#تلبيسات_نادر_العمراني_في_سفك_الدماء_باسم_الجهاد_والشهادة_في_سبيل_الله

#تلبيسات_نادر_العمراني_في_سفك_الدماء_باسم_الجهاد_والشهادة_في_سبيل_الله
يركز أهل الضلال من إخوان ومن خرج من تحت عباءتهم على قضية الجهاد والشهادة, لأنه بهما يقدم الشباب أرواحهم طمعا في نيل الشهادة التي رتب عليها في شرعنا المطهر أجورا عظيمة، ولكنهم لا يؤصلون في الشباب معنى الجهاد الحقيقي في سبيل الله والفرق بين قتال الكفار وقتال غيرهم، والفرق بين الجهاد وبين غيره من أنواع القتال الجائزة والممنوعة، ولا يهتمون ببيان شروطه الواجب توافرها ليكون الجهاد مشروعا، ولا تكون الراية المرفوعة فيه راية عمية نهي عن القتال تحتها, تجاهل الإخوان كل ذلك لأن أغراضهم الحزبية تتنافى مع بيان ذلك.
ولما كان الشعار الذي رفعوه ليغطوا به أغراضهم السلطوية هو تحكيم الشريعة أولوا نصوص الشرع فأفهموا الأغرار الأغمار من الشباب أن خصومهم على اختلاف توجهاتهم لا يريدون تحكيم الشريعة, فهم إما أعداء للدين، وإما موالون لأعداء الدين، وزرعوا في عقولهم أنهم على حق وأن قتالهم يستمد شرعيته من نصوص الشريعة، ومنها قول الله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله} وقوله تعالى: { فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}، وهذا نادر العمراني يوظف حديث {القتلى ثلاثة} توظيفا حزبيا بعيدا عن التأصيل العلمي للشباب.
*رد الصحابة لشبهة الجهاد المزعوم عند الإخوان:
وهذا عبد الله بن عمر وسعد ابن أبي وقاص رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين يردان على هذه الشبهة.
جاء في صحيح البخاري، باب قوله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين
4243 حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا إن الناس صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج فقال يمنعني أن الله حرم دم أخي فقالا ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة فقال قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله وزاد عثمان بن صالح عن ابن وهب قال أخبرني فلان وحيوة بن شريح عن بكر بن عمرو المعافري أن بكير بن عبد الله حدثه عن نافع أن رجلا أتى ابن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله عز وجل وقد علمت ما رغب الله فيه قال يا ابن أخي بني الإسلام على خمس إيمان بالله ورسوله والصلاة الخمس وصيام رمضان وأداء الزكاة وحج البيت قال يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله قاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الإسلام قليلا فكان الرجل يفتن في دينه إما قتلوه وإما يعذبونه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة قال فما قولك في علي وعثمان قال أما عثمان فكأن الله عفا عنه وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه وأما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأشار بيده فقال هذا بيته حيث ترون
قال ابن حجر في الفتح في شرح الحديث: " قوله : ( ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله ) أطلق على قتال من يخرج عن طاعة الإمام جهادا وسوى بينه وبين جهاد الكفار بحسب اعتقاده وإن كان الصواب عند غيره خلافه ، وأن الذي ورد في الترغيب في الجهاد خاص بقتال الكفار ، بخلاف قتال البغاة فإنه وإن كان مشروعا لكنه لا يصل الثواب فيه إلى ثواب من قاتل الكفار ، ولا سيما إن كان الحامل إيثار الدنيا .
وفي صحيح مسلم وغيره عن أسامة بن زيد رحمه الله قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلَاحِ، قَالَ: "أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟" فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَقَالَ سَعْدٌ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ يَعْنِي أُسَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَة}.
فانظر يا رعاك الله إلى فقه الصحابة كيف فرقوا بين قتال وقتال, قاتل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا تكون فتنة وهي الشرك، وكان الدين كله لله، واعتزل من اعتزل منهم القتال حيث قدر أن القتال بين المسلمين سيترتب عنه عواقب غير محمودة، ومما هو معلوم أن القتال, سواء أكان للكفار، أو قتال لفئة باغية لا بد أن يكون تحت راية إمام شرعي استتب له الأمر واستقر على إمامته المسلمون, إما بيعة، وإما تغلبا، وفي غير هذا يسمى القتال قتال فتنة يترتب عليه مفاسد عظيمة, من كثرة لسفك الدماء في غير طائل، ومن استباحة العدو للمسلمين بضعفهم وتفككهم، إلى غير ذلك. وغاب فقه الصحابة لهذه الأمور عن الإخوان ومن خرج من تحت عباءتهم, ففي عصرنا هذا عمد شيوخ الإخوان والمقاتلة إلى تجميع أكبر عدد من الشباب للقتال بهذه الشبهة التي ردها الصحابة رضوان الله عليهم من قبل من أجل تحقيق الأغراض الحزبية ولكي تعلم أن قتالهم على غير أساس شرعي انظر إلى تحالفهم أول الأمر مع الدواعش والقاعدة، مكونين ما يعرف بمجالس الشورى. ثم اقتضت مصالحهم التخلص منهم لإرضاء رغبات داخلية وخارجية لكن طال نفس الحرب وفتح الإخوان والمقاتلة على أنفسهم جبهات كثيرة للقتال استهلكت فيها كثير من طاقاتهم البشرية حيث صار أصدقاء الأمس من قاعدة ودواعش أعداء اليوم وتغير المواقف بهذه الدرجة يدل على عدم ثبات الأصول والمبادئ، وحيث إنه لا بد من استمرارهم في حربهم لئلا يخسروا الداعمين للوصول إلى الحكم، أو يدرجوا ضمن قوائم الأرهاب، سعى نادر العمراني ومن لف لفه إلى استجلاب مزيد من الوقود البشري للاستمرار في الحرب أطول فترة ممكنة.
وذلك بما جرت به مع الأسف الشديد عادة الإخوان والمقاتلة إلى توظيف الحماسة الدينية للشباب بتوظيف نصوص الشريعة وتأويلها على حسب أغراضهم بدون أن يكون غرضهم التأصيل العلمي الصحيح، بل بالتلبيس والتضليل, ومن تلك القضايا التي وظفوها قضية الجهاد و(الشهادة في سبيل الله).
