِيٍّ قَدِما على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وكان إِسْلامُهُما جَمِيعًا ، فكانَ أحدُهُما أَشَدَّ اجْتِهادًا مِنَ الآخَرِ ، فَغَزَا المُجْتَهِدُ مِنْهُما فَاسْتُشْهِدَ ثُمَّ مَكَثَ الآخَرُ بعدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ.
قال طلحةُ : فَرأيْتُ في المنامِ بَيْنا أنا عندَ بابِ الجنةِ إذا أنا بِهما ، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الجنةِ فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الآخِرَ مِنْهُما !! ثُمَّ خرجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ ! ثُمَّ رجعَ إِلَيَّ فقال : (ارْجِعْ فإنَّكَ لمْ يَأْنِ لكَ بَعْدُ).
فَأصبحَ طلحةُ يُحَدِّثُ بهِ الناسَ فَعَجِبُوا لِذلكَ ، فَبَلَغَ ذلكَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وحَدَّثُوهُ الحَدِيثَ، فقال : (من أَيِّ ذلكَ تَعْجَبُونَ)؟ فَقَالوا : يا رسولَ اللهِ هذا كان أَشَدَّ الرجلَيْنِ اجْتِهادًا ثُمَّ اسْتُشْهِدَ، ودخلَ هذا الآخِرُ الجنةَ قبلَهُ ؟!
فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( أَلَيْسَ قد مَكَثَ هذا بعدَهُ سَنَةً) ؟ قالوا : بلى . قال : (وأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصامَ وصلَّى كذا وكذا من سَجْدَةٍ في السَّنَةِ)؟ قالوا : بلى. قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (فَما بينَهُما أَبْعَدُ مِمَّا بين السَّماءِ والأرضِ ) صحيح ابن ماجة.

قال الألباني رحمه الله:

