#تلبيسات_نادر_العمراني_في_سفك_الدماء_باسم_الجهاد_والشهادة_في_سبيل_الله

#تلبيسات_نادر_العمراني_في_سفك_الدماء_باسم_الجهاد_والشهادة_في_سبيل_الله
يركز أهل الضلال من إخوان ومن خرج من تحت عباءتهم على قضية الجهاد والشهادة, لأنه بهما يقدم الشباب أرواحهم طمعا في نيل الشهادة التي رتب عليها في شرعنا المطهر أجورا عظيمة، ولكنهم لا يؤصلون في الشباب معنى الجهاد الحقيقي في سبيل الله والفرق بين قتال الكفار وقتال غيرهم، والفرق بين الجهاد وبين غيره من أنواع القتال الجائزة والممنوعة، ولا يهتمون ببيان شروطه الواجب توافرها ليكون الجهاد مشروعا، ولا تكون الراية المرفوعة فيه راية عمية نهي عن القتال تحتها, تجاهل الإخوان كل ذلك لأن أغراضهم الحزبية تتنافى مع بيان ذلك.
ولما كان الشعار الذي رفعوه ليغطوا به أغراضهم السلطوية هو تحكيم الشريعة أولوا نصوص الشرع فأفهموا الأغرار الأغمار من الشباب أن خصومهم على اختلاف توجهاتهم لا يريدون تحكيم الشريعة, فهم إما أعداء للدين، وإما موالون لأعداء الدين، وزرعوا في عقولهم أنهم على حق وأن قتالهم يستمد شرعيته من نصوص الشريعة، ومنها قول الله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله} وقوله تعالى: { فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}، وهذا نادر العمراني يوظف حديث {القتلى ثلاثة} توظيفا حزبيا بعيدا عن التأصيل العلمي للشباب.
*رد الصحابة لشبهة الجهاد المزعوم عند الإخوان:
وهذا عبد الله بن عمر وسعد ابن أبي وقاص رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين يردان على هذه الشبهة.
جاء في صحيح البخاري، باب قوله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين
4243 حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا إن الناس صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج فقال يمنعني أن الله حرم دم أخي فقالا ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة فقال قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله وزاد عثمان بن صالح عن ابن وهب قال أخبرني فلان وحيوة بن شريح عن بكر بن عمرو المعافري أن بكير بن عبد الله حدثه عن نافع أن رجلا أتى ابن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله عز وجل وقد علمت ما رغب الله فيه قال يا ابن أخي بني الإسلام على خمس إيمان بالله ورسوله والصلاة الخمس وصيام رمضان وأداء الزكاة وحج البيت قال يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله قاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الإسلام قليلا فكان الرجل يفتن في دينه إما قتلوه وإما يعذبونه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة قال فما قولك في علي وعثمان قال أما عثمان فكأن الله عفا عنه وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه وأما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأشار بيده فقال هذا بيته حيث ترون
قال ابن حجر في الفتح في شرح الحديث: " قوله : ( ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله ) أطلق على قتال من يخرج عن طاعة الإمام جهادا وسوى بينه وبين جهاد الكفار بحسب اعتقاده وإن كان الصواب عند غيره خلافه ، وأن الذي ورد في الترغيب في الجهاد خاص بقتال الكفار ، بخلاف قتال البغاة فإنه وإن كان مشروعا لكنه لا يصل الثواب فيه إلى ثواب من قاتل الكفار ، ولا سيما إن كان الحامل إيثار الدنيا .
وفي صحيح مسلم وغيره عن أسامة بن زيد رحمه الله قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلَاحِ، قَالَ: "أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟" فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَقَالَ سَعْدٌ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ يَعْنِي أُسَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَة}.
فانظر يا رعاك الله إلى فقه الصحابة كيف فرقوا بين قتال وقتال, قاتل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا تكون فتنة وهي الشرك، وكان الدين كله لله، واعتزل من اعتزل منهم القتال حيث قدر أن القتال بين المسلمين سيترتب عنه عواقب غير محمودة، ومما هو معلوم أن القتال, سواء أكان للكفار، أو قتال لفئة باغية لا بد أن يكون تحت راية إمام شرعي استتب له الأمر واستقر على إمامته المسلمون, إما بيعة، وإما تغلبا، وفي غير هذا يسمى القتال قتال فتنة يترتب عليه مفاسد عظيمة, من كثرة لسفك الدماء في غير طائل، ومن استباحة العدو للمسلمين بضعفهم وتفككهم، إلى غير ذلك. وغاب فقه الصحابة لهذه الأمور عن الإخوان ومن خرج من تحت عباءتهم, ففي عصرنا هذا عمد شيوخ الإخوان والمقاتلة إلى تجميع أكبر عدد من الشباب للقتال بهذه الشبهة التي ردها الصحابة رضوان الله عليهم من قبل من أجل تحقيق الأغراض الحزبية ولكي تعلم أن قتالهم على غير أساس شرعي انظر إلى تحالفهم أول الأمر مع الدواعش والقاعدة، مكونين ما يعرف بمجالس الشورى. ثم اقتضت مصالحهم التخلص منهم لإرضاء رغبات داخلية وخارجية لكن طال نفس الحرب وفتح الإخوان والمقاتلة على أنفسهم جبهات كثيرة للقتال استهلكت فيها كثير من طاقاتهم البشرية حيث صار أصدقاء الأمس من قاعدة ودواعش أعداء اليوم وتغير المواقف بهذه الدرجة يدل على عدم ثبات الأصول والمبادئ، وحيث إنه لا بد من استمرارهم في حربهم لئلا يخسروا الداعمين للوصول إلى الحكم، أو يدرجوا ضمن قوائم الأرهاب، سعى نادر العمراني ومن لف لفه إلى استجلاب مزيد من الوقود البشري للاستمرار في الحرب أطول فترة ممكنة.
وذلك بما جرت به مع الأسف الشديد عادة الإخوان والمقاتلة إلى توظيف الحماسة الدينية للشباب بتوظيف نصوص الشريعة وتأويلها على حسب أغراضهم بدون أن يكون غرضهم التأصيل العلمي الصحيح، بل بالتلبيس والتضليل, ومن تلك القضايا التي وظفوها قضية الجهاد و(الشهادة في سبيل الله).
*العمراني يخفي عن الشباب شرط من شرطي قبول العمل وهو المتابعة لأغراض حزبية:
أقام الإخوان والمقاتلة الدنيا ولم يقعدوها عندما شاع نبأ اغتيال العمراني متهمين بذلك السلفيين وهم ومنهجهم براء من سفك الدماء بهذه الطريقة، ومتناسين أن العمراني ذاته مارس هذه الطريقة بتوظيف نصوص شرعية تخدم هذه الجماعات الضالة بمزيد من سفك الدماء.
كتب نادر العمراني مقالا في موقعه الرسمي تحت عنوان, [حديث القتلى ثلاثة]جاء فيه:
(للشهيد بشارات عدة، بشَّره الله بها ورسوله ، ولست بصدد حصرها وتعدادها. وإنَّما مرادي أن أنبِّه على واحدة منها، يغفَل عنها الكثير من الناس، خاصَّة في أيامنا هذه. فإنهم لمَّا علموا فضل الشهيد وما وُعِدَ به، ظنُّوا أنَّ هذه المنْزلة لا يدركها إلاَّ الأتقياء الكُمَّل الخلص، الذين لازموا التقوى، وداوموا على الطاعة.
وهذا مفهوم خاطئ لا دليل عليه.
فليس من شرط المجاهد ألاَّ يكون خطَّاء، وليس من شرط الشهيد أن يكون كاملاً، بل الشرط أن يكون مؤمناً بالله ورسوله ، مخلصاً لله في عمله وإقدامه. ومتى تحقق فيه هذان الشرطان، استحقَّ وعد الله له).
ترك العمراني الكلام في تأصيل المسائل الشرعية عند الشباب, فترك تعليمهم شرطا قبول العمل, فلنيل الشهادة عند العمراني شرطان هما: الإيمان بالله ورسوله، وإخلاص العمل لله. نعم، لا بد من وجود أصل الإيمان الذي هو الشهادتان لقبول الأعمال التي هي من مسمى الإيمان، وهو ما عبر عنه في أحد روايات حديث أركان الإسلام عن ابن عمر ب{إيمان بالله ورسوله}، وقد تقدم، قال ابن رجب رحمه الله في شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: {أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : " إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ " . قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : " الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : " حَجٌّ مَبْرُورٌ }:
" وأما حديث أبي هريرة: فهو يدل على أن الإيمان بالله ورسوله عمل لأنه جعله أفضل الأعمال، والإيمان بالله ورسوله الظاهر أنه إنما يراد به الشهادتان مع التصديق بهما؛ ولهذا ورد في حديث: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، وفي رواية ذكر: "الإيمان بالله ورسوله" بدل "الشهادتين"؛ فدل على أن المراد بهما واحد؛ ولهذا عطف في حديث أبي هريرة على هذا الإيمان "الجهاد" ثم "الحج"، وهما مما يدخل في اسم الإيمان المطلق؛ لكن الإيمان بالله أخص من الإيمان المطلق، فالظاهر أنه إنما يراد بهما الشهادتان مع التصديق بهما".