*العمراني يخفي عن الشباب شرط من شرطي قبول العمل وهو المتابعة لأغراض حزبية:
أقام الإخوان والمقاتلة الدنيا ولم يقعدوها عندما شاع نبأ اغتيال العمراني متهمين بذلك السلفيين وهم ومنهجهم براء من سفك الدماء بهذه الطريقة، ومتناسين أن العمراني ذاته مارس هذه الطريقة بتوظيف نصوص شرعية تخدم هذه الجماعات الضالة بمزيد من سفك الدماء.
كتب نادر العمراني مقالا في موقعه الرسمي تحت عنوان, [حديث القتلى ثلاثة]جاء فيه:
(للشهيد بشارات عدة، بشَّره الله بها ورسوله ، ولست بصدد حصرها وتعدادها. وإنَّما مرادي أن أنبِّه على واحدة منها، يغفَل عنها الكثير من الناس، خاصَّة في أيامنا هذه. فإنهم لمَّا علموا فضل الشهيد وما وُعِدَ به، ظنُّوا أنَّ هذه المنْزلة لا يدركها إلاَّ الأتقياء الكُمَّل الخلص، الذين لازموا التقوى، وداوموا على الطاعة.
وهذا مفهوم خاطئ لا دليل عليه.
فليس من شرط المجاهد ألاَّ يكون خطَّاء، وليس من شرط الشهيد أن يكون كاملاً، بل الشرط أن يكون مؤمناً بالله ورسوله ، مخلصاً لله في عمله وإقدامه. ومتى تحقق فيه هذان الشرطان، استحقَّ وعد الله له).
ترك العمراني الكلام في تأصيل المسائل الشرعية عند الشباب, فترك تعليمهم شرطا قبول العمل, فلنيل الشهادة عند العمراني شرطان هما: الإيمان بالله ورسوله، وإخلاص العمل لله. نعم، لا بد من وجود أصل الإيمان الذي هو الشهادتان لقبول الأعمال التي هي من مسمى الإيمان، وهو ما عبر عنه في أحد روايات حديث أركان الإسلام عن ابن عمر ب{إيمان بالله ورسوله}، وقد تقدم، قال ابن رجب رحمه الله في شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: {أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : " إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ " . قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : " الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : " حَجٌّ مَبْرُورٌ }:
" وأما حديث أبي هريرة: فهو يدل على أن الإيمان بالله ورسوله عمل لأنه جعله أفضل الأعمال، والإيمان بالله ورسوله الظاهر أنه إنما يراد به الشهادتان مع التصديق بهما؛ ولهذا ورد في حديث: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، وفي رواية ذكر: "الإيمان بالله ورسوله" بدل "الشهادتين"؛ فدل على أن المراد بهما واحد؛ ولهذا عطف في حديث أبي هريرة على هذا الإيمان "الجهاد" ثم "الحج"، وهما مما يدخل في اسم الإيمان المطلق؛ لكن الإيمان بالله أخص من الإيمان المطلق، فالظاهر أنه إنما يراد بهما الشهادتان مع التصديق بهما".
فالشهادتان ركن لا يكون الإسلام إلا بهما، ثم تأتي بقية الشرائع والأعمال التي لا تصح إلا بشرطين ذكر العمراني أحدهما وأغفل الآخر, فالذي ذكره العمراني الإخلاص وهو مندرج في الشهادتين، والشرط الذي أغفله المتابعة بأن يكون العمل على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو ذكر العمراني هذا الشرط لتبين العاقل الفارق بين الجهاد الذي هو مشروع لئلا تكون فتنة وهي الشرك والقتال الذي هو فتنة من أجل السلطة، ولافتضح أمر الإخوان والمقاتلة.
ترك شرط المتابعة مع أنه منصوص عليه في كتاب الله, جاء في مقال ماتع في موقع راية الإصلاح تحت عنوان: [إخلاص الدين لله وتجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم]: "الله عزّ وجلّ لم ينصّ على أنّه يتقبّل العمل الأكثر من حيث الكميّة، ولكنّه ينصّ دائما على أنّه يتقبّل العمل الأحسن، كما في قوله سبحانه: ﴿إِنّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾، وقوله: ﴿إِنَا لاَ نُضَيِّعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾، وقوله: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: «أخلصه وأصوبه، فقيل: يا أبا علي! ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إنّ العمل إذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يُقْبل، وإذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنّة».
وقال سعيد بن جبير والحسن البصري رحمهما الله: «لا يُقبل قول إلاّ بعمل، ولا يُقبل عمل إلاّ بقول، ولا يُقبل قول وعمل إلاّ بنيّة، ولا يُقبل قول وعمل ونيّة إلاّ بنيّة موافقة السنّة». انظر شرح أصول الإعتقاد للالكائي (18)، (20).
وعن سفيان بن عبد الله الثقفيّ قال: «قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدا، قال: قل آمنت بالله ثمّ استقم» رواه مسلم.
وقد فسّر هذا بعض السّلف بالإخلاص والمتابعة، روى ابن بطّة في «الإبانة /الإيمان» (156) بسند صحيح عن سلام بن مسكين قال: كان قتادة إذا تلا: ﴿إِنَّ الّذين قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾، قال: «إنّكم قد قلتم ربّنا الله، فاستقيموا على أمر الله، وطاعته، وسنّة نبيّكم، وأمضوا حيث تؤمرون، فالاستقامة أن تلبث على الإسلام، أن تلبث على الإسلام، والطريقة الصالحة، ثمّ لا تمرق منها، ولا تخالفها، ولا تشذّ عن السنّة، ولا تخرج عنها ...».
وفي هذا المعنى قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ من قَبْلَ أَنْ يأْتِيَكُمْ العَذابُ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ وَاتّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِن رَبِّكُمْ ﴾، فأمرَ باتّباع أحسن ما أنزل، وهذا لا يتأتّى إلاّ لمن اقتفى أثر رسول الله في ذلك، وهذا بعد أن أمر الله عزّ وجلّ بالإسلام له في قوله: ﴿وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾، والإسلام إذا جاء متعدّيًا لزم حمله على الإخلاص", فلو نص العمراني على شرط المتابعة لافتضح بأن حربه حزبية, حيث لا أمام شرعيا، ولا راية واضحة، فكيف يسمى جهادا في سبيل الله لتحكيم شرع الله؟!