والآن نقرأ عليكم الحديث ذي الرقم خمس وأربعين في نسختي وهو حديث صحيح وهو قوله وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رجلان من بلي حي من قضاعة أسلما مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فاستشهد أحدهما وأخر الآخر سنة ، قال طلحة بن عبيد الله فرأيت المؤخر منهما أدخل الجنة قبل الشهيد .
كذلك هنا جملة سقطت إما من المؤلف وإما من الناسخ أو الطابع وهي فأريت الجنة فتصبح العبارة قال طلحة بن عبيد الله فأريت الجنة فرأيت المؤخر منهما .
يعني رأى في المنام أنه دخل الجنة أو رأى الجنة ورأى فيها هذا الرجل الذي تأخر في الوفاة عن الشهيد فقال أدخل الجنة قبل الشهيد فتعجبت لذلك فأصبحت فذكرت للنبي صلى الله عليه و سلم هكذا أيضا هنا العبارة وصوابها كما في مصدر الحديث فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أليس قد صام بعده رمضان وصلى ستة آلاف ركعة وكَذاوكذا ركعة صلاة سنة ) .رواه أحمد بإسناد حسن ورواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه البيهقي، كلهم عن طلحة بنحوه أطول منه وزاد ابن ماجة وابن حبان في آخره ( فما بينهما أبعد ما بين السماء والأرض ) .
هذا الحديث في الواقع شرح تاريخي واقعي لذاك الحديث الصحيح ( خيركم من طال عمره وحسن عمله )، فهذان رجلان أسلما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فاستشهد أحدهما مات في سبيل الله شهيدا وعاش الآخر من بعده سنة كاملة ، فرأى طلحة ابن عبيد الله وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة كما هو معروف، رأى في المنام الجنة ورأى فيها ذلك الرجل المتأخر وفاة والذي لم يمت استشهاداً رآه قد دخل الجنة أي قبل ذلك الذي مات شهيداً ، فالواقع أنه كما قال هو تعجبت من ذلك لأن المفروض أن الشهيد هو الأسبق دخولاً ، فتعجبه مما رآه بخلاف ما كان يظنه حيث رأى المتأخر في الوفاة بدون استشهاد سبق الذي مات شهيداً في الدخول إلى الجنة ... .
فحمله تعجبه ذلك أن ذكر الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم فشرح له القضية حتى زال تعجبه بقوله أليس قد صام بعده رمضان أي إنه عاش سنة فاكتسب فيها فضيلة صيام هذا الشهر المبارك ، ثم أليس أيضاً قد صلى ستة آلاف ركعة لم يصلها ذاك الذي مات شهيداً وهذا أجر كبير وهو عليه السلام في قوله صلى ستة آلاف ركعة فهو يشير إلى عدد ركعات الفرائض الخمس التي لا بد للمسلم أن يصليها في كل يوم وليلة ، وقوله عليه الصلاة والسلام عطفاً على قوله ( وصلى ستة آلاف ركعة ) وكَذا وكذا ركعة صلاة سنة ، إما أن يعني بهذا العطف وهو قوله وكَذا وكذا ركعة على الستة آلاف هو تحرير الضرب والجمع للصلوات الخمس في ثلاثمائة وخمس وستين يوماً وضرب هذا الحاصل بعدد الركعات سبعة عشر ركعة فيكون الحاصل ستة آلاف ومائتان وخمس ، فإما أن يعني بقوله ستة آلاف وكذا وكَذا هذه الزيادة وإما أن يعني أكثر من ذلك بأن المسلم المفروض أنه لا يقتصر على أن يصلي فقط الخمس صلوات المفروضة بل هو يضيف إلى ذلك شيئاً من السنن لا سيّما ما كان منها من الرواتب وذلك من باب الاحتياط كما دل على ذلك حديث الرسول عليه الصلاة والسلام أن المسلم يوم القيامة حينما يحاسب فأول ما يحاسب عليه الصلاة فإذا تمت صلاته كمّاً وكيفاً فقد أفلح وأنجح أما إذا نقصت أيضا كمّاً وكيفاً فقد خاب وخسر ، في هذه الحالة الأخرى ربنا عز وجل بفضله ورحمته بعباده يأمر الملائكة أن ينظروا في صحيفة هذا العبد الخاسر بسبب نقصان وقع له في صلاة الفريضة أن ينظروا إذا كان له من التطوع من التنفل فيُتمّوا له بهذا التنفل فريضته ، لذلك فينبغي على المسلم ألا يكون قنوعا على مذهب ذلك الأعرابي الذي لما سأل الرسول عليه السلام عما فرض الله عليه في كل يوم وليلة فلما أجابه بأنها خمس صلوات قال والله يا رسول الله لا أزيد عليهن ولا أنقص ومع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال مشجعا لهذا الإنسان على الثبات في قوله والله يا رسول الله لا أزيد عليهن ولا أنقص فقال عليه السلام ( أفلح الرجل إن صدق دخل الجنة إن صدق ) ، فهذا لا ينافي أن يحتاط الإنسان لصلاته ولعبادته فيكثر ما استطاع من التطوع خشية أن يقع في فريضته من ذلك النقص الذي سبقت الإشارة إليه ، فقوله عليه الصلاة والسلام في هذا الذي تأخر موتاً وتقدم إلى الجنة دخولاً ( أليس قد صلى ستة آلاف ركعة وكذا وكَذا ركعة ) إما أن يعني فقط مجموع ركعات الفرائض وإما أن يعني زيادة أخرى على ذلك من التطوع والنوافل وهذا هو الأفضل بالنسبة لكل مسلم لا سيّما في زماننا هذا حيث أن المفاتن والمفاسد والمهلكات من أنواع شتى تتكاثر على الإنسان فتفسد عليه كثيراً من عبادته وطاعته فلا بد أن يكون عنده شيء من الاحتياطي من العبادة حتى ينجح يوم القيامة ولو بتسديد شيء بدل شيء مما ضيعه أو تهاون فيه ، فإذن هذا الحديث يوضح للمسلم كيف أن حياة الإنسان المسلم الطويلة إذا أحسن عملاً هي خير له من حياته القصيرة ، ومن أجل ذلك سيأتي بعد أحاديث تنهى المسلم عن أن يتمنى الموت ، ومن هنا يظهر كيف أن الإسلام يعالج في أتباعه الأمراض النفسية التي تجلّى في عصرنا هذا أثرها في الناس مع توفر كل أسباب الحياة المادية والرفاهية فيها ومع ذلك تجدهم مضطربين في
حياتهم أشد الاضطراب مصداقاً لقول الله عزوجل (( و فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى )) فمعيشة الضنك ليست في شغف العيش كما يتوهم كثير من قاصري العقل والفكر وناقصي الدين ، وإنما الضنك يأتي ولو كان صاحبه يعيش في أهنأ حياة مادية .
الإسلام في مثل هذه الأحاديث يطمئن المسلم أن حياته الطويلة هي خيٌر له مhttp://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=58077&highlight=ا دام أنه يحسن عملا ولو كانت حياته من الناحية المادية ضنكاً فستنقلب هذه الحياة بالنسبة إليه يوم القيامة حياة رفاهية على عكس حياة الكفار في هذه البلاد فهم يعيشون الآن في رفاهية ولكنهم في الآخرة كما سمعتم في الآية السابقة (( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى )) إلى آخر الآية .
منقول من: أشرطة متفرقة للشيخ الألباني رحمه الله » الشريط رقم : 027