فالشهادتان ركن لا يكون الإسلام إلا بهما، ثم تأتي بقية الشرائع والأعمال التي لا تصح إلا بشرطين ذكر العمراني أحدهما وأغفل الآخر, فالذي ذكره العمراني الإخلاص وهو مندرج في الشهادتين، والشرط الذي أغفله المتابعة بأن يكون العمل على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو ذكر العمراني هذا الشرط لتبين العاقل الفارق بين الجهاد الذي هو مشروع لئلا تكون فتنة وهي الشرك والقتال الذي هو فتنة من أجل السلطة، ولافتضح أمر الإخوان والمقاتلة.
ترك شرط المتابعة مع أنه منصوص عليه في كتاب الله, جاء في مقال ماتع في موقع راية الإصلاح تحت عنوان: [إخلاص الدين لله وتجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم]: "الله عزّ وجلّ لم ينصّ على أنّه يتقبّل العمل الأكثر من حيث الكميّة، ولكنّه ينصّ دائما على أنّه يتقبّل العمل الأحسن، كما في قوله سبحانه: ﴿إِنّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾، وقوله: ﴿إِنَا لاَ نُضَيِّعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾، وقوله: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: «أخلصه وأصوبه، فقيل: يا أبا علي! ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إنّ العمل إذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يُقْبل، وإذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنّة».
وقال سعيد بن جبير والحسن البصري رحمهما الله: «لا يُقبل قول إلاّ بعمل، ولا يُقبل عمل إلاّ بقول، ولا يُقبل قول وعمل إلاّ بنيّة، ولا يُقبل قول وعمل ونيّة إلاّ بنيّة موافقة السنّة». انظر شرح أصول الإعتقاد للالكائي (18)، (20).
وعن سفيان بن عبد الله الثقفيّ قال: «قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدا، قال: قل آمنت بالله ثمّ استقم» رواه مسلم.
وقد فسّر هذا بعض السّلف بالإخلاص والمتابعة، روى ابن بطّة في «الإبانة /الإيمان» (156) بسند صحيح عن سلام بن مسكين قال: كان قتادة إذا تلا: ﴿إِنَّ الّذين قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾، قال: «إنّكم قد قلتم ربّنا الله، فاستقيموا على أمر الله، وطاعته، وسنّة نبيّكم، وأمضوا حيث تؤمرون، فالاستقامة أن تلبث على الإسلام، أن تلبث على الإسلام، والطريقة الصالحة، ثمّ لا تمرق منها، ولا تخالفها، ولا تشذّ عن السنّة، ولا تخرج عنها ...».
وفي هذا المعنى قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ من قَبْلَ أَنْ يأْتِيَكُمْ العَذابُ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ وَاتّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِن رَبِّكُمْ ﴾، فأمرَ باتّباع أحسن ما أنزل، وهذا لا يتأتّى إلاّ لمن اقتفى أثر رسول الله في ذلك، وهذا بعد أن أمر الله عزّ وجلّ بالإسلام له في قوله: ﴿وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾، والإسلام إذا جاء متعدّيًا لزم حمله على الإخلاص", فلو نص العمراني على شرط المتابعة لافتضح بأن حربه حزبية, حيث لا أمام شرعيا، ولا راية واضحة، فكيف يسمى جهادا في سبيل الله لتحكيم شرع الله؟!
*استغلال الحزبيين لجهل الشباب بالدين وتعميقه فيهم:
ترك العمراني تعليم الشباب الشروط الشرعية للجهاد وما يجب أن يتوفر فيه، لأنه لو علمهم ذلك لتبين كثير من التناقضات التي في مواقف هذه الجماعات, فلا بد للقتال من إمام يقاتل تحت رايته، والإخوان والمقاتلة لم تعد لهم ولاية بنصوص المواد التي وافقوا عليها وبسطوا الفتاوى في إثبات شرعيتها وفيها تحديد نهاية جسم المؤتمر الوطني، وتعنتوا بعدها في التمسك بالسلطة بحجج واهية تتمثل في إجراءات شكلية في مكان استلام وتسليم، فإن علموا الشباب أن من شروط الجهاد القتال تحت راية واضحة مع إمام شرعي فستنهال عليهم الأسئلة, سسيسألون العمراني ويقولون له هو ومن معه: ما حكم القتال تحت راية من انتهت ولايته؟ وماذا يسمى من يقاتل بعد انتهاء ولايته في الشرع؟ وهل تثبت الولاية شرعا وتنفى من أجل إجراءات تتعلق باستلام وتسليم؟ وكيف تفتون أن من يقاتل تحت راية من انتهت ولايته يكون شهيدا في سبيل الله وفي نصوص الشرع أنه لا يحكم لأحد بالشهادة إلا من جزم له الشارع الحكيم بها وهو يقاتل تحت راية شرعية واضحة فكيف بإثبات الشهادة في سبيل الله لمن يقاتل تحت راية من انتهت ولايته وهو يعلم بفترة انتهاء ولايته ووافق عليها أولا؟ وهو لا يقاتل كفارا بل يقاتل إخوانه في الدين والوطن؟ والمشكلة التي لا يستطيع الإخوان والمقاتلة تبريرها أن الوسيلة التي أوصلتهم إلى تولي مقاليد الأمور وبذلوا الجهد في إثبات شرعيتها أولا وهي الانتخابات هي الوسيلة ذاتها التي سلبتهم هذا الحق فتعنتوا؟
*القيد الذي يؤكد أن العمراني أراد توظيف النصوص لغرض حزبي:
ترك العمراني تبصير الشباب بشروط الجهاد مركزا على حقيقة واحدة يريدها، هي التي يغفل عنها الناس خاصة في أيامنا هذه كما يقول العمراني، ولعلك أيها القارئ الكريم تركز على هذا القيد [في أيامنا هذه]، وتربط بينه وبين ما يحدث فيها من أحداث جارية في بلادنا ليتبين لك الأمر، وهذا إن دل فإنما يدل على توظيف للنص أراده العمراني لا من باب تأصيل الشباب تأصيلا صحيحا.
ها هو ذا نادر العمراني لما أراد توظيف النصوص لأغراض حزبية يخفي كثيرا من الأمور عن الجهاد والشهادة فلا يبدي إلا ما أراده, فيظن القارئ أول وهلة حين يطالع قول العمراني: (فإنهم لمَّا علموا فضل الشهيد وما وُعِدَ به، ظنُّوا أنَّ هذه المنْزلة لا يدركها إلاَّ الأتقياء الكُمَّل الخلص، الذين لازموا التقوى، وداوموا على الطاعة.
وهذا مفهوم خاطئ)، أنه سيبصر الشباب بما ينبغي أن يتوفر في الجهاد الشرعي الذي تترتب عليه الشهادة لمن يقتل في سبيل الله،, ، لكنه لما ساق الحديث الذي رواه أحمد وابن حبان وحسن إسناده المنذري والألباني رحمة الله على الجميع أراد استجلاب القوة المعطلة من الشباب عن الحرب، وذلك الحديث هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: { القَتْلى ثَلاثةٌ:
رَجَلٌ مُؤمنٌ جَاهَد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يُقتلَ، فذلك الشهيد المُمْتَحَن في خَيمة الله تحت عرشه. ولا يَفْضُلُه النبيون إلاَّ بفضل درجة النبوة ورجل مؤمن قَرَفَ على نفسه من الذنوب والخطايا، جَاهَد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يُقتل، فتلك مَصْمَصَةٌ مَحَتْ ذنوبَه وخطاياه. إنَّ السَّيفَ محَّاءٌ للخطايا، وأُدخِل من أي أبواب الجنة شاء؛ فإنَّ لها ثمانية أبواب، ولجهنم سبعة أبواب، وبعضها أفضل من بعض.
ورجلٌ منافق، جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يُقتل، فذلك في النار. إنَّ السيف لا يمحو النفاقَ}
وها هو يوظف الحديث توظيفا حزبيا, فأثبت أن المجاهدين والشهداء على منزلتين, منزلة كاملي الإيمان, وهم من يقاتلون في حزبه وشربوا أفكار الإخوان والمقاتلة القائم على الطاعة العمياء لمشايخهم بدون تفهم الأدلة فكل ما يقوله مشايخهم حق لا يقبل المناقشة، فجعل هؤلاء الخارجين بالسيف في وجه إمامهم كاملي الإيمان، وأهل هذه المنزلة كثير منهم منتظم في الحرب، والمنزلة الثانية المجاهدون والشهداء أصحاب المعاصي الذين لم ينخرطوا في حزبهم وتأثروا بهم أو الذين انشغلوا بالدنيا وهم بعيد عن هذه التجاذبات السياسية والقتالية، وهؤلاء يهدف العمراني لانخراطهم مع حزبه لأن هذه الحرب التي يخوضها الإخوان طال نفسها وأتت على كثير من الأغرار الأغمار من شبابهم، فيطمح العمراني ومن لف لفه إلى انخراط هؤلاء الشباب في معركتهم الحزبية من أجل السلطة موظفا هذا الحديث في وعدهم أن ينالوا الشهادة على ما عندهم من معاصي, بدون أن يذكرهم بالتوبة، وبدون أن يبصرهم بشرط المتابعة لرسول الله فيفضح حزبه. فأنت يا من ابتليت بالزنا وشرب الخمر وغير ذلك ما هو إلا أن تقاتل معنا في أيامنا هذه لتنال الشهادة، لا فرق في هذا بينمعصية ومعصية. هذا ما يحتمله الإجمال في كلام العمراني.
وقد نص أهل العلم أن الشهيد يغفر له كل ذنب في حق الله لا في حقوق الآدميين, روى مسلم (1886) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ ) .
وروى مسلم (114) عن ابن عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ : " لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَلَّا ، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ ) ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ! اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ ) قَالَ : فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ : أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ " .
وهذا دأب هؤلاء المشايخ, يوردون النصوص على ما يريدون بدون ذكر مقيداته أو مبيناته،, أو تفسيراته على فهم السلف الصالح، لأن غرضهم التوظيف للأغراض الحزبية لا التأصيل العلمي الصحيح. والله تعالى أعلم.
ملحوظة:
مقال العمراني من هنا:
http://naderomrani.ly/article/323#sdfootnote2sym

الأحد، 30 سبتمبر 2018

هل هي تساؤلات أم إثباتات واقعية لما يقوله الصعافقة؟:

هل هي تساؤلات أم إثباتات واقعية لما يقوله الصعافقة؟:
تجري بين بعض الإخوة في هذا الوقت الذي ظهر فيه أن كثيرا من الفتن الحاصلة في الساحة كانت بسبب تحريشات الصعافقة نقاشات حول مشايخ اليمن الذين تكلم فيهم أهل العلم بسبب الوثيقة التي وقعها الإمام مع الحوثيين، وتطرح بين الفينة والأخرى تساؤلات, هل كان جرح العلماء لهؤلاء المشايخ كان حقا؟ ام إنها كانت تلبيسات بسبب د. عرفات، والخارجي ابن بريك؟ ومن معه؟ وغيرها من التساؤلات. بل عدت بعض التجريحات من بعض العلماء الكبار جرحا مجملا!
فهل هذه التساؤلات دعوى إلى مراجعة الأحكام السابقة للعلماء؟ وهل هو نوع من أنواع حجب لثقة عنهمم؟
الحق أن هذه التساؤلات تعطي الذريعة للصعافقة في إثبات أن طعنك في طلاب العالم طعن فيه!, إذ إنهم قالوا: إن المصعفقة كما يحلوا لهم أن يقولوا جعلوا الطعن في بطانة العالم وسيلة لرد أحكام العالم، ومن هنا توصلوا إلى أن الطعن في الصاحب طعن في المصاحب، وهذه التساؤلات إن خلت مما يعاضدها من براهين تفتح الباب أمام تعديل من لا يستحق التعديل، بل وأهل الأهواء، فالحجوري يستطيع أيضا أن يقول: مكر بي الصعافقة وفتنوا بيني وبين أهل العلم، ويستطيع أن يظهر التراجع والتقيد بالنصيحة وهو يضمر ما يضمر، وقد وقع، لكن الأدلة فضحته.
وهذه التساؤلات نشأت عن عدم التفريق بين أمرين, الأول: قبول حكم الثقة المأمون وبالذات إن كان إماما عالما بأسباب الجرح والتعديل فيمابرهنت الأدلة صدقه فيه، وهو أصل لا محيد عنه. والثاني: أمر عارض، في موقف أو قضية في اجتهاد لذلك الإمام فإن حكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر.
فهل يستوجب إن وقع الأمر الثاني وهو أمر عارض مراجعة ما سبق من أحكام لذلك الإمام بحجة أن تلك المواقف كانت بسبب تلك البطانة السيئة؟ وهل كان قبولنا لتلك الأحكام التي كان للبطانة السيئة دور بارز فيها بسبب تلك البطانة أم كان قبولنا لها لأنها من أءمة علماء بأسباب الجرح والتعديل وأنها مدعمة بالدليل؟ وهل كان قبولها من هؤلاء العلماء لمجرد التعصب لهم أم لأن عليها الدلائل والبراهين الواضحة؟ وكيف نسينا مع ظهور سوء الصعافقة الأصل السلفي المتين, وهو التفريق بين طلب الحق الذي لا يكون إلا من أهل الحق، وبين قبول الحق الذي يكون حتى من العدو بدليل: "صدقك وهو كذوب"؟
الإجابة على هذه التساؤلات كاف في وأد هذا الخلط.
نعم، تصدى د. عرفات للكتابة عن تلك الوثيقة التي فيها عين الكفر كما نقل الشيخ أسامة العمري عن الشيخ محمد بن هادي،وقدم له أهل العلم في كتابته لبيان عوار هذه الوثيقة، وعذره علماء آخرون في توقيعه لهذه الوثيقة, إما بأن علماء البلد أعلم بحال البلد بناء على ثقة ذلك العالم بهم، وإما للضعف الذي كانوا فيه حتى يأتيهم من يعينهم. وهذه بنود الوثيقة:
1- التعايش السلمي بين الجانبين وعدم الانجرار والتصادم والاقتتال أو الفتنة مهما كانت الظروف والدواعي وحرية الفكر والثقافة مكفولة للجميع.
2- التوقف عن الخطاب التحريضي والعدائي من الجانبين تجاه بعضهم بعض بشتى الوسائل وفي كل المجالات والعمل على زرع روح الإخاء والتعاون بين الجميع.
3- أن تستمر عملية التواصل المباشر بين الجانبين لمواجهه أي طارئ أو حدث أو مشكلة أو تصرف فردي أو أي محاوله من جهة أخرى مندسة لهدف تفجير الوضع بين الجانبين وتحديد الموقف منها .

وجاء في نص الوثيقة أن جميع مسلمون ربهم واحد وكتابهم واحد ونبيهم واحد وأن عدوهم واحد وأن الإسلام يحرم الدماء والأعراض.
وعنون لهذه الوثيقة بالعنوان التالي, ((وثيقة تعايش وإخاء).
فهل يا ترى الشيخ الإمام يعتقد بكل ما في الوثيقة؟ وهل يجهل أن الروافض لا يقرون بكل ما هو في الوثيقة؟ وخذ مثلا: (وكتابها واحد)؟ وهل تصلح الوثيقة وحدها سببا للجرح؟؟؟؟
اسـتـمـع إلـــ➷ـــى ( محمد الإمام ) وهو يطعن علناً بخطبة جمعة { بولاة أُمور المسلمين وانهم الولاه يطيعون الكفار وقوانينهم بأعلى صوته وقوته }
http://koo.re/6phzK

اسـتـمـع إلـــ➷ـــى ( محمد الإمام ) وهو يقول { أنه لن يُقاتل إلا مع نبي }
http://cutt.us/2iXh

ويحتج بعض الإخوة أن بعض العلماء عذروه، وهذا إنما كان بناء على ثقتهم به، لكن هل كان معذورا حقا؟ وهل نفعته الوثيقة؟
قال بعض طلابه جوابا على السؤال الأول:
" المحور الثالث: المقصود والفحوى من توقيع الوثيقة.
كما سبق أن دعوة أهل السنة والجماعة ليست دعوة اقتتال بين المسلمين، بل يسندون الأمر إلى أهله، وبالضوابط المعتبرة، وهم من أبعد الناس عن الفتن، وممن يحذرون ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً منها، وهم من أورع الناس خصوصاً في باب سفك الدماء أما إذا كانوا كغيرهم فلا خير فيهم، ولذلك حذر علماء أهل السنة والجماعة من الثورات والانقلابات وولى بكلامهم الكثير عرض الحائط، جاءت الأحداث وتسارعت وبحت أصواتهم في النصح للمسلمين، ولكن لا حياة لمن تنادي، فجلبوا الويل والندامة عليهم وعلى غيرهم، وكم رددوا الفتن يعرفها العلماء أول ظهورها والجهلاء لا يعرفونها إلا بعد إدبارها كما هو واقع الآن إلا من عاند وكابر، ومما كتب الشيخ الإمام في باب الاقتتال والتورع فيه الآتي:
1. كتاب تمام المنة في فقه قتال الفتنة.
2. كتاب إتحاف أهل السنة بتوضيح أصل ترك القتال في الفتنة.
3. وكتاب التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن.

ومشى على هذا الأصل متورعاً عاملاً بما قال وكتب - نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً - حتى إنه لم يشجع على الذهاب إلى الجبهات التي فتحت حال حصار إخواننا في دماج؛ لأمور عرفها من قبل وعرفها الكثير من بعد!!، وكما تقدم أن من المعلوم أن أعداء الاسلام في غيظ من دور الحديث بسبب الخير الذي انتشر من خلالها بفضل الله عز وجل، ويريدون القضاء عليها من سنوات عدة مضت ولم تسنح لهم الفرصة بذلك فقاموا بتغذية من فتحوا صدورهم لهم شعروا بذلك أم لم يشعروا من أجل تنفيذ مطالبهم مقابل تسهيلات ودعم وما إلى ذلك، وهم يبحثون عن أي مدخل لهم لكي يدخلون الدعوة في الفتنة، فأتوا بالوثيقة التي علمتموها، وفيها ما فيها، إلا أن الغرض منها حفظ مقاصد الشريعة الدين والنفس والعرض والمال والعقل، وبغض النظر عن صيغتها، فشيخنا لم يكن في ذلك تنازل عن عقيدته التي يسير عليها أو أن فيها انضمام مع الحوثيين لا من قريب ولا بعيد ولا بقليل أو كثير، ولكن لدفع الشر قدر المستطاع، ومما يؤيد كلامي ما قاله مجموعة من الإخوة على صفحاتهم في الفيس بوك، كالأخ /عبد الكريم السدعي حيث قال: إلى كل المتسائلين عن الوثيقة لقد اجتمعت اليوم بالشيخ الفاضل العلامة محمد بن عبدالله الإمام حفظه الله وأطال بعمره، وكنت على يقين وثقة من نفسي أني سأقنعه بأن يعترف بأنه أخطأ مهما كانت الأسباب ولكن رد علي بأسباب وأشياء لا يعرفها الجميع من خلالها أقنعني وليس بصالح الجميع نشر تلك الأسباب، إلى أن قال الأخ عبد الكريم: وقال لي أيضاً: الورقة لن تؤثر أوتغير أبداً ولن تنقص في دعوتنا حرفاً واحد على ما نحن عليه وسنواصل نشرها أكثر فنصيحتي ورجائي من الجميع عدم الجرح مهما كانت الأسباب والجميع يعرف بأن لحوم العلماء مسمومة اللهم انصر الحق وارزقنا اتباعه إ.ه.
وما قاله الأخ أبو خطاب الربيعي: - وهو من طلبة الشيخ - أؤكد لكم من معبر صحة الوثيقة وثبوتها، ولم تكتب في لحظة إغفاء أو إغماء إنما كتبت في يقظة وإدراك ومن أجل المصلحة، وليس فيها رضوخ أو تنازل، وليس معناها الركون إلى الحوثي والجزم بأنه سيتعايش مع مخالفيه ولا تعني الاستسلام وعدم المقاومة إن حصل شيء، ولا تنسوا أن الله قال " :وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم "، وقال بعدها :"وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله..."

وما قاله الأخ /عبد الرحمن الشيخ: الشيخ الإمام يقول الوثيقة صحيحة ، والغرض منها حقن الدماء وتجنيب البلاد والعباد الفتن ، بغض النظر عن صيغتها .
فالخلاصة: أن الوثيقة فيها مخالفات وبلا شك، ولكن الغرض منها حقن الدماء وتجنيب البلاد والعباد الفتن والمحافظة على الدعوة، بغض النظر عن صيغتها، وهذه العهود والمواثيق واردة حتى بعد وقوع الحروب والفتنة فيتم قطع الطريق من خلالها بإذن الله على مريدي الشغب والفتن، ولا سيما وأن الفتنة كانت شبه متحققة بعدم توقيعها، وكان المراد منها استعطاف بعض الناس في حال عدم التوقيع بأن انظروا من هو صاحب الفتنة وهكذا، ولكن سُد عليهم الباب وقضية نقضها عار وشنار عليهم".

فانظر إلى غرابة قولهم: بغض النظر عن نص الوثيقة فإن الشيخ لم ولم ولم ....إلخ، فهل الإمام كان الإمام مضطرا حتى يوقع على ما فيه عين الكفر؟ وهل ينفعه وهو قدوة للكثيرين في بلده هذا العذر, أن يوقع على خلاف ما يعتقد وإن كان فيه الكفر من أجل حقن الدماء وترك القتال في الفتن ونشر الدعوة؟ وهل له سلف في هذا؟ وهل أخطأ الإمام أحمد حين عرضت عليه رخصة القول بخلق القرآن وهي مقولة كفرية فرفض لأن كثيرا من الناس ينتظرون ما يقول ليقتدوا به؟

وأما صحة الوثيقة فهي عندهم كالتالي:
" المحور الرابع: الأدلة الدالة على صحة ما عمله الشيخ بختم الوثيقة.
سأسرد هذه الأدلة سرداً وباختصار شديد:
أولاً: من القرآن الكريم:
1. قال تعالى: " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ..."
2. قال تعالى: " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً..."
ثانياً: من السنة:
1. أخرج البخاري من حديث المسور ومروان رضي الله عنهما قالا قال الرسول صلى الله عليه وسلم_عن كفار قريش_:(لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها).
2. والنبي صلى الله عليه وسلم قد عاهد اليهود والمشركين في محطات كثيرة ومن أبرزها صلح الحديبية الذي سماه الله عز وجل فتحاً مبينا مع أن فيه تنزل وليس تنازل كشطب اسم الرحمن وكذا رسول الله وقد كان عمر يقول والله لا نرضى الدنية في ديننا " فصالح النبي صلى الله عليه وسلم قريشا من أجل أن يؤدي شعيرة واحدة فقط وهي العمرة وكان الطرف الآخر كفار قريش، أفلا نصالح الشيعة من أجل بقاء الدعوة؟
3. عمل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم صلحاً مع اليهود القاطنين في المدينة، وليس بمعيب اطلاقاً أن يقوم أهل الإسلام بالصلح وإقامة العهود والمواثيق مع أهل الكفر والشرك والطغيان.
ثالثاً: انطلاقاً من القواعد الشرعية والأصول المرعية:
1. من باب الحكمة.
2. درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
3. إذا تعارضت المصلحة والمفسدة قدم أرجحهما.
4. مدار الشرع على تحصيل أعلى المصلحتين بتفويت أدناهما، وارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما.
5. يقدم عند التزاحم خير الخيرين ويدفع شر الشرين.
6. وكما يقال مكره أخاك لا بطل.
7. أن سنة التدافع في الحياة من سنن الله الكونية.
8. أن التاريخ يؤيد ما فعله شيخنا المفضال فقد تعايش السنة مع الشيعة قرونا ولم تكن بينهم إلا الحروب اللسانية لا السنانية.
9. نهج العلماء في الغابر والحاضر اللقاء مع الطوائف المغايرة لأهل السنة، والذي ينكر هذا لا يعرف العلماء ولا التاريخ.
10. ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين شيئين إلا اختار أيسرهما.
11. لأن تبقى وتنفع خير من أن تموت ولا تنفع.
12. ماذا صنعت الفتن ببعض من دخل فيها إلا الندم وذهاب الخير.
13. تجنب المؤامرة الدولية من الشريعة والسياسة وخاصة في حال ضعف الدولة وضعف الشعب وضعف الجماعة".

ولتثكلني أمي إن كان في كثير مما سلف دليل لهم, فالأمر بالجنوح للسلم قبله أمر بالإعداد وهو تبع لجنوح العدو للسلم، وكلام الإمام يخالف الدليل لأنه أخبر عن نفسه أنهم كلما نقضوها جددناها، فهو ليس موقف القوي الممتثل لأمر الله بل موقف الخائف الضعيف، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكتب ما يخالف معتقده أو ما هو الكفر الصراح كما في وثيقة الإمام، فهو قياس لا أركان له، وهل كان صلحه أو معاهدته صلوات ربي وسلاممه عليه مع اليهود على حرية الفكر؟ وأيهما أعلى, مفسدة الدين من القدوة، أم مفسدة الدماء التي قد تنتفي مع تظافر الجهود ودعم الدول الإسلامية التي اتهمها الإمام بالولاء للكفار؟! ومناافحة الإمام وغيره عن الوثيقة دليل على أنه ليس بمكره، وكون سنة التدافع في الحياة من سنن الله الكونية حجة عليه لا له، وقوله: ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين شيئين إلا اختار أيسرهما استدلال بنص مبتور، وأي أثم أعظم من كتابة الكفر الصراح من القدوة،
واقرأ هذا الخبر:
(الحوثيون يستفزون طلاب مركز دار الحديث السلفية في معبر ويصفونهم بالمنافقين
- المصدر: المشهد اليمنيالأحد 21 يناير 2018 03:01 صباحاً
بدأ الحوثيون في محافظة ذمار - وسط اليمن - باستفزاز مركز دار الحديث السلفية بمدينة معبر - شمال المحافظة والذي يضم أكثر من 15 ألف طالب سلفي .
وقال مصدر خاص لـ"المشهد اليمني" في المحافظة " أن خطيب مسجد الهادي الحوثي في مدينة معبر هاجم في خطبة جمعة الأمس مركز دار الحديث وشيخه السلفي محمد الإمام وطلابه ووجه لهم اتهامات بالنفاق وتلقي أموال من السعودية .
كما اتهم الخطيب الحوثي المركز السلفي الذي يضم 15 ألف طالب بعد التحريض على الذهاب إلى جبهات القتال مع الحوثيين .
واضاف المصدر ان القيادي الحوثي محمد علي الحوثي جاء قبل فترة للدار وطلب من الشيخ محمد الامام ان يحشد ويحث الناس على مواجهة العدوان , فقال له الشيخ : "انا بعيد من هذه الفتن وعرضت علينا اسلحة نقاتلكم ورفضنا ولن نقاتل معكم ولا ضدكم الا في حالة الدفاع على النفس من اعتدا علينا سنقاتله".
ويعتبر هذا أول هجوم إعلامي علني للحوثيين ضد مركز الحديث في المدينة الذي يضم ألاف الطلاب من مختلف المحافظات وسبق أن عقد الحوثيون صلحا مع محمد الإمام على أن لايتعرض الحوثيون مركزه وكذلك عدم التصعيد الإعلامي والتحريض بين الطرفين مقابل السماح باستمرار التدريس في المركز .
ويبدو أن الحوثيين يرغبون في محاولة إجبار القائمين على المركز إلى الدعوة إلى القتال مع الحوثيين وهو الأمر الذي سيرفضه طلاب المركز كونهم يصفون مايحصل بالفتنة ويوجبون عدم المشاركة فيها بالقول أو الفعل .
ومركز دار الحديث في معبر من أكبر المراكز السلفية في اليمن بعد دار الحديث في دماج الذي قام الحوثيون بتهجير طلابه وأبناء المنطقة بالكامل أوائل العام 2014 قبل أن تتقدم تلك المليشيات الحوثية نحو مدينة عمران والسيطرة على العاصمة صنعاء بعدها ثم الوصول إلى مدينة عدن مع أوائل العام 2015).

وهذا الخبر أيضا بتاريخ 2018/07/10 - الساعة 11:00 صباحاً (صوت اليمن_متابعات:
وفيه: (رفض الشيخ السلفي الكبير محمد الإمام الذي يعد احد اقطاب السلفية في اليمن وصاحب دار الحديث في مدينة معبر بمحافظة ذمار جنوب صنعاء , اصدار فتوى بوجوب القتال مع الحوثيين في الساحل الغربي .
مصادر مطلعة افادت ان قيادات حوثية حاولت الضغط على الشيخ السلفي اصدار فتوى تجيز القتال بجانبهم في الساحل الغربي , غير انه رفض ذلك .

واشارت المصادر ان الشيخ محمد الامام طالب طلاب الدار البالغ عددهم نحو خمسة الالف طالب بالتأهب لمغادرة الدار , وسط مؤشرات على إنهيار الاتفاق الذي ابرمه الشيخ محمد الامام مع الحوثيين نهاية عام 2014م .. والذي قضى بعدم ممارسة أي طرف اعمال عدائية ضد الطرف الاخر ).)

فها هي الأسلحة تعرض عليه فيرفض، وعدد طلابه كثر، ويخلف معه الحوثي الاتفاق، ومع هذا يصر على تسميتها بالفتنى!
فهذه أربع سنوات أثبتت صدق ذلك الجرح وإن كان للصعافقة يد فيه.
وقد جرح الشيخ عبيد حفظه الله محمدا الإمام فعده أخوانيا وإن لم ينتم صراحة لجماعة الإخوان، وقال عنه وعن الشيخ عبد الرحمن العدني:
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمـعـيـن

بناء على ماتحصل لدي من استقراء محمد الإمام واصراره على الوثيقة ومن الأدلة عليه خطبة العيد فإنه صرح بأنه لا سبيل لأحد عليه كذلك لما رجع وزار بعض المشايخ أما أنا فقد حرمت داري عليه هو ومن على شاكلته وهذا معروف قال انه لم يأتي إلا للحج
وأما قضيتي فلا سبيل لأحد علي !

اقول للمقيمين في مركز معبر فروا إلى حيث تأمنوا وقد ثبت لدي أن محمد الإمام هذا جمع المقاتلين في جبهة كتاف وبلغهم بأن الحوثيين طلبوا تسليمه منه فهو صدق في هذا وهو كذوب لكني كذلك أوصي من لم يطلبهم الحوثيون أن يهربوا لأن الرجل لايصلح للدعوة فمن هذه حاله لا يرتجى منه خير للدعوة .

ثانيا : بالنسبة للأخ عبد الرحمن بن عمر مرعي لا يصلح للدعوة ، أقل مايقال فيه أنه مغفل بناء على كلمات سمعتها منه ومن تلكم الكلمات قوله في الوثيقة الفاجرة الكافرة الظالمة التي وقعها محمد بن عبد الله الريمي ثم المعبري الملقب بالإمام قال في تلك الوثيقة أعني عبد الرحمن قال فيها باطل أقول قائل هذه المقولة كما أسلفت أقل ما يقال فيه أنه مغفل والمغفل لايصلح للدعوة ولايصلح للتدريس أبداً خير له أن يصلي مع المسلمين يحضر الجمعة والجماعة مع المسلمين.
https://soundcloud.com/salafi-sounds/lxktjjofhqtn

فهل لفظة مغفل من ألفاظ الجرح والتعديل؟ وهل هي جرح مجمل؟
جاء في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم تحت عنوان مراتب الرواة أو طبقات الرواة ما نصه:
"ثم احتيج الى
تبيين طبقاتهم، ومقادير حالاتهم، وتباين درجاتهم، ليعرف من كان منهم في منزلة
الانتقاد والجهبذة والتنقير والبحث عن الرجال والمعرفة بهم، وهؤلاء هم أهل التزكية
والتعديل والجرح.
ا - ويعرف من كان منهم عدلا في نفسه، من أهل الثبت في الحديث
والحفظ له والإتقان فيه، فهؤلاء هم أهل العدالة.
2 - ومنهم الصدوق في روايته، الورع في دينه، الثبت الذي يهم أحيانا،
وقد قبله الجهابذة النقاد، فهذا يحتج بحديثه أيضا.
3 - ومنهم الصدوق الورع المغفل، الغالب عليه الوهم والخطا والسهو
والغلط، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والاداب، ولا يحتج
بحديثه في الحلال والحرام.
4 - ومنهم من قد ألصق نفسه بهم، ودلسها بينهم، ممن قد ظهر للنقاد
العلماء بالرجال، منه الكذب، فهذا يترك حديثه، وتطرح روايته، ويسقط ولا يشتغل
به ". انتهى
ومن المننقولات المقتبسات في قول العلماء عن غفلة الصالحين ما يلي:
قال ابن رجب رحمه الله عن المغفلين في شرح علل الترمذي، (1/130):
المسألة الثانية الرواية عن الضعفاء من أهل التهمة بالكذب والغفلة وكثرة الغلط
وقد ذكر الترمذي للعلماء في ذلك قولين :
أحدهما : جواز الرواية عنهم حكاه عن سفيان الثوري ، لكن كلامه في روايته عن الكلبي يدل على أنه لم يكن يحدث إلا بما يعرف أنه صدق .
والثاني : الامتناع من ذلك ، ذكره عن أبي عوانة وابن المبارك ، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل الحديث من الأئمة .
وقد ذكر الحاكم المذهب الأول عن مالك والشافعي أبي حنيفة ، واعتمد في حكايته عن مالك على روايته عن عبد الكريم أبي أمية ، ولكن قد ذكرنا عذره في روايته عنه ، وفي حكايته عن الشافعي على روايته عن إبراهيم بن أبي يحيى ، وأبي داود سليمان بن عمرو النخعي ، وغيرهما من المجروحين ، وفي حكايته عن أبي حنيفة على روايته عن جابر الجعفي وأبي العطوف الجزري .
قال : وحدث أبو يوسف ومحمد بن الحسن عن الحسن بن عمارة وعبد الله بن محرر وغيرهما من المجروحين .
قال : وكذلك من بعدهم من أئمة المسلمين قرناً بعد قرن ، وعصراً بعد عصر إلى عصرنا هذا ، لم يخل حديث إمام من أئمة الفريقين عن مطعون فيه المحدثين .
وللأئمة في ذاك غرض ظاهر :
وهو أن يعرفوا الحديث من أين مخرجه ، والمنفرد به عدل أو مجروح . ثم روى بإسناده عن الأثرم قال : (( رأى أحمد بن حنبل يحيى بن معين بصنعاء يكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس ، فإذا اطلع عليه إنسان كتمه ، فقال له أحمد : تكتب صحيفة معمر عن أبان وتعلم أنها موضوعة ! ؟ فلو قال لك قائل : أنت تتكلم في أبان ثم تكتب حديثه على الوجه ! ؟ )) .
فقال : (( رحمك الله يا أبا عبد الله ، أكتب هذه الصحيفة عن عبد الرزاق عن معمر على الوجه فأحفظها كلها وأعلم أنه موضوعة ، حتى لا يجئ بعده إنسان فيجعل بدل أبان ثابتاً ، ويرويها عن معمر عن ثابت عن أنس ، فأقول له : كذبت ! إنما هي عن معمر عن أبان لا عن ثابت )) .
وذكر أيضاً من طريق أحمد بن علي الأبار قال : قال يحيى ابن معين : (( كتبنا عن الكذابين وسجرنا به التنور وأخرجنا به خبزاً نضيجاً )) .
وخرّج العقيلي من طريق أبي غسان قال : (( جاءني علي بن المديني فكتب عن عبد السلام بن حرب أحاديث إسحاق ابن أبي فروه ، فقلت : أي شئ تصنع بها ؟ قال : أعرفها حتى لا تقلب )) .
قلت : فرق بين كتابة حديث وبين روايته :
فإن الأئمة كتبوا أحاديث الضعفاء لمعرفتها ولم يرووها ، كما قال يحيى : سجرنا بها التنور ، وكذلك أحمد ( خرق حديث خلق ممن كتب حديثهم ولم يحدث به ، وأسقط من المسند حديث خلق من المتروكين ) لم يخرجه فيه مثل قايد أبي الورقاء وكثير ابن عبد الله المزني وأبان بن أبي عياش وغيرهم ، وكان يحدث عمن دونهم في الضعف .
قال في رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ : (( قد يحتاج الرجل يحدث عن الضعيف مثل عمرو بن مرزوق ، وعمرو بن حكام ، ومحمد بن معاوية ، وعلي بن الجعد ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، ولا يعجبني أن يحدث عن بعضهم )) .
وقال في روايته أيضاً - وقد سأله ترى أن تكتب الحديث المنكر ؟ - إليهم في وقت )) ، كأنه لم ير بالكتابة عنهم بأساً .
وقال - في رواية ابن القاسم - : (( ابن ليهعة ما كان حديثه بذاك ، وما أكتب حديثه إلا للاعتبار والاستدلال ، إنما قد أكتب حديث الرجل كأني استدل به مع حديث غيره يشده لا أنه حجة إذا انفرد )) .
وقال في رواية المروذي : (( كنت لا أكتب حديث جابر الجعفي ( ثم كتبته أعتبر به ) .
وقال في - رواية مهنا وسأله لمَ تكتب حديث أبي بكر بن أبي كريم وهو ضعيف - قال : (( أعرفه )) .
وقال محمد بن رافع النيسابوري : (( رأيت أحمد بين يدي يزيد ابن هاترون وفي يده كتاب لزهير عن جابر الجعفي وهو يكتبه ، قلت : يا أبا عبد الله : تنهونا عن جابر وتكتبوه ؟ ! قال : نعرفه )) .
وكذا قال]أحمد [في حديث عبيد الله الوصافي : (( إنما أكتبه للمعرفة )) .
والذي يتبين من عمل الإمام أحمد وكلامه أنه يترك الرواية عن المتهمين [ والذين غلب عليهم الخطأ ] للغفلة وسوء الحفظ ، ويحدث عمن دونهم في الضعف ، مثل من في حفظه شئ أو يتختلف الناس في تضعيفه وتوثيقه .
وكذلك كان أبو زرعة الرازي يفعل .
وأما الذين كتبوا حديث الكذابين - من أهل المعرفة والحفظ - فإنما كتبوه لمعرفته ، وهذا كما ذكروا أحاديثهم في كتب الجرح والتعديل .
ويقول بعضهم في كثير من أحاديثهم : لا يجوز ذكرها إلا ليبيّن أمرها أو معنى ذلك .
وقد سبق عن أبي حاتم أنه يجوز رواية حديث من كثرت غفلته في غير الأحكام ، وأما رواية أهل التهمة بالكذب فلا تجوز إلا مع بيان حاله ، وهذا هو الصحيح ، والله أعلم .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ـ رحمنا الله وإياه ـ
لكن كثير من العباد لا يحفظ الأحاديث ولا أسانيدها فكثيرا ما يغلطون في إسناد الحديث أو متنه ولهذا قال يحيى بن سعيد ما رأينا الصالحين في شئ أكذب منهم في الحديث يعني على سبيل الخطأ وقال أيوب السختياني إن من جيراني لمن أرجو بركة دعائهم في السحر ولو شهد عندي على جزرة بقل لما قبلت شهادته ولهذا يميزون في أهل الخير والزهد والعبادة بين ثابت البناني والفضيل ابن عياض ونحوهما وبين مالك بن دينار وفرقد السبخي وحبيب العجمي وطبقتهم وكل هؤلاء أهل خير وفضل ودين والطبقة الأولى يدخل حديثها في الصحيح ، وقال مالك بن أنس رحمه الله أدركت في هذا المسجد ثمانين رجلا لهم خير وفضل وصلاح كل يقول حدثني أبي عن جدي عن النبي صلى الله عليه وسلم لم نأخذ عن أحد منهم شيئا وكان ابن شهاب يأتينا وهو شاب فنزدحم على بابه لأنه كان يعرف هذا الشأن ، هذا وابن شهاب كان فيه من مداخلة الملوك وقبول جوائزهم ما لا يحبه أهل الزهد والنسك والله يختص كل قوم بما يختاره . ا هـ
الاستقامة (1/ 201ـ202)

فلفظة مغفل من ألفاظ الجرح والتعديل، وفيها مذاهب، وهي من الألفاظ المسقطة للرواة إن كانت الغفلة فاحشة.
وقال ابن رجب أيضا في بيان نوع آخر من الغفلة التي تسمى غفلة الصالحين المسألة الثالثة من ضعف من أهل العبادة لسوء حفظه
ذكر الترمذي : أنه رب رجل صالح مجتهد في العبادة ، ولا يقيم الشهادة ولا يحفظها ، وكذلك الحديث لسوء حفظه وكثرة غفلته ، وقد سبق قول ابن المبارك في عباد بن كثير وعبد الله بن محرر .
وروى مسلم في مقدمة كتابه من طريق محمد بن يحيى بن سعيد القطان عن أبيه قال : (( لن ترى الصالحين في شئ أكذب منهم في الحديث )) .
قال مسلم : (( يقول : يجري الكذب على ألسنتهم ولا يتعمدون الكذب )) .
وروى أيضاً بإسناد له عن أيوب قال : (( إن لي جاراً ثم ذكر من فضله ، ولو شهد [ عندي ] على تمرتين ما رأيت شهادته جائزة )) .
وروى ابن عدي بإسناده عن أبي عاصم النبيل قال : (( ما رأيت الصالح يكذب في شئ أكثر من الحديث )) .
وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن أبي أسامة قال : (( إن الرجل يكون صالحاً ويكون كذاباً )) ، يعني يحدث بما لا يحفظ .
وروى عمرو الناقد سمعت وكيعاً يقول وذكر له حديث يرويه وهب بن إسماعيل فقال : (( ذاك رجل صالح ، وللحديث رجال )) .
وروى أبو نعيم بإسناده عن ابن مهدي قال : (( فتنة الحديث أشد من فتنة المال وفتنة الولد ، ولا تشبه فتنتة فتنة ، كم من رجل يظن به الخير قد حمله فتنة الحديث على الكذب )) .
يشير إلى أن من حدث من الصالحين من غير إتقان وحفظ ، فإنما حمله على ذلك حب الحديث والتشبه بالحفاظ ، فوقع في الكذب على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو لا يعلم ، ولو تورع واتقى الله لكف على ذلك فسلم .
قال أبو قلابه : عن علي بن المديني : سئل يحيى بن سعيد عن مالك بن دينار ، ومحمد بن واسع ، وحسان بن أبي سنان فقال : (( ما رأيت الصالحين فس شئ أكذب منهم في الحديث ، لأنهم يكتبون عن كل ما يلقون لا تمييز لهم فيه )) .
وقال الجوزجاني : سمعت أبا قدامة يقول سمعت يحيى بن سعيد يقول : (( رب رجل صالح لو لم يحدث كان خيراً له ، إنما هو أمانة ، تأدية الأمانة في الذهب والفضة أيسر منه في الحديث )) .
ويروي عن أبي عبد الله ابن منده قال : (( إذا رأيت في حديث ثنا فلان الزاهد فاغسل يدك منه )) .
وقال ابن عدي : (( الصالحون قد وسموا بهذا الاسم إن يرووا أحاديث في فضائل الأعمال موضوعة بواطيل ، ويتهم جماعة منهم بوضعها )) انتهى .
وهؤلاء المشتغلون بالتعبد الذين يترك حديثهم على قسمين
منهم من شغلته العبادة عن الحفظ :
فكثر الوهم في حديثه ، فرفع الموقوف ، ووصل المرسل . وهؤلاء مثل أبان بن أبي عياش ، ويزيد الرقاشي ، وقد كان شعبة يقول في كل واحد منهما : (( لأن أزني أحب إلىّ من أن أحدث عنه!! ))
ومثل جعفر بن الزبير ، ورشدين بن سعد ، وعباد بن كثير ، وعبد الله بن محرر ، والحسن بن أبي جعفر وغيرهم .
ومنهم من كان يتعمد الوضع ويتعبد بذلك :
كما ذكر عن أحمد بن محمد بن غالب غلام خليل ، وعن زكريا بن يحيى الوقار المصري .
وقد ذكر الترمذي من أهل العبادة المتروكين رجلين :
أحدهما : أبان بن أبي عياش :
وذكر حكاية أبي عوانة عنه ، أنه جمع حديث الحسن ثم أتى به إليه فقرأه كله عليه ، يعني أنه رواه له كله عن الحسن ، ولم يتوقف في ذلك .
وقال أحمد قال لي عفان : (( أول من أهلك أبان بن أبي عياش أبو عوانة ، جمع حديث الحسن عامته فجاء به إلى أبان فقرأه عليه )) .
وقال مسلم في أول كتابه (( ثنا الحسن الحلواني سمعت عفان قال : سمعت أبا عوانة يقول : (( ما بلغني عن الحسن إلا أتيت به أبان بن أبي عياش فقرأه عليّ )) .
ثنا سويد بن سعيد ثنا علي بن مسهر قال : سمعت أنا وحمزة الزيات من أبان بن أبي عياش نحواً من ألف حديث . قال علي : (( فلقيت حمزة فأخبرني أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنام فعرض عليه ما سمع من أبان فما عرف منها إلا شيئاً يسيراً : خمسة أو ستة )) .
وذكر العقيلي هذه الحكاية ثم قال : وقال لنا أحمد بن علي الأبار - وكان شيخاً صالحاً - : (( وأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنام فقلت : يا رسول الله أترضى أبن بن أبي عياش ؟ قال : لا )) .
وذكر له الترمذي حديث القنوت في الوتر فإنه رفعه ، والناس يقفونه علي ابن مسعود ، وربما وقف على إبراهيم ، وقد سبق ذكره في أبواب الوتر من كتاب الصلاة .
وكان أبان لسوء حفظه يفعل ذلك كثيراً : يرفع الموقوف ويصل المرسل . قال أبو زرعة : (( لم يكن يتعمد الكذب كان يسمع الحديث من أنس ومن شهر بن حوشب ومن الحسن فلا يميز بينهم .
قال ابن عدي : (( قد حدث عنه الثوري ، ومعمر ، وابن جريج ، وإسرائيل ، وحماد بن سلمة ، وغيرهم ، وأرجو أنه ممن لا يتعمد الكذب إلا أنه يشبه عليه ويغلط ، وعامة ما أتي من جهة الرواة عنه لا من جهته ، لأنه قد روى عنه قوم مجهولون . وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق ، كما قال شعبة )) .
وذكر أنه شعبة حدث عنه بحديث قنوت الوتر ، فقيل له : تقول فيه ما قلت ثم تحدث عنه ؟ قال : (( إني لم أجد هذا الحديث إلا عنده )) ذكرها من وجه منقطع . والمعروف أن شعبة قيل له : لم سمعت منه هذا الحديث ؟ قال : ومن يصبر على هذا ؟ ! ، أخرجه العقيلي وغيره .
الرجل الآخر : أبو مقاتل السمرقندي :
واسمه حفص بن سلم الفزاري ، وهو من العباد ، يروي عن الكوفيين كأبي حنيفة ، ومسعر ، والثوري ، وعن البصريين كأيوب ، والتيمي ، وعن الحجازيين كهشام بن عروة ، وعبيد الله ابن عمر ، وسهيل .
قال أبو يعلى الخليلي في كتاب الإرشاد : (( هو مشهور بالصدق والعلم ، غير مخرج في الصحيح ، وكان ممن يفتي في أيامه ، وله في العلم والفقه محل ، يعتنى بجمع حديثه )) .
وذكره الحاكم في تاريخ نيسابور وقال : (( يروي المناكير )) ، وسئل عنه إبراهيم بن طهمان فقال : خذوا عنه عبادته وحسبكم )) . وقد أفحش قتيبة بن سعيد وغيره القول فيه ، مات سنة ثمان ومائتين
وذكره ابن حبان في كتاب الضعفاء وقال : (( كان صاحب تقشف وعبادة ولكنه كان يأتي بالأشياء المنكرة التي يعلم من كتب الحديث أنه ليس لها أصل يرجع إليه . سئل ابن المبارك عنه فقال : خذوا عن أبي مقاتل عبادته وحسبكم )) .
وكان قتيبة بن سعيد يحمل عليه شديداً ويضعفه بمرة ، وقال : كان لا يدري ما يحدث به . وكان عبد الرحمن بن مهدي يكذبه .
قال نصر بن حاجب المروزي : (( ذكرت أبا مقاتل لعبد الرحمن ابن مهدي فقال : والله لا تحل الرواية عنه ، فقلت له : عسى أن يكون كذب له في كتابه وجهل ذلك . فقال : يكتب في كتابه الحديث ؟! فكيف بما ذكرت عنه أنه قال : ماتت أمي بمكة فأردت الخروج منها فتكاربت فلقيت عبيد الله بن عمر فأخبرته بذلك ، بذلك فقال : حدثني نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( من زار قبر أمه كان كعمرة )) .
قال : فقطعت الكري وأقمت ، فكيف يكتب هذا في كتابه . وكذلك وكيع بن الجراح كان يكذبه ، وليس لهذا الحديث أصل يرجع إليه انتهى ما ذكره ابن حبان .
وذكره ابن عدي في كتابه وذكر بإسناده عن قتيبة [ ابن سعيد ] أنه سئل عن حديث كور الزنانير فقال : (( نا أبو مقاتل السمرقندي عن سفيان عن الأعمش عن أبي ظبيان سئل عليٌّ عن كور الزنانير فقال : هم من هذا البحر )) لا بأس به . قال فقلت : يا أبا مقاتل هو موضوع . قال بابا هو في كتابي تقول هو موضوع ؟ قال فقلت : نعم وضعوه في كتابك )) .
وذكر بإسناده عن الجوزجاني قال : (( أبو مقاتل السمرقندي كان فيما حدثت ينشئ للكلام الحسن إسناداً )) ثم خرج له ابن عدي أحاديث منكرة ثم قال : (( أبو مقاتل هذا له أحاديث كثير ويقع في أحاديثه مثل ما ذكرته وأعظم منه ، وليس هو ممن يعتمد على رواياته .
وذكره الإدريسي في تاريخ سمرقند وغير واحد من العلماء .
ووقع لابن أبي حاتم في ذكره غير وهم فإنه قال : (( حفص ابن سليمان أبو مقاتل ، روى عن عون بن أبي شداد ، روى عنه موسى بن إسماعيل الختلي )) . كذا قال . وقوله : (( ابن سليمان )) وهم ، وإنما هو (( ابن سليم )) . ثم قال : (( حفص بن مسلم أبو مقاتل السمرقندي ، روى عن الثوري وجويبر وعمر بن عبيد ، وروى عنه أبو تميلة وإبراهيم بن شماس ، سمعت أبي يقول بعض ذلك )) .
فقوله : (( ابن مسلم )) وهم أيضاً ، ووهم أيضاً حيث جعل الراوي عن عون بن أبي شداد غير هذا ، وهما رجل

وقد بين الشيخ عبيد سبب قوله في العدني أنه مغفل كما مر، فهو فيه جرح مفسر.

فلنحذر من هذه التساؤلات التي قد تسبب زعزعة الثقة في أهل العلم وأحكامهم، ولا يرد منها إلا ما جرى عمل السلف على رده, كالجرح بما ليس بجرح، أو نفي المعدل للجرح من وجه صحيح، ويكون هذا من عالم بأسباب الجرح والتعديل.
وحذار من مسلكين:
--الانجرار من تغليب ما هو عارض للعالم في موقف ما في اجتهاده فيه على أحكامه السابقة.
--عدم التعصب لمن ندافع عنهم أو أحببناهم من قبل ثم جرحوا والتعامي عن أخطائهم، بل نتعامل مع ذلك على وفق الأصول السلفية, فمن كان سلفيا يرد خطأه وتحفظ كرامته، وغيره من أصحاب الأهواء يحذر منه ببيان خطئه ابتغاء وجه الله ونصحا للأمة حتى يتوب ويصلح ويبين، والله أعلم.