*استغلال الحزبيين لجهل الشباب بالدين وتعميقه فيهم:
ترك العمراني تعليم الشباب الشروط الشرعية للجهاد وما يجب أن يتوفر فيه، لأنه لو علمهم ذلك لتبين كثير من التناقضات التي في مواقف هذه الجماعات, فلا بد للقتال من إمام يقاتل تحت رايته، والإخوان والمقاتلة لم تعد لهم ولاية بنصوص المواد التي وافقوا عليها وبسطوا الفتاوى في إثبات شرعيتها وفيها تحديد نهاية جسم المؤتمر الوطني، وتعنتوا بعدها في التمسك بالسلطة بحجج واهية تتمثل في إجراءات شكلية في مكان استلام وتسليم، فإن علموا الشباب أن من شروط الجهاد القتال تحت راية واضحة مع إمام شرعي فستنهال عليهم الأسئلة, سسيسألون العمراني ويقولون له هو ومن معه: ما حكم القتال تحت راية من انتهت ولايته؟ وماذا يسمى من يقاتل بعد انتهاء ولايته في الشرع؟ وهل تثبت الولاية شرعا وتنفى من أجل إجراءات تتعلق باستلام وتسليم؟ وكيف تفتون أن من يقاتل تحت راية من انتهت ولايته يكون شهيدا في سبيل الله وفي نصوص الشرع أنه لا يحكم لأحد بالشهادة إلا من جزم له الشارع الحكيم بها وهو يقاتل تحت راية شرعية واضحة فكيف بإثبات الشهادة في سبيل الله لمن يقاتل تحت راية من انتهت ولايته وهو يعلم بفترة انتهاء ولايته ووافق عليها أولا؟ وهو لا يقاتل كفارا بل يقاتل إخوانه في الدين والوطن؟ والمشكلة التي لا يستطيع الإخوان والمقاتلة تبريرها أن الوسيلة التي أوصلتهم إلى تولي مقاليد الأمور وبذلوا الجهد في إثبات شرعيتها أولا وهي الانتخابات هي الوسيلة ذاتها التي سلبتهم هذا الحق فتعنتوا؟
*القيد الذي يؤكد أن العمراني أراد توظيف النصوص لغرض حزبي:
ترك العمراني تبصير الشباب بشروط الجهاد مركزا على حقيقة واحدة يريدها، هي التي يغفل عنها الناس خاصة في أيامنا هذه كما يقول العمراني، ولعلك أيها القارئ الكريم تركز على هذا القيد [في أيامنا هذه]، وتربط بينه وبين ما يحدث فيها من أحداث جارية في بلادنا ليتبين لك الأمر، وهذا إن دل فإنما يدل على توظيف للنص أراده العمراني لا من باب تأصيل الشباب تأصيلا صحيحا.
ها هو ذا نادر العمراني لما أراد توظيف النصوص لأغراض حزبية يخفي كثيرا من الأمور عن الجهاد والشهادة فلا يبدي إلا ما أراده, فيظن القارئ أول وهلة حين يطالع قول العمراني: (فإنهم لمَّا علموا فضل الشهيد وما وُعِدَ به، ظنُّوا أنَّ هذه المنْزلة لا يدركها إلاَّ الأتقياء الكُمَّل الخلص، الذين لازموا التقوى، وداوموا على الطاعة.
وهذا مفهوم خاطئ)، أنه سيبصر الشباب بما ينبغي أن يتوفر في الجهاد الشرعي الذي تترتب عليه الشهادة لمن يقتل في سبيل الله،, ، لكنه لما ساق الحديث الذي رواه أحمد وابن حبان وحسن إسناده المنذري والألباني رحمة الله على الجميع أراد استجلاب القوة المعطلة من الشباب عن الحرب، وذلك الحديث هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: { القَتْلى ثَلاثةٌ:
رَجَلٌ مُؤمنٌ جَاهَد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يُقتلَ، فذلك الشهيد المُمْتَحَن في خَيمة الله تحت عرشه. ولا يَفْضُلُه النبيون إلاَّ بفضل درجة النبوة ورجل مؤمن قَرَفَ على نفسه من الذنوب والخطايا، جَاهَد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يُقتل، فتلك مَصْمَصَةٌ مَحَتْ ذنوبَه وخطاياه. إنَّ السَّيفَ محَّاءٌ للخطايا، وأُدخِل من أي أبواب الجنة شاء؛ فإنَّ لها ثمانية أبواب، ولجهنم سبعة أبواب، وبعضها أفضل من بعض.
ورجلٌ منافق، جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يُقتل، فذلك في النار. إنَّ السيف لا يمحو النفاقَ}
وها هو يوظف الحديث توظيفا حزبيا, فأثبت أن المجاهدين والشهداء على منزلتين, منزلة كاملي الإيمان, وهم من يقاتلون في حزبه وشربوا أفكار الإخوان والمقاتلة القائم على الطاعة العمياء لمشايخهم بدون تفهم الأدلة فكل ما يقوله مشايخهم حق لا يقبل المناقشة، فجعل هؤلاء الخارجين بالسيف في وجه إمامهم كاملي الإيمان، وأهل هذه المنزلة كثير منهم منتظم في الحرب، والمنزلة الثانية المجاهدون والشهداء أصحاب المعاصي الذين لم ينخرطوا في حزبهم وتأثروا بهم أو الذين انشغلوا بالدنيا وهم بعيد عن هذه التجاذبات السياسية والقتالية، وهؤلاء يهدف العمراني لانخراطهم مع حزبه لأن هذه الحرب التي يخوضها الإخوان طال نفسها وأتت على كثير من الأغرار الأغمار من شبابهم، فيطمح العمراني ومن لف لفه إلى انخراط هؤلاء الشباب في معركتهم الحزبية من أجل السلطة موظفا هذا الحديث في وعدهم أن ينالوا الشهادة على ما عندهم من معاصي, بدون أن يذكرهم بالتوبة، وبدون أن يبصرهم بشرط المتابعة لرسول الله فيفضح حزبه. فأنت يا من ابتليت بالزنا وشرب الخمر وغير ذلك ما هو إلا أن تقاتل معنا في أيامنا هذه لتنال الشهادة، لا فرق في هذا بينمعصية ومعصية. هذا ما يحتمله الإجمال في كلام العمراني.
وقد نص أهل العلم أن الشهيد يغفر له كل ذنب في حق الله لا في حقوق الآدميين, روى مسلم (1886) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ ) .
وروى مسلم (114) عن ابن عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ : " لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَلَّا ، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ ) ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ! اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ ) قَالَ : فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ : أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ " .
وهذا دأب هؤلاء المشايخ, يوردون النصوص على ما يريدون بدون ذكر مقيداته أو مبيناته،, أو تفسيراته على فهم السلف الصالح، لأن غرضهم التوظيف للأغراض الحزبية لا التأصيل العلمي الصحيح. والله تعالى أعلم.
ملحوظة:
مقال العمراني من هنا:
http://naderomrani.ly/article/323#sdfootnote2sym