الأربعاء، 30 سبتمبر 2015

الصاع المعتبر شرعا في الكفارات وزكاة الفطر وغيرها هل هو توقيفي أم يخضع للاجتهاد؟

الصاع المعتبر شرعا في الكفارات وزكاة الفطر وغيرها هل هو توقيفي أم يخضع للاجتهاد؟



" الوزن وزن أهل مكة ,و المكيال مكيال أهل المدينة " .

هذا حديث صحيح، الصحيحة (165) ، الإرواء (1342) ، أحاديث البيوع
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 267 :
رواه ابن الأعرابي في " معجمه " ( 167 / 2 ) و أبو داود ( 2340 ) و النسائي
( 7 / 281 المطبعة المصرية ) و ابن حبان ( 1105 ) و الطبراني ( 3 / 202 / 1 )
و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 99 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 20 )
و البيهقي ( 6 / 31 ) من طريقين عن سفيان عن حنظلة عن طاووس عن #
ابن عمر # مرفوعا .
قوله المكيال على مكيال أهل المدينة أي الصاع الذي يتعلق به وجوب الكفارات
و يجب إخراج صدقة الفطر به صاع المدينة وكانت الصيعان مختلفة في البلاد ، و
المراد بالوزن وزن الذهب والفضة فقط أي الوزن المعتبر في باب الزكاة وزن أهل
مكة وهي الدراهم التي العشرة منها بسبعة مثاقيل وكانت الدراهم مختلفة
الأوزان في البلاد وكانت دراهم أهل مكة هي الدراهم المعتبرة في باب الزكاة .

وقال في السلسلة الصحيحة أيضا:

165- ( الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ) .
قال الإمام الطحاوي رحمه الله : ( تأملنا هذا الحديث , فوجدنا مكة لم يكن بها ثمرة ولا زرع حينئذ , وكذلك كانت قبل ذلك الزمان ألا ترى إلى قول إبراهيم عليه السلام (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) إبراهيم 37 , وإنما كانت بلد متجر , يوافي الحاج إليها بتجارات فيبيعونها هناك , وكانت المدينة بخلاف ذلك , لأنها دار النخل , ومن ثمارها حياتهم , وكانت الصدقات تدخلها , فيكون الواجب فيها من صدقة تؤخذ كيلاً , فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأمصار كلها لهذين المصرين أتباعاً , وكان الناس يحتاجون إلى الوزن في أثمان ما يبتاعون , وفيما سواها مما يتصرفون فيه من العروض ومن أداء الزكوات وما سوى ذلك مما يستعملونه , فيما يسلمونه فيه من غيره من الأشياء التي يكيلونها , وكانت السنة قد منعت من إسلام موزون في موزون , ومن إسلام مكيل في مكيل , وأجازت إسلام المكيل في موزون , والموزون في مكيل , ومنعت من بيع الموزون بلموزون , إلا مثلاً بمثل , ومن بيع المكيل بالمكيل , إلا مثلاً بمثل , وكان الوزن في ذلك أصله مكان عليه كان بمكة , والمكيال مكيال أهل المدينة , لا يتغير عن ذلك , وإن غيره الناس عما كان عليه إلى ما سواه من ضده , فيرحبون بذلك إلى معرفة الأشياء المكيلات التي لها حكم المكيال إلى ماكان عليه أهل المكاييل فيها يومئذ , وفي الأشياء الموزونات إلى ماكان عليه أهل الميزان يومئذ , وأن أحكامها لا تتغير عن ذلك ولا تنقلب عنها إلى أضدادها ) .
قلت : ومن ذلك يتبين لنا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو أول من وضع أصل توحيد الموازين والمكاييل , ووجه المسلمين إلى الرجوع في ذلك إلى أهل هذين البلدين المفضلين : مكة المكرمة والمدينة المنورة .
فليتأمل العاقل هذا , ولينظر حال المسلمين اليوم واختلافهم في مكاييلهم وموازينهم , على أنواع شتى , بسبب هجرهم لهذا التوجيه النبوي الكريم , ولما شعر بعض المسؤولين في بعض الدول العربية المسلمة بسوء هذا الاختلاف , اقترح البعض عليهم توحيد ذلك وغيره كالمقاييس بالرجوع إلى عرف الكفار فيها , فوا أسفاه , لقد كنا سادة وقادة لغيرنا بعلمنا وتمسكنا بشريعتنا , وإذا بنا اليوم أتباع ومقلدون , ولمن ؟ لمن كانوا في الأمس القريب يقلدوننا , ويأخذون العلوم عنا , ولكن لا بد لهذا الليل من أن ينجلي , ولا بد للشمس أن تشرق مرة أخرى , وها قد لا حت تباشير الصبح , وأخذت بعض الدول الإسلامية تعتمد على نفسها في كل شؤون حياتها , بعد أن كانت فيها عالة على غيرها , ولعلها تسير في ذلك على هدي كتاب ربها وسنة نبيها , ولله في خلقه شؤون. ا.ه رحمه الله

وفي سنن النسائي:
4594 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْمُلَائِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، ح وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمِكْيَالُ عَلَى مِكْيَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْوَزْنُ عَلَى وَزْنِ أَهْلِ مَكَّةَ»، وَاللَّفْظُ لِإِسْحَاقَ

قال السندي في الحاشية:

الْمِكْيَال على مكيال أهل الْمَدِينَة أَي الصَّاع الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ وجوب الْكَفَّارَات وَيجب إِخْرَاج صَدَقَة الْفطر بِهِ صَاع الْمَدِينَة وَكَانَت الصيعان مُخْتَلفَة فِي الْبِلَاد وَالْوَزْن الخ المُرَاد وزن الذَّهَب وَالْفِضَّة فَقَط وَالْمرَاد أَن الْوَزْن الْمُعْتَبر فِي بَاب الزَّكَاة وزن أهل مَكَّة وَهِي الدَّرَاهِم الَّتِي الْعشْرَة مِنْهَا بسبعة مَثَاقِيل وَكَانَت الدَّرَاهِم مُخْتَلفَة الأوزان فِي الْبِلَاد وَكَانَت دَرَاهِم أهل مَكَّة هِيَ الدَّرَاهِم الْمُعْتَبرَة فِي بَاب الزَّكَاة فأرشد صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَلِك لهَذَا الْكَلَام كَمَا أرشد إِلَى بَيَان الصَّاع الْمُعْتَبر فِي بَاب الْكَفَّارَات وَصدقَة الْفطر بِمَا سبق وَالله تَعَالَى أعلم ا.ه رحمه الله



وفي سنن أبي داود » كتاب البيوع » باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم المكيال مكيال المدينة
3340 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن دكين حدثنا سفيان عن حنظلة عن طاوس عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة قال أبو داود وكذا رواه الفريابي وأبو أحمد عن سفيان وافقهما في المتن و قال أبو أحمد عن ابن عباس مكان ابن عمر ورواه الوليد بن مسلم عن حنظلة قال وزن المدينة ومكيال مكة قال أبو داود واختلف في المتن في حديث مالك بن دينار عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا

قال العظيم آبادي في عون المعبود مثبتا للحديث وشارحا:
( ابن دكين ) مصغر هو فضل بن دكين ثقة حافظ ( أخبرنا سفيان ) هو الثوري ( عن حنظلة ) بن أبي سفيان الجمحي ( الوزن ) أي المعتبر ( وزن أهل مكة ) لأنهم أهل تجارات ، فعهدهم بالموازين وعلمهم بالأوزان أكثر . كذا قاله القاضي ( والمكيال ) المعتبر ( مكيال أهل المدينة ) لأنهم أصحاب زراعات فهم أعلم بأحوال المكاييل . وفي شرح [السنة : الحديث فيما يتعلق بالكيل والوزن من حقوق الله تعالى كالزكوات والكفارات ونحوها حتى لا تجب الزكاة في الدراهم حتى تبلغ مائتي درهم بوزن مكة ، والصاع في صدقة الفطر صاع أهل المدينة كل صاع خمسة أرطال وثلث رطل . كذا في المرقاة . وقال السندي في حاشية النسائي : قوله المكيال على مكيال أهل المدينة أي الصاع الذي يتعلق به وجوب الكفارات ويجب إخراج صدقة الفطر به صاع المدينة وكانت الصيعان مختلفة في البلاد ، والمراد بالوزن وزن الذهب والفضة فقط أي الوزن المعتبر في باب الزكاة وزن أهل مكة وهي الدراهم التي العشرة منها بسبعة مثاقيل وكانت الدراهم مختلفة الأوزان في البلاد وكانت دراهم أهل مكة هي الدراهم المعتبرة في باب الزكاة ، فأرشد صلى الله عليه وسلم إلى ذلك لهذا الكلام ، كما أرشد إلى بيان الصاع المعتبر في باب الكفارات وصدقة الفطر انتهى . وفي نيل الأوطار : والحديث فيه دليل على أنه يرجع عند الاختلاف في الكيل إلى مكيال المدينة ، وعند الاختلاف في الوزن إلى ميزان مكة .

أما مقدار ميزان مكة فقال ابن حزم : بحثت غاية البحث عن كل من وثقت بتمييزه فوجدت كلا يقول : إن دينار الذهب بمكة وزنه اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة بالحب من الشعير ، والدرهم سبعة أعشار المثقال ، فوزن الدرهم سبع وخمسون حبة وستة أعشار حبة وعشر عشر حبة ، فالرطل مائة وثمانية وعشرون درهما بالدرهم المذكور انتهى .

قال المنذري : والحديث أخرجه النسائي . وفي رواية لأبي داود عن ابن عباس مكان ابن عمر ، وفي رواية وزن المدينة ومكيال مكة انتهى .

قلت : حديث طاوس عن ابن عمر سكت عنه المؤلف والمنذري وأخرجه أيضا البزار وصححه ابن حبان والدارقطني .

( وكذا رواه الفريابي ) بكسر الفاء منسوب إلى فرياب مدينة ببلاد الترك كذا في جامع الأصول ، هو محمد بن يوسف ثقة فاضل عابد من أجلة أصحاب الثوري ( وأبو أحمد ) الزبيري الكوفي ثقة ( وافقهما ) أي وافق فضل بن دكين في هذا المتن الفريابي وأبا أحمد [ ص: 148 ] الزبيري ( وقال أبو أحمد عن ابن عباس ) والمعنى أي رواه فضل بن دكين عن سفيان الثوري بلفظ " الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة " وهكذا رواه محمد بن يوسف الفريابي وأبو أحمد الزبيري عن الثوري ، فهؤلاء الثلاثة اتفقوا في روايتهم عن الثوري على هذا اللفظ .

أما أبو أحمد الزبيري فجعله من مسندات ابن عباس ، وأما فضل بن دكين والفريابي فجعلاه من مسندات ابن عمر .

قلت : وكذا جعله أبو نعيم عن الثوري من حديث ابن عمر وروايته عند النسائي . قال المحدثون : طريق سفيان الثوري عن حنظلة عن طاوس عن ابن عمر هي أصح الروايات .

وروى الدارقطني من طريق أبي أحمد الزبيري عن سفيان عن حنظلة عن طاوس عن ابن عباس ، ورواه من طريق أبي نعيم عن الثوري عن حنظلة عن سالم بدل طاوس عن ابن عباس . قال الدارقطني : أخطأ أبو أحمد فيه ( ورواه الوليد بن مسلم ) الدمشقي ثقة لكنه كثير التدليس ( فقال وزن المدينة ومكيال مكة ) وهذا المتن مخالف لمتن سفيان ، ورجح المحدثون رواية سفيان في هذا ( واختلف ) بصيغة المجهول ( في المتن ) المروي ( في حديث مالك بن دينار عن عطاء ) مرسلا ( عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا ) الباب أي اختلف الرواة على مالك بن دينار في هذا الحديث المرسل في متنه ، فروى بعضهم عن مالك بن دينار كما رواه سفيان عن حنظلة ورواه بعضهم عن مالك بن دينار كما رواه الوليد بن مسلم عن حنظلة والله أعلم. ا.ه رحمه الله





وفي فتح الباري شرح صحيح االبخاري لابن حجر كتاب كفارات الأيمان » باب صاع المدينة ومد النبي صلى الله عليه وسلم وبركته وما توارث أهل المدينة من ذلك قرنا بعد قرن ما نصه:
6334 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا القاسم بن مالك المزني حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن عن السائب بن يزيد قال كان الصاع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مدا وثلثا بمدكم اليوم فزيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز

قوله باب صاع المدينة ومد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبركته ) أشار في الترجمة إلى وجوب الإخراج في الواجبات بصاع أهل المدينة ; لأن التشريع وقع على ذلك أولا وأكد ذلك بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم بالبركة في ذلك

قوله وما توارث أهل المدينة من ذلك قرنا بعد قرن أشار بذلك إلى أن مقدار المد والصاع في المدينة لم يتغير لتواتره عندهم إلى زمنه وبهذا احتج مالك على أبي يوسف في القصة المشهورة بينهما فرجع أبو يوسف عن قول الكوفيين في قدر الصاع إلى قول أهل المدينة ثم ذكر في الباب ثلاثة أحاديث

9994 " الأول حديث السائب بن يزيد قوله كان الصاع على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مدا وثلثا بمدكم اليوم فزيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز ) قال ابن بطال : هذا يدل على أن مدهم حين حدث به السائب كان أربعة أرطال فإذا زيد عليه ثلثه وهو رطل وثلث قام منه خمسة أرطال وثلث وهو الصاع بدليل أن مده - صلى الله عليه وسلم - رطل وثلث وصاعه أربعة أمداد
..........


ثم قال في الحديث رقم 6335 حدثنا منذر بن الوليد الجارودي حدثنا أبو قتيبة وهو سلم حدثنا مالك عن نافع قال كان ابن عمر يعطي زكاة رمضان بمد النبي صلى الله عليه وسلم المد الأول وفي كفارة اليمين بمد النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو قتيبة قال لنا مالك مدنا أعظم من مدكم ولا نرى الفضل إلا في مد النبي صلى الله عليه وسلم وقال لي مالك لو جاءكم أمير فضرب مدا أصغر من مد النبي صلى الله عليه وسلم بأي شيء كنتم تعطون قلت كنا نعطي بمد النبي صلى الله عليه وسلم قال أفلا ترى أن الأمر إنما يعود إلى مد النبي صلى الله عليه وسلم
الحديث الثاني قوله حدثنا أبو قتيبة وهو سلم ) بفتح المهملة وسكون اللام وفي رواية الدارقطني من وجه آخر عن المنذر " حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة " قلت وهو الشعيري بفتح الشين المعجمة وكسر المهملة بصري أصله من خراسان أدركه البخاري بالسن ومات قبل أن يلقاه وهو غير سلم بن قتيبة الباهلي ولد أمير خراسان قتيبة بن مسلم وقد ولي هو إمرة البصرة وهو أكبر من الشعيري ومات قبله بأكثر من خمسين سنة