الأحد، 4 أكتوبر 2015

لحم البقر، كيف يحل الله ما فيه ضرر؟!!



لحم البقر، كيف يحل الله ما فيه ضرر؟!!

قال أبو نعيم في الطب النبوي :
حَدَّثَنا محمد بن جرير حَدَّثَنا أحمد بن الحسن الترمذي عَن موسى بن محمد النسائي حَدَّثَنا دفاع بن دغفل السدوسي عَن عَبد الحميد بن صيفي بن صهيب عَن أبيه عَن جَدِّه صهيب الخير قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم : عليكم بألبان البقر فإنها شفاء وسمنها دواء ولحومها داء .

و قال: حَدَّثَنا ابن زهير قال : حَدَّثَنا عُمَر بن الخطاب قال : حَدَّثَنا سيف الجرمي قال : حَدَّثَنا المسعودي عَن الحسن بن سعد عَن عَبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عَن عَبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم : عليكم بألبان البقر فإنها دواء وأسمانها فإنها شفاء وإياكم ولحومها فإن لحومها داء .

وقد روى أبو داود في المراسيل من طريق ابْنُ نُفَيْلٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِي عَنْ مُلَيْكَةَ بِنْتِ عَمْرٍو أَنَّهَا وُصِفَتْ لَهَا سَمْنُ بَقَرٍ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِحَلْقِهَا وَقَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلْبَانُهَا شِفَاءٌ، وَسَمْنُهَا دَوَاءٌ، وَلَحْمُهَا دَاءٌ» .

وقال الإمام البيهقي كما في الكبرى :

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ ثنا أَبُو النَّضْرِ ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ عَنْ مُلَيْكَةَ بِنْتِ عَمْرٍو الْجُعْفِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ لَهَا : عَلَيْكَ بِسَمْنِ الْبَقَرِ مِنَ الذِّبْحَةِ أَوْ مِنَ الْقَرْحَتَيْنِ , فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ أَلْبَانَهَا أَوْ لَبَنَهَا شِفَاءٌ، وَسَمْنَهَا دَوَاءٌ، وَلَحْمَهَا أَوْ لُحُومَهَا دَاءٌ " .
وقال في شعب الإيمان :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، ثَنَا أَبُو النَّصْرِ، ثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، عَنْ مُلَيْكَةَ بِنْتِ عَمْرٍو الْجُعْفِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: عَلَيْكِ بِسَمْنِ الْبَقَرَةِ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَمِنَ الْقَرْحَتَيْنِ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ أَلْبَانَهَا أَوْ لَبَنَهَا شِفَاءٌ، وَسَمْنَهَا دَوَاءٌ، وَلَحْمَهَا أَوْ لُحُومَهَا دَاءٌ " .
فجعله مرة عن أم المؤمنين رضي الله عنها و مرة عن مليكة ـ على خلاف بصحبتها رحمها الله ـ .
و قد ذكر أبو الجعد في مسنده : أَنَا زُهَيْرٌ عَنِ امْرَأَتِهِ ـ وَذَكَرَ أَنَّهَا صَدُوقَةٌ ـ أَنَّهَا سَمِعَتْ مُلَيْكَةَ بِنْتَ عَمْرٍو، وَذَكَرَ، أَنَّهَا رَدَّتِ الْغَنَمَ عَلَى أَهْلِهَا فِي إِمْرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا وَصَفَتْ لَهَا مِنْ وَجَعٍ بِهَا سَمْنُ بَقَرٍ وَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلْبَانُهَا شِفَاءٌ، وَسَمْنُهَا دَوَاءٌ، وَلَحْمُهَا دَاءٌ» .
واستفدنا من هذه الرواية توثيق زهير لإمرأته .

تصحيح الحديث:

1943 - " عليكم بألبان البقر ، فإنها ترم من كل شجر ، و هو شفاء من كل داء " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 582 :
أخرجه الحاكم ( 4 / 403 ) من طريق إسرائيل عن الركين بن الربيع عن قيس بن مسلم
عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود مرفوعا به . و قال الحاكم : " صحيح
الإسناد " . و وافقه الذهبي . و قد تابعه شعبة عن الركين لكن في الطريق إليه من
في حفظه ضعف و هو الرقاشي كما سبق في " ما أنزل الله من داء " ( رقم - 518 ) .
و بالجملة فالحديث صحيح بهذين الطريقين عن ركين . و له طريق أخرى عن ابن مسعود
بزيادة فيه بلفظ : " عليكم بألبان البقر و سمنانها و إياكم و لحومها ، فإن
ألبانها و سمنانها دواء و شفاء و لحومها داء " . أخرجه الحاكم ( 4 / 404 ) من
طريق سيف بن مسكين حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن الحسن بن سعد عن
عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه مرفوعا به . و قال الحاكم : " صحيح
الإسناد " . و تعقبه الذهبي في " التلخيص " بقوله : " قلت : سيف وهاه ابن حبان
" و قال في " الميزان " : " شيخ يأتي بالمقلوبات و الأشياء الموضوعة ، قاله ابن
حبان " .
قلت : و له علتان أخريان : اختلاط المسعودي ، و مظنة الانقطاع بين عبد الرحمن
ابن عبد الله بن مسعود و أبيه . قال يعقوب بن شيبة : ثقة مقل ، تكلموا في
روايته عن أبيه لصغره . و قال ابن معين : سمع من أبيه ، و قال مرة : لم يسمع
منه " . كذا في " الميزان " . و في " التقريب " : ثقة من صغار الثانية ، و قد
سمع من أبيه لكن شيئا يسيرا " . فالحديث بهذه الزيادة ضعيف الإسناد . لكن يأتي
ما يقويه قريبا . و أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 27 / 1 ) من طريق عبد
الرزاق عن الثوري و من طريق المسعودي عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن ابن
مسعود موقوفا عليه باللفظ الأول دون ذكر الشفاء . و أخرجه الفاكهي في " حديثه "
( 27 / 10 ) عن المسعودي به لكن رفعه . و كذلك أخرجه أبو إسحاق الحربي في "
غريب الحديث " ( 5 / 15 / 1 ) . و كذلك أخرجه البغوي في " حديث علي بن الجعد "
( 9 / 79 / 1 ) و الهيثم بن كليب في " مسنده " ( 84 / 2 ) و ابن عساكر في "
تاريخ دمشق " ( 8 / 242 / 2 ) من طرق عن قيس بن مسلم مرفوعا به . ثم أخرجه
البغوي و ابن عساكر و كذا عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 65 / 2 ) من
طريق أخرى عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب مرفوعا مرسلا لم يذكر ابن مسعود ،
قال ابن عساكر : " المحفوظ الموصول " .
قلت : و هذا ما كنت رجحته فيما تقدم تحت هذا الحديث بلفظ آخر ( رقم - 518 ) .
و من هذا التخريج يتبين أن الحديث مرفوعا صحيح الإسناد ، لاتفاق جماعة من
الثقات على روايته عن قيس بن مسلم عن طارق عن ابن مسعود مرفوعا باللفظ الأول .
و هذا سند صحيح على شرط الشيخين . و أما الزيادة فهي و إن كانت ضعيفة الإسناد ،
فقد مضى لها شاهد من حديث مليكة بنت عمرو مرفوعا نحوه ، فراجعه برقم ( 1533 ) .
و لها شاهد آخر دون ذكر اللحم و لفظه : " عليكم بألبان البقر فإنه شفاء و سمنها
دواء " . رواه أبو نعيم في " الطب " كما في " الجزء المنتقى منه " ( 81 - 82 )
عن دفاع بن دغفل السدوسي عن عبد الحميد بن صيفي بن صهيب عن أبيه عن جده صهيب
الخير مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد ، و هو على شرط ابن حبان ، فإنه وثق
جميع رجاله ، و في بعضهم خلاف .
( تنبيه ) زاد ابن عساكر وحده في روايته زيادة أخرى منكرة ، فقال : " عليكم
بألبان الإبل و البقر ... " . فزاد لفظة " الإبل " ، و لم ترد في شيء من طرق
الحديث و شواهده مطلقا - فيما علمت - فهي زيادة باطلة . و يؤكد ذلك أن ابن
عساكر رواها من طريق البغوي أخبرنا محمد بن بكار أخبرنا قيس بن مسلم به .
و البغوي نفسه أخرجه في المصدر السابق بهذا الإسناد عينه دون الزيادة ، فثبت
بطلانها ، و كنت أود أن أقول : لعلها زيادة من بعض النساخ و لكني وجدت السيوطي
قد أورد الحديث بهذه الزيادة في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر ، فعلمت
أنها ثابتة عنده ، فهو وهم من بعض رواته بينه و بين البغوي . و الله أعلم .

1533 - " ألبانها شفاء و سمنها دواء و لحومها داء . يعني البقر " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 46 :
رواه البغوي في " حديث علي بن الجعد " ( 11 / 122 / 1 ) عن زهير ( يعني ابن
معاوية ) عن امرأته - و ذكر أنها صدوقة - أنها سمعت مليكة بنت عمر - و ذكر
أنها ردت الغنم على أهلها في إمرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه - أنه وضعت لها
من وجع بها سمن بقر ، و قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى ، و قد أخرجه أبو داود في " المراسيل
" و الطبراني في " الكبير " و ابن منده في " المعرفة " و أبو نعيم في " الطب "
بنحوه كما في " المقاصد الحسنة " و قال ( 331 ) : " رجاله ثقات لكن الراوية عن
ملكية لم تسم ، و قد وصفها الراوي عنها زهير بن معاوية أحد الحفاظ بالصدق
و أنها امرأته ، و ذكر أبي داود له في " مراسيله " لتوقفه في صحبة مليكة ظنا ،
و قد جزم بصحبتها جماعة و له شواهد عن ابن مسعود رفعه : " عليكم بألبان البقر
و سمنانها ، و إياكم و لحومها ، فإن ألبانها و سمنانها دواء و شفاء ، و لحومها
داء " أخرجه الحاكم و تساهل في تصحيحه له كما بسطته مع بقية طرقه في بعض
الأجوبة ، و قد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر ، و كأنه لبيان
الجواز ، أو لعدم تيسر غيره ، و إلا فهو لا يتقرب إلى الله تعالى بالداء ، على
أن الحليمي قال كما أسلفته في " عليكم " : إنه صلى الله عليه وسلم قال في البقر
كذلك ليبس الحجاز و يبوسة لحم البقر منه و رطوبة ألبانها و سمنها و استحسن هذا
التأويل . و الله أعلم " .
قلت : و حديث ابن مسعود شاهد قوي لحديث الترجمة و سيأتي تخريجه برقم ( 1949 ) .
و مضى الكلام على الطرق المتعلقة بألبان البقر برقم ( 518 ) و سيأتي تحت الحديث
( 1650 ) .

كيف نجمع بين حديث(إن لحوم البقر داء ...) وبين تضحيته صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر؟...الألباني

سئل الشيخ الالباني - رحمه الله - في سلسلة الهدى والنور شريط رقم (389) :

السائل : ألبان البقر دواء، ولحومها داء، فكيف التوفيق بينه وبين كون البقر يجوز أن يكون هديا، لأن الشريعة لا يمكن أن تكون يهدى بضار ؟.
الشيخ : (( نعم؛ لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أنه ضحى لنسائه بالبقر، وصح أيضا أمره - صلى الله عليه وآله وسلم - أمره بسمنان البقر ونهيه عن لحومها، فإن سمنانها دواء ولحومها داء، لقد وفق العلماء بين هذا الحديث وبين حديث تضحيته - صلى الله عليه وآله وسلم - بالبقر عن نسائه أن المقصود حينما نهى عن لحوم البقر إنما هو الإكثار منها، أما إذا أكل منها احيانا فلا ضير في ذلك ولا ضرر، وهو بلا شك جائز لأن المقصود بالنهي عن لحوم البقر إنما هو الإكثار منها والإستعاضة بها عن لحوم الغنم والمعز والإبل. هذا هو جواب العلماء )) .

تضعيف الحديث:

تراجم الأسانيد :
الإسناد الأول :
دفاع بن دغفل القيسى ، و يقال السدوسى ، أبو روح البصرى لم يروي له من الستة إلا ابن ماجه حديث الخضاب بالسواد .
ولم يوثقه أحد و ذكره في الطبقة الرابعة من الثقات ابن حبان ، و ضعفه أبو حاتم ، وذكره في الضعفاء أبن الجوزي و الذهبي و ضعفه ابن حجر .
وترجمة عَبد الحميد بن صيفي و صيفي بن صهيب مقاربة لترجمة دفاع .
و لم أرى يروى لهم إلا بهذا السند عن صهيب الخير رضي الله عنه ، و حديث حب صهيب رضي الله عنه لصيفي .
فيبقى جملة السند في حساب المستشهد بهم إذا و جد إسناد يقبل التحسين بأقل الأسانيد اعتبار .
الإسناد الثاني :
مليكة بنت عمرو الزيدية السعدية : مختلف في صحبتها ، و ممن جعلها تابعية أبو داود ، و من ذكرها في عداد الصحابة رضوان الله عليهم أستشهد بهذا الحديث ، و لا ذكر لها إلا به .
و التي روت هذا الأثر عنها امرأة أبي خيثمة ، و لم يروى لها إلا هذا الحديث ، و لم يروي عنها إلا أبو خيثمة و لم يوثقها أحد إلا هو كما في رواية الجعد ـ لم يرو التوثيق غيره فيما رأيت ـ فتبقى في عداد المجاهيل ، و لا تثبت صحبة مليكة بخبر مجهولة ، فتضاف علة الإرسال ـ كما هو ترجيح أبو داود ـ و لم أرى من أثبت صحبتها جزماً ، و قد قال ابن حجر : يقال : لها صحبة ـ بالتمريض ـ .
فلا احتفال بهذا السند لا بمتابعات و لا شواهد و الله أعلم .
الإسناد الثالث :
عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفى ، المسعودى اختلط بآخرة فمن سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط .
و لم يسمع عبد الرحمن من و الده عبد الله رضي الله عنه إلا حديث أو حديثين ، و لم يثبت السماع بالكامل جمهور الحفاظ .
و لكن الراوي عن المسعودي سيف بن مسكين واه لا يعتد به ، فيترك هذا الأثر و لا يحتج به و خصوصاً لما صح عن ابن مسعود رضي الله عنه : قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء ذكر ألبان البقر فأمر بها وقال إنها دواء من كل داء . أ هـ .
و لم يذكر الحم .

قال الطبراني في الكبير 79 - حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير حدثتني امرأة من أهلي عن مليكة بنت عمرو الزيدية من ولد زيد الله بن سعد قالت : اشتيكت وجعا في حلقي فأتيتها فوضعت لي سمن بقرة قالت : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( ألبانها شفاء وسمنها دواء ولحومها داء )

أقول : مليكة بن عمرو مختلف في صحبتها ، ورجح أبو داود عدم صحبتها ، وتلك المرأة المبهمة إذا كانت من طبقة زهير فلم تسمع أحداً من الصحابة

قال السخاوي في المقاصد :" " المقاصد الحسنة " و قال ( 331 ) : " رجاله ثقات لكن الراوية عن
ملكية لم تسم ، و قد وصفها الراوي عنها زهير بن معاوية أحد الحفاظ بالصدقو أنها امرأته ، و ذكر أبي داود له في " مراسيله " لتوقفه في صحبة مليكة ظنا ،و قد جزم بصحبتها جماعة و له شواهد عن ابن مسعود رفعه : " عليكم بألبان البقر و سمنانها ، و إياكم و لحومها ، فإن ألبانها و سمنانها دواء و شفاء ، و لحومها داء "

أقول : فإذا كانت امرأته فهي من طبقته ، وهذا يدل على أن مليكة ليست صحابية فلو كانت صحابية ما تمكنت امرأة زهير من سماعها ، فالخبر مرسل كما رجح أبو داود



وقال الحاكم 8232 - حدثني أبو بكر بن محمد بن أحمد بن بالويه ثنا معاذ بن المثنى العنبري ثنا سيف بن مسكين ثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : عليكم بألبان البقر و سمنانها و إياكم و لحومها فإن ألبانها و سمنهانها دواء و شفاء و لحومها داء
هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه

قال الذهبي في الميزان :" 3640 - سيف بن مسكين . عن سعيد بن أبى عروبة ، شيخ بصرى ، يأتي بالمقلوبات والاشياء الموضوعة"

أقول : فهو ضعيف جداً فلا يصلح في الشواهد

وقد ورد من غير هذه الزيادة ( ولحمها داء ) من طريق أخرى

قال الحربي في غريب الحديث 80 - حدثنا داود بن رشيد ، حدثنا محمد بن سعد ، وحدثنا يحيى ، حدثنا ابن المبارك ، عن المسعودي ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه قال : « عليكم بألبان البقر ، فإنها ترتم من كل الشجر »

فانفراد سيف بتلك الزيادة من دون ابن المبارك يدل على نكارتها

وقال الحاكم في المستدرك 7425- فَأَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ ، الْعَدْلُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَا ، أَنْبَأَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ، أَنْبَأَ الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ الْجَدَلِيِّ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً إِلاَّ الْهَرَمَ فَعَلَيْكُمْ بِأَلْبَانِ الْبَقَرِ فَإِنَّهَا تَرُمُّ مِنْ كُلِّ شَجَرٍ.