قوله المد الأول ) هو نعت مد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي صفة لازمة له وأراد نافع بذلك أنه كان لا يعطي بالمد الذي أحدثه هشام قال ابن بطال : وهو أكبر من مد النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلثي رطل وهو كما قال فإن المد الهشامي رطلان والصاع منه ثمانية أرطال

قوله قال لنا مالك ) هو مقول أبي قتيبة وهو موصول

قوله مدنا أعظم من مدكم ) يعني في البركة أي مد المدينة وإن كان دون مد هشام في القدر لكن مد المدينة مخصوص بالبركة الحاصلة بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لها فهو أعظم من مد هشام ثم فسر مالك مراده [ ص: 607 ] بقوله ولا ترى الفضل إلا في مد النبي - صلى الله عليه وسلم -

قوله وقال لي مالك : لو جاءكم أمير إلخ ) أراد مالك بذلك إلزام مخالفه ; إذ لا فرق بين الزيادة والنقصان في مطلق المخالفة فلو احتج الذي تمسك بالمد الهشامي في إخراج زكاة الفطر وغيرها مما شرع إخراجه بالمد كإطعام المساكين في كفارة اليمين بأن الأخذ بالزائد أولى قيل كفى باتباع ما قدره الشارع بركة فلو جازت المخالفة بالزيادة لجازت مخالفته بالنقص فلما امتنع المخالف من الأخذ بالناقص قال له أفلا ترى أن الأمر إنما يرجع إلى مد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه إذا تعارضت الأمداد الثلاثة : الأول والحادث وهو الهشامي وهو زائد عليه والثالث المفروض وقوعه وإن لم يقع وهو دون الأول كان الرجوع إلى الأول أولى ; لأنه الذي تحققت شرعيته . قال ابن بطال : والحجة فيه نقل أهل المدينة له قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل قال وقد رجع أبو يوسف بمثل هذا في تقدير المد والصاع إلى مالك وأخذ بقوله
ثمم قال في شرحه لحديث رقم 6336 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك لهم في مكيالهم وصاعهم ومدهم
الحديث الثالث حديث أنس في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - " اللهم بارك لهم في مكيالهم وصاعهم ومدهم وقد تقدم في البيوع عن القعنبي عن مالك وزاد في آخره " يعني أهل المدينة " وكذا عند رواة الموطأ عن - مالك قال ابن المنير : يحتمل أن تختص هذه الدعوة بالمد الذي كان حينئذ حتى لا يدخل المد الحادث بعده ويحتمل أن تعم كل مكيال لأهل المدينة إلى الأبد قال والظاهر الثاني كذا قال وكلام مالك المذكور في الذي قبله يجنح إلى الأول وهو المعتمد وقد تغيرت المكاييل في المدينة بعد عصر مالك وإلى هذا الزمان ، وقد وجد مصداق الدعوة بأن بورك في مدهم وصاعهم بحيث اعتبر قدرهما أكثر فقهاء الأمصار ومقلدوهم إلى اليوم في غالب الكفارات وإلى هذا أشار المهلب والله أعلم ا.ه رحمه الله

ويكمن محل الاجتهاد في تحويل كيل أهل المدينة إلى الوزن الحديث بالكيلو جرام
ففي رسالة المختصر في زكاة الفطر كتبه الشيخ الفاضل أبي عمار علي الحذيفي حفظه الله – ما نصه:
بيان مقدار الصاع:
والصاع: - الصاع والصواع - بالكسر وبالضم - لغة : مكيال يكال به، وهو أربعة أمداد بالإجماع كما ذكرت "الموسوعية الفقهية الكويتية".

والمد: هو ملء كفي الرجل المتوسط المعتدل الخلقة، ثم اختلفوا في تقدير المد على قولين أحدهما: أن المد هو رطل وثلث رطل بغدادي وهذا قول جماهير أهل العلم.

واحتجوا بأنه إسناد متواتر يفيد القطع، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المكيال مكيال أهل المدينة) ولم يثبت لنا تغييره.

والثاني: أن المد هو ثمانية أرطال وهذا قول أبي حنيفة لأن أنس بن مالك قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد - وهو رطلان - ويغتسل بالصاع). وأجيب عنه بأن حديث أنس هذا انفرد به موسى بن نصر، وهو ضعيف الحديث كما قال الدارقطني، وذكر الطحاوي له شاهدا في "شرح معاني الآثار" إلا أن فيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو متهم بسرقة الحديث" وشيخه شريك بن عبد الله النخعي ضعيف.

والقول بأن المد رطلان هو القول القديم لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة، فقد روي أن أبا يوسف دخل المدينة، فسألهم عن الصاع ؟ فقالوا: خمسة أرطال وثلث، فطالبهم بالحجة فقالوا: غدا، فجاء من الغد سبعون شيخا، كل واحد منهم آخذ صاعا تحت ردائه، فقال: صاعي ورثته عن أبي، وورثه أبي عن جدي، حتى انتهوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فرجع أبو يوسف عن قوله".

قال ابن عبد البر في "التمهيد":

(والوسق: ستون صاعا بإجماع من العلماء بصاع النبي صلى الله عليه وسلم والصاع أربعة أمداد بمده صلى الله عليه وسلم ومده زنته رطل وثلث وزيادة شيء، هذا قول عامة العلماء بالحجاز والعراق).

وقال الداودي: معياره الذي لا يختلف أربع حفنات بكفي الرجل الذي ليس بعظيم الكفين ولا صغيرهما. "سبل السلام".

والراجح هو القول الأول لأن هذا التحديد تواتر عن أهل المدينة والكيل كيلهم فهم المعتبرون في هذا الباب كما في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المكيال مكيال أهل المدينة والوزن وزن أهل مكة). رواه أبو داود والنسائي وسنده صحيح.

وقد قدر العلماء الصاع بهذا التقدير بالكيلو ونحوه من الموزونات من باب التقريب وحفظ الأوزان وإن كان الأصل هو الكيل، وذلك لأمر مهم وهو أن المكاييل لا تحفظ كما تحفظ الأوزان ومما يدل على ذلك أن القمح يعتبر من المكيلات ولكنه في هذا العصر أصبح من الموزونات وذلك لتعرض الكيل إلى التغير والاندراس، ولذلك قال ابن قدامة في "المغني":

(وقد دللنا على أن الصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي فيما مضى والأصل فيه الكيل، وإنما قدره العلماء بالوزن ليحفظ وينقل، وقد روى جماعة عن أحمد، أنه قال: الصاع وزنته فوجدته خمسة أرطال وثلثا حنطة) أ.هـ

وذكر صاحب "الروض المربع" مثل ذلك.

أقول:

ولذلك قدر العلماء القلتين بالأرطال العراقية كما فعل ابن قدامة في "عمدة الفقه" وغيره من الفقهاء، وكذلك قدروا المد النبوي في باب اغتساله صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عنه أنه كان يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، وكذلك تقدير الأوسق في باب الزكاة وغيرها من التقديرات، كل هذا تقريب للناس، فليس لهم وسيلة للوصول إلى هذا الكيل الصحيح أو غيره إلا بهذا الأمر، ومن هذا الباب تقدير دنانير الذهب ودراهم الفضة بالجرامات العصرية كل هذا تقدير وتقريب، ولذلك هم يختلفون فيها اختلافا يسيرا لا يكاد يعول عليه فمنهم من يقول 85 جرام، وآخرون يقولون هي دون ذلك وآخرون يقولون: هي فوق ذلك، والشرع يعفو عن الاختلاف اليسير بعد الاجتهاد والتحري فالشريعة أعظم من أن تكلف العباد بأمور يسيرة لا قدرة لهم على تلافيها.

وقد بحثت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية مقدار الصاع بالكيلو جرام وكان بحثها معتمدا على أن صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد، وأن المد ملء كفي الرجل المعتدل، وكان منها تحقيق عن مقدار ملء كفي الرجل المعتدل، وتوصل هذا التحقيق إلى أن مقدار ذلك قرابة 650 جراما للمد، فيكون مقدار الصاع 2600 جرام. http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=58261&highlight=