فهذا جعفر بن عون رواه بدون هذه الزيادة ، وكذا رواه الطاليسي في مسنده بدون هذه الزيادة وغيرهم

وقد روى غير المسعودي هذا الخبر عن قيس وأسقط ذكر عبد الله

ومتن هذا الحديث منكر

قال الزركشي في اللآليء المنثورة في الأحاديث المشهورة ص148:" قلت بل هو منقطع وفي صحته نظر فإن في الصحيح ان النبي ضحى عن نسائه بالبقر وهو لا يتقرب بالداء"

زيادة بيان:

أولا : عن مليكة بنت عمرو الجعفية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ألبانها شفاء – يعني البقر - ، وسمنها دواء ، ولحمها داء )  
رواه علي بن الجعد في " مسنده " (ص/393)، وأبو داود في " المراسيل " (ص/316)، والطبراني في " المعجم الكبير " (25/42)، ومن طريقه أبو نعيم في " معجم الصحابة " (رقم/7850)، ورواه البيهقي في " السنن الكبرى " (9/345) وفي " شعب الإيمان " (5/103)
جميعهم من طريق زهير بن معاوية أبي خيثمة ، عن امرأته وذكر أنها صدوقة ، وأنها سمعت مليكة بنت عمرو ، وذكرت الحديث .
هذا لفظ علي بن الجعد ، وهو أعلى مَن أسند الحديث ، وأما غيره فقالوا : عن امرأة من أهله – يعني زهير بن معاوية -.
وهذا إسناد ضعيف ، ومليكة بنت عمرو الزيدية السعدية مختلف في صحبتها ، ورواية أبي داود لحديثها في كتابه " المراسيل " دليل على أنه لا يرى صحبتها ، وإن كان جزم بصحبتها آخرون ، ولكن التحقيق يقتضي أنه لا سبيل إلى الجزم بذلك ، ولذلك قال الحافظ ابن حجر في " تقريب التهذيب " (753): يقال لها صحبة ، ويقال : تابعية . ولم يجزم فيها بشيء ، فيبقى في الأمر احتمال قائم ، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال . وانظر ترجمتها في " الإصابة " (8/122)
لذلك ضعف هذا السند السخاوي في " الأجوبة المرضية " (1/21) ، والمناوي في "فيض القدير" (2/196) ، والعجلوني في " كشف الخفاء " (2/182) .

ثانيا : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( عليكم بألبان البقر وسمنانها ، وإياكم ولحومها ، فإن ألبانها وسمنانها دواء وشفاء ، ولحومها داء)
رواه الحاكم في " المستدرك " (4/448) ، وعزاه السيوطي (5557) أيضا لابن السني وأبي نعيم كلاهما في " الطب ".
قال الحاكم : حدثني أبو بكر بن محمد بن أحمد بن بالويه ، ثنا معاذ بن المثنى العنبري ، ثنا سيف بن مسكين ، ثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، عن الحسن بن سعد ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه : عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قلنا : وهذا إسناد ضعيف جدا ، فيه عدة علل :
1- سيف بن مسكين : قال ابن حبان رحمه الله : " يأتي بالمقلوبات والأشياء الموضوعات ، لا يحل الاحتجاج به لمخالفته الأثبات في الروايات على قلتها " انتهى. " المجروحين " (1/347)
2- الاختلاف في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه . انظر " تهذيب التهذيب " (6/216) 
3- اختلاط عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المسعودي . انظر " تهذيب التهذيب " (6/211)
ولذلك كله حكم العلماء بتساهل الحاكم حين قال في الحديث :
" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " انتهى.
والصواب مع تعقب الذهبي له بقوله :
" سيف : وهَّاه ابن حبان " انتهى.
وقال الزركشي :
" هو منقطع ، وفي صحته نظر ، فإن في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر ، وهو لا يتقرب بالداء " انتهى.
" التذكرة في الأحاديث المشتهرة " (ص/148)
وقال السخاوي :
" ضعيف منقطع " انتهى.
" الأجوبة المرضية " (1/23)
وقال الحافظ ابن حجر :
" روي بأسانيد ضعيفة " انتهى.
" أسئلة وأجوبة " (ص/61) .

ثالثا : روى ابن عدي في " الكامل " (7/298) وغيره الحديث من مسند ابن عباس رضي الله عنهما ، وفي سنده محمد بن زياد الطحان متهم بالكذب ، فلا يستشهد به .

رابعا : روى ابن السني ، وأبو نعيم ، الحديثَ عن صهيب الرومي رضي الله عنه ، عزاه السيوطي إليهما .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" روى محمد بن جرير الطبرى بإسناده ، من حديث صُهيب يرفعُه : ( عليكم بألبان البقَرِ ، فإنها شفاءٌ ، وسَمْنُها دَواءٌ ، ولُحومُها داء )، رواه عن أحمد بن الحسن الترمذى ، حدَّثنا محمد ابن موسى النسائى ، حدَّثنا دَفَّاع ابن دَغْفَلٍ السَّدوسى ، عن عبد الحميد بن صَيفى بن صُهيب ، عن أبيه ، عن جده ، ولا يثبت ما في هذا الإسناد " انتهى.
" زاد المعاد " (4/324-325)
(منقول)

الكلام على متتن الحديث:

سئل الشيخ العثيمين:

السؤال : فضيلة الشيخ هذا المستمع من المملكة الأردنية الهاشمية قاسم من دير خليفة يقول فضيلة الشيخ أرجو منكم أن تبينوا لنا الحكم الشرعي في

هل شحوم البقر والغنم محرمة على الإنسان بالرغم أن كثيراً من الناس تأكل هذه الشحوم أرجو من فضيلة الشيخ بيان ذلك بالتفصيل مأجورين ؟

الحمد لله رب العالمين وأصلى وأسلم على نبينا محمدٍ خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين شحوم البقر

والغنم ولحومها كله حلال لقول الله تبارك وتعالى :

( أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم )

ويعني بما يتلى علينا قوله تعالى :

( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة

وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب )

ولا فرق بين لحومها وشحومها لأن الشريعة الإسلامية ولله الحمد شريعةً مضطردة لا تنتقض ولم يحرم الله عز وجل

جزءاً من حيوان دون جزء بل الحيوان إما حلالٌ كله وإما حرامٌ كله بخلاف بني إسرائيل فإن الله تعالى قال في حقهم :

( وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما

أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون )

وقد أنكر الله سبحانه وتعالى على من حرم شيئاً مما أحله من بهيمة الأنعام أو غيرها فقال الله تبارك وتعالى :

( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاعٌ قليل ولهم عذابٌ أليم )

وقال تعالى :

( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصةً يوم القيامة )

وبهذا عرف أن الحديث الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أن لحم البقر داءٌ ولبنها شفاء حديثٌ باطل لا صحة له

لأنه لا يمكن أن يحل الله لعباده ما كان داءً ضاراً بهم بل قاعدة

الشريعة الإسلامية أن ما كان ضاراً فإنه محرم لا يحل للمسلمين تناوله لقول الله تبارك وتعالى :

( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً )

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال :

( لا ضرر ولا ضرار) .

*****
العلامة الفقيه / محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله تعالى
من هنا:
http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=15275

وجاءه سؤال للشيخ العثيمين رحمه الله تعالى عن هذا الحديث في لقاءات الباب المفتوح اللقاء رقم 182 هذا نصه ونص الجواب

السؤال: في حديث لحوم البقر الذي جاء في آخره: أن لحمه داء. بعض العلماء المعاصرين صححه، فكيف الجمع بين تصحيحهم وبين تضعيف بعض علماء السلف ؟ الجواب: لا يحتاج هذا إلى جمع، أتظن أن ربك سبحانه وتعالى يبيح لك ما فيه ضررك؟ لا يمكن، إذا كان أباح لحم البقر بنص القرآن، كيف يقال: إن لحمها داء؟!! إذا كان الحديث الشاذ المخالف للأرجح منه في الرواية يرد، فالحديث المخالف للقرآن يجب رده. ولهذا نقول: من صححه من المتأخرين وإن كان على جانب كبير من علم الحديث فهذا غلط، يعتبر تصحيحه غلطاً، والإنسان يجب ألا ينظر إلى مجرد السند بل عليه أن ينظر إلى السند والمتن، ولهذا قال العلماء في شرط الصحيح والحسن: يشترط ألا يكون معللاً ولا شاذاً. لكن إذا تأملت أخطاء العلماء رحمهم الله ووفق الأحياء منهم علمت بأنه لا معصوم إلا الرسول عليه الصلاة والسلام، كل إنسان معرض للخطأ؛ إما أن يكون خطأً يسيراً أو خطأ فادحاً، أنا أرى أن هذا من الخطأ الفادح، أن يقول: إن لحمها داء ولبنها شفاء أو دواء. كيف؟ سبحان الله!! احكم على هذا الحديث بالضعف ولا تبالي.
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=95513

الخلاصة:

أولا—حل لحوم بهيمة الأنعام ثابت بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ففي القرآن الكريم قول الله تعالى: "أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم" الآية، وقوله تعالى: "وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم"، وقوله تعالى: "ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين، ثمانية أزواج"، إلى أن قال: "ومن الإبل اثنين ومن البقر إثنين، قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين" الآيات. ومر مععنا تضحية النبي صلى الله عليه وسلم بالبقر. وكان إكرام خليل الله إبراهيم عليه السلام بلحم البقر بلحم عجل جاء وصفه بأنه سمين وحين جاء به إلى ضيفه جاء به حنيذا. قال ابن كثير رحمه الله: (وهذه الآية انتظمت آداب الضيافة ; فإنه جاء بطعامه من حيث لا يشعرون بسرعة ، ولم يمتن عليهم أولا فقال : " نأتيكم بطعام ؟ " بل جاء به بسرعة وخفاء ، وأتى بأفضل ما وجد من ماله ، وهو عجل فتي سمين مشوي ، فقربه إليهم ، لم يضعه ، وقال : اقتربوا ، بل وضعه بين أيديهم ، ولم يأمرهم أمرا يشق على سامعه بصيغة الجزم ، بل قال : ( ألا تأكلون ) على سبيل العرض والتلطف ، كما يقول القائل اليوم : إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق ، فافعل ). فذكر الله سبحانه وتعالى إكرام إبراهيم لضيفه بالعجل في سياق الثناء فكيف يثنى على من يكرم ضيفه بما فيه دااء؟! وكيف يحل لعباده ويرضى لنبيه صلى الله عليه وسلم التضحية عن أزواجه وشرع الله له وللأمة إطعام الفقراء منه بما فيه داء؟! وهو القائل عز من قائل: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" والقائل: "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه"؟! وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الأكل من لحم الضب مع نصه عليه بأنه حلال لأنه ليس بأرض قومه فكيف ينحر عن أهله قربة يأكلون منها ويطعمون ما فيه داء؟!
ثانيا—طرق الزيادة المتقدمة, "ولحمها داء" أثبتها بعض الرواة ولم يثبتها آخرون، فكيف يصار إلى إثبات حكم من طرق لا تخلو كل طريق بانفرادها من كلام بعضه في إثبات صحبة من عدمها, حتى إن بعض الأئمة أوردوها في المراسيل، والطرق الجابرة له منها ما فيه أكثر من علة, كاجتماع علت الاختلاط وعلة من لم يتيقن سماعه، ومنها ما فيه متهم بالكذب.
ثالثا—الرواية جاءت بوصف اللحم بأنه داء, فمن أين يستفاد تحديد الداء بالإكثار ولم ينص عليه؟ وقيد الكثرة من المطعومات عامة جاء النص عليه كما في حديث: "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه"، وكحديث: "المء=ؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء"، وكالأحاديث التي فيها ذم السمن والبطنة، مع جواز الشبع أحيانا كما في حديث أبي هريرة: "لا أجد له مسلكا".
رابعا—جزى الله علماءنا الأفاضل الذين خدموا السنة وكلهم  مأجور وهم من أخذوا بأيدينا بعد الله عز وجل فعلمونا المنهج القويم، رحم الله متوفاهم وحفظ حيهم، وبارك الله فيهم وفي علمهم.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين.