#تلبيسات_نادر_العمراني_في_سفك_الدماء_باسم_الجهاد_والشهادة_في_سبيل_الله

#تلبيسات_نادر_العمراني_في_سفك_الدماء_باسم_الجهاد_والشهادة_في_سبيل_الله
يركز أهل الضلال من إخوان ومن خرج من تحت عباءتهم على قضية الجهاد والشهادة, لأنه بهما يقدم الشباب أرواحهم طمعا في نيل الشهادة التي رتب عليها في شرعنا المطهر أجورا عظيمة، ولكنهم لا يؤصلون في الشباب معنى الجهاد الحقيقي في سبيل الله والفرق بين قتال الكفار وقتال غيرهم، والفرق بين الجهاد وبين غيره من أنواع القتال الجائزة والممنوعة، ولا يهتمون ببيان شروطه الواجب توافرها ليكون الجهاد مشروعا، ولا تكون الراية المرفوعة فيه راية عمية نهي عن القتال تحتها, تجاهل الإخوان كل ذلك لأن أغراضهم الحزبية تتنافى مع بيان ذلك.
ولما كان الشعار الذي رفعوه ليغطوا به أغراضهم السلطوية هو تحكيم الشريعة أولوا نصوص الشرع فأفهموا الأغرار الأغمار من الشباب أن خصومهم على اختلاف توجهاتهم لا يريدون تحكيم الشريعة, فهم إما أعداء للدين، وإما موالون لأعداء الدين، وزرعوا في عقولهم أنهم على حق وأن قتالهم يستمد شرعيته من نصوص الشريعة، ومنها قول الله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله} وقوله تعالى: { فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}، وهذا نادر العمراني يوظف حديث {القتلى ثلاثة} توظيفا حزبيا بعيدا عن التأصيل العلمي للشباب.
*رد الصحابة لشبهة الجهاد المزعوم عند الإخوان:
وهذا عبد الله بن عمر وسعد ابن أبي وقاص رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين يردان على هذه الشبهة.
جاء في صحيح البخاري، باب قوله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين
4243 حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا إن الناس صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج فقال يمنعني أن الله حرم دم أخي فقالا ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة فقال قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله وزاد عثمان بن صالح عن ابن وهب قال أخبرني فلان وحيوة بن شريح عن بكر بن عمرو المعافري أن بكير بن عبد الله حدثه عن نافع أن رجلا أتى ابن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله عز وجل وقد علمت ما رغب الله فيه قال يا ابن أخي بني الإسلام على خمس إيمان بالله ورسوله والصلاة الخمس وصيام رمضان وأداء الزكاة وحج البيت قال يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله قاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الإسلام قليلا فكان الرجل يفتن في دينه إما قتلوه وإما يعذبونه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة قال فما قولك في علي وعثمان قال أما عثمان فكأن الله عفا عنه وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه وأما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأشار بيده فقال هذا بيته حيث ترون
قال ابن حجر في الفتح في شرح الحديث: " قوله : ( ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله ) أطلق على قتال من يخرج عن طاعة الإمام جهادا وسوى بينه وبين جهاد الكفار بحسب اعتقاده وإن كان الصواب عند غيره خلافه ، وأن الذي ورد في الترغيب في الجهاد خاص بقتال الكفار ، بخلاف قتال البغاة فإنه وإن كان مشروعا لكنه لا يصل الثواب فيه إلى ثواب من قاتل الكفار ، ولا سيما إن كان الحامل إيثار الدنيا .
وفي صحيح مسلم وغيره عن أسامة بن زيد رحمه الله قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلَاحِ، قَالَ: "أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟" فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَقَالَ سَعْدٌ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ يَعْنِي أُسَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَة}.
فانظر يا رعاك الله إلى فقه الصحابة كيف فرقوا بين قتال وقتال, قاتل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا تكون فتنة وهي الشرك، وكان الدين كله لله، واعتزل من اعتزل منهم القتال حيث قدر أن القتال بين المسلمين سيترتب عنه عواقب غير محمودة، ومما هو معلوم أن القتال, سواء أكان للكفار، أو قتال لفئة باغية لا بد أن يكون تحت راية إمام شرعي استتب له الأمر واستقر على إمامته المسلمون, إما بيعة، وإما تغلبا، وفي غير هذا يسمى القتال قتال فتنة يترتب عليه مفاسد عظيمة, من كثرة لسفك الدماء في غير طائل، ومن استباحة العدو للمسلمين بضعفهم وتفككهم، إلى غير ذلك. وغاب فقه الصحابة لهذه الأمور عن الإخوان ومن خرج من تحت عباءتهم, ففي عصرنا هذا عمد شيوخ الإخوان والمقاتلة إلى تجميع أكبر عدد من الشباب للقتال بهذه الشبهة التي ردها الصحابة رضوان الله عليهم من قبل من أجل تحقيق الأغراض الحزبية ولكي تعلم أن قتالهم على غير أساس شرعي انظر إلى تحالفهم أول الأمر مع الدواعش والقاعدة، مكونين ما يعرف بمجالس الشورى. ثم اقتضت مصالحهم التخلص منهم لإرضاء رغبات داخلية وخارجية لكن طال نفس الحرب وفتح الإخوان والمقاتلة على أنفسهم جبهات كثيرة للقتال استهلكت فيها كثير من طاقاتهم البشرية حيث صار أصدقاء الأمس من قاعدة ودواعش أعداء اليوم وتغير المواقف بهذه الدرجة يدل على عدم ثبات الأصول والمبادئ، وحيث إنه لا بد من استمرارهم في حربهم لئلا يخسروا الداعمين للوصول إلى الحكم، أو يدرجوا ضمن قوائم الأرهاب، سعى نادر العمراني ومن لف لفه إلى استجلاب مزيد من الوقود البشري للاستمرار في الحرب أطول فترة ممكنة.
وذلك بما جرت به مع الأسف الشديد عادة الإخوان والمقاتلة إلى توظيف الحماسة الدينية للشباب بتوظيف نصوص الشريعة وتأويلها على حسب أغراضهم بدون أن يكون غرضهم التأصيل العلمي الصحيح، بل بالتلبيس والتضليل, ومن تلك القضايا التي وظفوها قضية الجهاد و(الشهادة في سبيل الله).
*العمراني يخفي عن الشباب شرط من شرطي قبول العمل وهو المتابعة لأغراض حزبية:
أقام الإخوان والمقاتلة الدنيا ولم يقعدوها عندما شاع نبأ اغتيال العمراني متهمين بذلك السلفيين وهم ومنهجهم براء من سفك الدماء بهذه الطريقة، ومتناسين أن العمراني ذاته مارس هذه الطريقة بتوظيف نصوص شرعية تخدم هذه الجماعات الضالة بمزيد من سفك الدماء.
كتب نادر العمراني مقالا في موقعه الرسمي تحت عنوان, [حديث القتلى ثلاثة]جاء فيه:
(للشهيد بشارات عدة، بشَّره الله بها ورسوله ، ولست بصدد حصرها وتعدادها. وإنَّما مرادي أن أنبِّه على واحدة منها، يغفَل عنها الكثير من الناس، خاصَّة في أيامنا هذه. فإنهم لمَّا علموا فضل الشهيد وما وُعِدَ به، ظنُّوا أنَّ هذه المنْزلة لا يدركها إلاَّ الأتقياء الكُمَّل الخلص، الذين لازموا التقوى، وداوموا على الطاعة.
وهذا مفهوم خاطئ لا دليل عليه.
فليس من شرط المجاهد ألاَّ يكون خطَّاء، وليس من شرط الشهيد أن يكون كاملاً، بل الشرط أن يكون مؤمناً بالله ورسوله ، مخلصاً لله في عمله وإقدامه. ومتى تحقق فيه هذان الشرطان، استحقَّ وعد الله له).
ترك العمراني الكلام في تأصيل المسائل الشرعية عند الشباب, فترك تعليمهم شرطا قبول العمل, فلنيل الشهادة عند العمراني شرطان هما: الإيمان بالله ورسوله، وإخلاص العمل لله. نعم، لا بد من وجود أصل الإيمان الذي هو الشهادتان لقبول الأعمال التي هي من مسمى الإيمان، وهو ما عبر عنه في أحد روايات حديث أركان الإسلام عن ابن عمر ب{إيمان بالله ورسوله}، وقد تقدم، قال ابن رجب رحمه الله في شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: {أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : " إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ " . قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : " الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : " حَجٌّ مَبْرُورٌ }:
" وأما حديث أبي هريرة: فهو يدل على أن الإيمان بالله ورسوله عمل لأنه جعله أفضل الأعمال، والإيمان بالله ورسوله الظاهر أنه إنما يراد به الشهادتان مع التصديق بهما؛ ولهذا ورد في حديث: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، وفي رواية ذكر: "الإيمان بالله ورسوله" بدل "الشهادتين"؛ فدل على أن المراد بهما واحد؛ ولهذا عطف في حديث أبي هريرة على هذا الإيمان "الجهاد" ثم "الحج"، وهما مما يدخل في اسم الإيمان المطلق؛ لكن الإيمان بالله أخص من الإيمان المطلق، فالظاهر أنه إنما يراد بهما الشهادتان مع التصديق بهما".
فالشهادتان ركن لا يكون الإسلام إلا بهما، ثم تأتي بقية الشرائع والأعمال التي لا تصح إلا بشرطين ذكر العمراني أحدهما وأغفل الآخر, فالذي ذكره العمراني الإخلاص وهو مندرج في الشهادتين، والشرط الذي أغفله المتابعة بأن يكون العمل على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو ذكر العمراني هذا الشرط لتبين العاقل الفارق بين الجهاد الذي هو مشروع لئلا تكون فتنة وهي الشرك والقتال الذي هو فتنة من أجل السلطة، ولافتضح أمر الإخوان والمقاتلة.
ترك شرط المتابعة مع أنه منصوص عليه في كتاب الله, جاء في مقال ماتع في موقع راية الإصلاح تحت عنوان: [إخلاص الدين لله وتجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم]: "الله عزّ وجلّ لم ينصّ على أنّه يتقبّل العمل الأكثر من حيث الكميّة، ولكنّه ينصّ دائما على أنّه يتقبّل العمل الأحسن، كما في قوله سبحانه: ﴿إِنّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾، وقوله: ﴿إِنَا لاَ نُضَيِّعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾، وقوله: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: «أخلصه وأصوبه، فقيل: يا أبا علي! ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إنّ العمل إذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يُقْبل، وإذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنّة».
وقال سعيد بن جبير والحسن البصري رحمهما الله: «لا يُقبل قول إلاّ بعمل، ولا يُقبل عمل إلاّ بقول، ولا يُقبل قول وعمل إلاّ بنيّة، ولا يُقبل قول وعمل ونيّة إلاّ بنيّة موافقة السنّة». انظر شرح أصول الإعتقاد للالكائي (18)، (20).
وعن سفيان بن عبد الله الثقفيّ قال: «قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدا، قال: قل آمنت بالله ثمّ استقم» رواه مسلم.
وقد فسّر هذا بعض السّلف بالإخلاص والمتابعة، روى ابن بطّة في «الإبانة /الإيمان» (156) بسند صحيح عن سلام بن مسكين قال: كان قتادة إذا تلا: ﴿إِنَّ الّذين قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾، قال: «إنّكم قد قلتم ربّنا الله، فاستقيموا على أمر الله، وطاعته، وسنّة نبيّكم، وأمضوا حيث تؤمرون، فالاستقامة أن تلبث على الإسلام، أن تلبث على الإسلام، والطريقة الصالحة، ثمّ لا تمرق منها، ولا تخالفها، ولا تشذّ عن السنّة، ولا تخرج عنها ...».
وفي هذا المعنى قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ من قَبْلَ أَنْ يأْتِيَكُمْ العَذابُ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ وَاتّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِن رَبِّكُمْ ﴾، فأمرَ باتّباع أحسن ما أنزل، وهذا لا يتأتّى إلاّ لمن اقتفى أثر رسول الله في ذلك، وهذا بعد أن أمر الله عزّ وجلّ بالإسلام له في قوله: ﴿وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾، والإسلام إذا جاء متعدّيًا لزم حمله على الإخلاص", فلو نص العمراني على شرط المتابعة لافتضح بأن حربه حزبية, حيث لا أمام شرعيا، ولا راية واضحة، فكيف يسمى جهادا في سبيل الله لتحكيم شرع الله؟!
*استغلال الحزبيين لجهل الشباب بالدين وتعميقه فيهم:
ترك العمراني تعليم الشباب الشروط الشرعية للجهاد وما يجب أن يتوفر فيه، لأنه لو علمهم ذلك لتبين كثير من التناقضات التي في مواقف هذه الجماعات, فلا بد للقتال من إمام يقاتل تحت رايته، والإخوان والمقاتلة لم تعد لهم ولاية بنصوص المواد التي وافقوا عليها وبسطوا الفتاوى في إثبات شرعيتها وفيها تحديد نهاية جسم المؤتمر الوطني، وتعنتوا بعدها في التمسك بالسلطة بحجج واهية تتمثل في إجراءات شكلية في مكان استلام وتسليم، فإن علموا الشباب أن من شروط الجهاد القتال تحت راية واضحة مع إمام شرعي فستنهال عليهم الأسئلة, سسيسألون العمراني ويقولون له هو ومن معه: ما حكم القتال تحت راية من انتهت ولايته؟ وماذا يسمى من يقاتل بعد انتهاء ولايته في الشرع؟ وهل تثبت الولاية شرعا وتنفى من أجل إجراءات تتعلق باستلام وتسليم؟ وكيف تفتون أن من يقاتل تحت راية من انتهت ولايته يكون شهيدا في سبيل الله وفي نصوص الشرع أنه لا يحكم لأحد بالشهادة إلا من جزم له الشارع الحكيم بها وهو يقاتل تحت راية شرعية واضحة فكيف بإثبات الشهادة في سبيل الله لمن يقاتل تحت راية من انتهت ولايته وهو يعلم بفترة انتهاء ولايته ووافق عليها أولا؟ وهو لا يقاتل كفارا بل يقاتل إخوانه في الدين والوطن؟ والمشكلة التي لا يستطيع الإخوان والمقاتلة تبريرها أن الوسيلة التي أوصلتهم إلى تولي مقاليد الأمور وبذلوا الجهد في إثبات شرعيتها أولا وهي الانتخابات هي الوسيلة ذاتها التي سلبتهم هذا الحق فتعنتوا؟
*القيد الذي يؤكد أن العمراني أراد توظيف النصوص لغرض حزبي:
ترك العمراني تبصير الشباب بشروط الجهاد مركزا على حقيقة واحدة يريدها، هي التي يغفل عنها الناس خاصة في أيامنا هذه كما يقول العمراني، ولعلك أيها القارئ الكريم تركز على هذا القيد [في أيامنا هذه]، وتربط بينه وبين ما يحدث فيها من أحداث جارية في بلادنا ليتبين لك الأمر، وهذا إن دل فإنما يدل على توظيف للنص أراده العمراني لا من باب تأصيل الشباب تأصيلا صحيحا.
ها هو ذا نادر العمراني لما أراد توظيف النصوص لأغراض حزبية يخفي كثيرا من الأمور عن الجهاد والشهادة فلا يبدي إلا ما أراده, فيظن القارئ أول وهلة حين يطالع قول العمراني: (فإنهم لمَّا علموا فضل الشهيد وما وُعِدَ به، ظنُّوا أنَّ هذه المنْزلة لا يدركها إلاَّ الأتقياء الكُمَّل الخلص، الذين لازموا التقوى، وداوموا على الطاعة.
وهذا مفهوم خاطئ)، أنه سيبصر الشباب بما ينبغي أن يتوفر في الجهاد الشرعي الذي تترتب عليه الشهادة لمن يقتل في سبيل الله،, ، لكنه لما ساق الحديث الذي رواه أحمد وابن حبان وحسن إسناده المنذري والألباني رحمة الله على الجميع أراد استجلاب القوة المعطلة من الشباب عن الحرب، وذلك الحديث هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: { القَتْلى ثَلاثةٌ:
رَجَلٌ مُؤمنٌ جَاهَد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يُقتلَ، فذلك الشهيد المُمْتَحَن في خَيمة الله تحت عرشه. ولا يَفْضُلُه النبيون إلاَّ بفضل درجة النبوة ورجل مؤمن قَرَفَ على نفسه من الذنوب والخطايا، جَاهَد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يُقتل، فتلك مَصْمَصَةٌ مَحَتْ ذنوبَه وخطاياه. إنَّ السَّيفَ محَّاءٌ للخطايا، وأُدخِل من أي أبواب الجنة شاء؛ فإنَّ لها ثمانية أبواب، ولجهنم سبعة أبواب، وبعضها أفضل من بعض.
ورجلٌ منافق، جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يُقتل، فذلك في النار. إنَّ السيف لا يمحو النفاقَ}
وها هو يوظف الحديث توظيفا حزبيا, فأثبت أن المجاهدين والشهداء على منزلتين, منزلة كاملي الإيمان, وهم من يقاتلون في حزبه وشربوا أفكار الإخوان والمقاتلة القائم على الطاعة العمياء لمشايخهم بدون تفهم الأدلة فكل ما يقوله مشايخهم حق لا يقبل المناقشة، فجعل هؤلاء الخارجين بالسيف في وجه إمامهم كاملي الإيمان، وأهل هذه المنزلة كثير منهم منتظم في الحرب، والمنزلة الثانية المجاهدون والشهداء أصحاب المعاصي الذين لم ينخرطوا في حزبهم وتأثروا بهم أو الذين انشغلوا بالدنيا وهم بعيد عن هذه التجاذبات السياسية والقتالية، وهؤلاء يهدف العمراني لانخراطهم مع حزبه لأن هذه الحرب التي يخوضها الإخوان طال نفسها وأتت على كثير من الأغرار الأغمار من شبابهم، فيطمح العمراني ومن لف لفه إلى انخراط هؤلاء الشباب في معركتهم الحزبية من أجل السلطة موظفا هذا الحديث في وعدهم أن ينالوا الشهادة على ما عندهم من معاصي, بدون أن يذكرهم بالتوبة، وبدون أن يبصرهم بشرط المتابعة لرسول الله فيفضح حزبه. فأنت يا من ابتليت بالزنا وشرب الخمر وغير ذلك ما هو إلا أن تقاتل معنا في أيامنا هذه لتنال الشهادة، لا فرق في هذا بينمعصية ومعصية. هذا ما يحتمله الإجمال في كلام العمراني.
وقد نص أهل العلم أن الشهيد يغفر له كل ذنب في حق الله لا في حقوق الآدميين, روى مسلم (1886) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ ) .
وروى مسلم (114) عن ابن عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ : " لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَلَّا ، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ ) ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ! اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ ) قَالَ : فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ : أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ " .
وهذا دأب هؤلاء المشايخ, يوردون النصوص على ما يريدون بدون ذكر مقيداته أو مبيناته،, أو تفسيراته على فهم السلف الصالح، لأن غرضهم التوظيف للأغراض الحزبية لا التأصيل العلمي الصحيح. والله تعالى أعلم.
ملحوظة:
مقال العمراني من هنا:
http://naderomrani.ly/article/323#sdfootnote2sym

السبت، 25 ديسمبر 2021

شذرات حول مسألة التأمين الصحي أو التأمين الطبي:

يشيع في عصرنا الحاضر عقود معاملات تسمى بالتأمين، يلتزم بها العميل بدفع أقساط معلومة في أوقات معلومة لمؤسسة ما أو شركات تعرف باسم شركات التأمين بشروط تبين في عقد التأمين، مقابل ضمان الشركة لدفع مبلغ معين إذا وقع تلف أو ضرر على ما أبرم العميل عقد التأمين من أجله، بضوابط متفق عليها حول هذا الضرر أو التلف، وقد يقل مبلغ الضمان عما دفعه العميل أو يساويه، أو يكون أكبر منه، بحسب السقف المحدد في العقد، وقد يدفع العميل ولا يحصل له ذاك الضرر أو التلف فلا يعود عليه من التأمين نفع. ولكي يعلم حكم التأمين الشرعي، لا بد من التمييز بين نوعي عقد التأمين، ولعقده صورتان, تجاري، وتكافلي، سئل الشيخ ابن باز رحمه الله ما نصه: نسمع عن التأمين الإسلامي ولا نعلم ما حكمه؟ فهلا تكرمتم ببيان الجائز منه والمُحَرَّم. التأمين قسمان: قسم يُسمَّى: التأمين التّجاري: يُؤَمِّن على سيارته، أو على عمارته، أو على نفسه بأموالٍ يدفعها للشَّركات في كل وقت كذا وكذا، وإذا خربت سيارته أصلحوها، وإذا خرب بيته أو احترق عمروه، وإذا مات أو قُتِلَ أدَّوا ديته، هذا التأمين التِّجاري مُحَرَّمٌ؛ لما فيه من الربا والغرر. وقد صدر من مجلس هيئة كبار العلماء منذ سنتين أو ثلاث قرارٌ بتحريم ذلك، وهو واضحٌ من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام. التأمين الثاني: تأمين تعاوني بين المسلمين: ليس المقصود منه الربا ولا الغرر، ولكن المقصود منه التَّعاون، فهذا يُقال له: التأمين التَّعاوني، كأن يجتمع أهلُ قريةٍ أو قبيلةٍ أو أهل حيٍّ من الأحياء أو أسرة من الأُسَر على بذل أموالٍ معينةٍ -كل واحدٍ يبذل كل شهرٍ كذا: مئة ريـال، ألف ريـال، أو كل سنة- يقولون: هذه نجمعها لمواساة الفقير منا ومَن يُصاب بحدثٍ: كقتلٍ أو غيره، تؤدّى منه الدية، وهكذا يُواسون الفقير والمسكين، والغارم الذي عليه ديون يُؤدُّون عنه، ومَن أصابه قتلٌ، مثلًا: دهس أو انقلاب وصار عليه شيءٌ من الديات يُساعدونه، ليس المقصود من ذلك إلا المساعدة. فهذا ليس فيه زكاة، وهذا عمل صالح، فهذا يُسمَّى: التأمين التعاوني، وإذا جعلوه بيد إنسانٍ يعمل فيه ويُنميه ويتَّجر فيه فلا بأس بجزءٍ من ربحه، كأن يُقال لفلان أو مؤسسة مُعينة: تعمل فيه بنصف الربح، بثلث الربح، بربع الربح، كمُضاربةٍ؛ فلا بأس بذلك، وهو مُعدٌّ للأعمال الخيرية، هذا يُقال له: التأمين التَّعاوني. https://files.zadapps.info/binbaz.org.sa/fatawa/fatawa_dross/0542%D8%AD%D9%83%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86%20%D9%81%D8%AA%D8%A7%D9%88%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B6%D8%B1%D8%A7%D8%AA%20%D9%84%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE%20%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2%20%D8%A8%D9%86%20%D8%A8%D8%A7%D8%B2%20%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%87%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87.mp3 وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: "بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين. قرار رقم: 200 (21/6) بشأن الأحكام والضوابط الشرعية لأُسس التأمين التعاوني إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي المنعقد في دورته الحادية والعشرين بمدينة الرياض (المملكة العربية السعودية) من: 15 إلى 19 محرم 1435هـ، الموافق 18-22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013م، بعد اطلاعه على توصيات الندوة العلمية للأحكام والضوابط الشرعية لأُسس التأمين التعاوني التي عقدها المجمع في الفترة من: 20 إلى 21 جمادى الثانية 1434ه، الموافق 30 أبريل – 1 مايو 2013م، بمدينة جدة، والتي جاء انعقادها تنفيذًا لقرار مجلس المجمع رقم: 187 (2/20) الصادر عن الدورة العشرين التي انعقدت بمدينة وهران (الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية) في الفترة من: 26 شوال إلى 2 ذي القعدة 1433هـ، الموافق 13-18 سبتمبر 2012م، وبعد استماعه إلى المناقشات والمداولات التي دارت حولها، قرر ما يلي: التأمين التعاوني عقد جديد أساسه مبدأ التعاون المنضبط بضوابطه الشرعية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية. وينقسم التأمين من حيث إنشائه إلى قسمين: الأول: تأمين تجاري يهدف إلى تحقيق الربح في صيغته التأمينية من خلال المعاوضة على المخاطر، أما من حيث إدارته من شركة فإن الشركة تستهدف الربح. الثاني: تأمين غير تجاري لا يهدف إلى تحقيق الربح؛ وإنما يهدف إلى تحقيق مصلحة المشتركين فيه باشتراكهم في تحمل وجبر الضرر عنهم. ويطلق على النوع الثاني من التأمين مصطلحات متعددة، منها: التأمين التعاوني، والتأمين التكافلي، والتأمين التبادلي، والتأمين الإسلامي. وهناك فروق جوهرية بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري، من أهمها: (1) أن التأمين التعاوني الإسلامي تعاون بين مجموعة أو عدة مجموعات من أفراد المجتمع من خلال الاشتراك في تحمل المخاطر ولا يهدف إلى الربح، لذلك فلا يعد من عقود المعاوضة، والغرر فيه مغتفر. أما التأمين التجاري فهو عقد معاوضة يستهدف الربح من المعاوضة على نقل المخاطر من المؤمن إلى شركة التأمين، وتنطبق عليه أحكام المعاوضات المالية التي يؤثر فيها الغرر. (2) أطراف العلاقة في التأمين التعاوني هم: مجموع المشتركين في صندوق التأمين التعاوني، والجهة الإدارية، أما في التأمين التجاري فهم الشركة وحملة الوثائق. (3) الصندوق، وتتكون موجوداته من مجموع اشتراكات حملة الوثائق وأرباح استثماراتها والاحتياطات المعتمدة. وأما في التأمين التجاري فلا يوجد مثل هذا الصندوق. (4) الشركة المديرة، وهي التي تدير التأمين، من حيث إدارة التغطية وأعمال التأمين واستثمار أموال الصندوق. أما في التأمين التجاري فالشركة هي المؤمنة، وتملك أقساط التأمين، ولها أرباحه وفائضه. (5) حامل الوثيقة والمؤمِّن في التأمين التعاوني في حقيقتهما واحد، لكن باعتبارين مختلفين، وهما في التأمين التجاري مختلفان تمامًا، فالمشترك هو المؤمَّن له والمؤمِّن هو شركة التأمين. (6) الإدارة في التأمين التعاوني سواء كانت هيئة منتخبة من بين المشتركين أو شركة متخصصة أو مؤسسة عامة وكيلة في التعاقد عن صندوق المشتركين (حملة الوثائق)، ولها الحق في الحصول على أجر مقابل ذلك في حين أنها طرف أصلي في التأمين التجاري وتتعاقد باسمها. (7) الإدارة في التأمين التعاوني لا تملك أقساط التأمين (الاشتراكات)؛ لأن الأقساط مملوكة لصندوق المشتركين (حملة الوثائق)، أما الشركة في التأمين التجاري فإنها تملك الأقساط في مقابل التزامها بمبلغ التعويض. (8) الباقي من الأقساط وعوائدها -بعد حسم المصروفات والتعويضات- يبقى ملكًا لحساب الصندوق، وهو الفائض الذي تقرر لوائح الصندوق كيفية التصرف فيه، ولا يتصور هذا في التأمين التجاري؛ لأن الأقساط تصبح ملكًا للشركة بالعقد والقبض، فهو يعتبر إيرادًا وربحًا في التأمين التجاري. (9) عوائد استثمار أصول الأقساط بعد حسم تكلفة الإدارة للشركة المديرة تعود لصندوق حملة الوثائق في التأمين التعاوني، وتعود للشركة في التأمين التجاري. (10) موجودات الصندوق عند تصفيه صندوق التأمين التعاوني تصرف في وجوه الخير أو تعطى للمشتركين في حينه (كما هو مفصل في المادة الثالثة عشرة)، في حين أنها تعود للمساهمين في التأمين التجاري. (11) الشركة في التأمين التعاوني ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية وفتاوى هيئاتها الشرعية، أما التأمين التجاري فهو على خلاف ذلك. (12) يشترك التأمين التعاوني مع التأمين التجاري في اعتبار المبادئ الأساسية للتأمين، وهي: (‌أ) مبدأ المصلحة التأمينية: هو الحق القانوني في التأمين والذي ينشأ من علاقة مالية معتبرة قانونيًا بين المؤمَّن له والشيءِ موضوعِ التأمين. (‌ب) مبدأ حسن النية: هو الواجب الطوعي الإيجابي في الكشف الدقيق والكامل لكل الحقائق الجوهرية المتعلقةِ بالخطر المطلوب التأمين عليه، طلبت أم لم تطلب. (‌ج) مبدأ السبب القريب المباشر: هو ذلك السبب الفعال الكافي لإحداث سلسلة من الحوادث تكون السبب في النتيجة الحاصلة عنها بدون تدخل أي عامل آخر ناشئ عن مصدر جديد مستقل يقطع ترابط تلك السلسلة. (‌د) مبدأ التعويض. (‌ه) مبدأ المشاركة. (‌و) مبدأ الحلول والحقوق. وينفرد التأمين التعاوني بمبادئ خاصة منها: (‌أ) الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في كافة المعاملات والعقود. (‌ب) عدم التأمين على المحرمات. (‌ج) عدم الدخول في أي معاملات ربوية أخذًا وإعطاء". فهذان هما نوعا التأمين وهذه الفروق بينهما. وإذا علم هذا وفهم الفرق بين النوعين فما حكم ما يعرف بالتأمين الطبي أو التأمين الصحي في الحالات الآتية:  إذا كان قسط التأمين مدفوعا من قبل شخصيات ذاتية, أي العميل أو المستفيد نفسه، أو مدفوعا من قبل شخصيات اعتبارية, جهة العمل، ؟  -- إذا كانت شركة التأمين تتعامل بنظام التأمين التجاري، أو بطريقة التأمين التكافلي؟  -- إذا كان الضمان المدفوع من قبل الشركة للعميل يساوي أو يقل أو هو أكثر ما دفعه للشركة؟  وللجواب ينقل من كلام أهل العلم ما يلي:  سئل الشيخ ابن باز رحمه الله:  التأمين الصحي ما حكمه؟  فأجاب:  ما يجوز، التأمين الصحي من المَيْسِر؛ لأنهم يعطون دراهم معدودة على أنه يعالج كل ما أصابه.  س: يقول صاحبه: أدفع بالكشف عشرين بالمئة فقط وعندي زوجتي الآن على وشك الولادة، يقول هل أضعها فيها أم لا؟  الشيخ: عند المستشفيات الأخرى.  س: إذن هو مُحَرّم على الإطلاق؟  الشيخ: نعم هو يشبه المَيْسِر.  ............................  س: التأمين الصحي وجه كونه "مَيْسِر"، الله يجزاك الجنة؟  الشيخ: لأنه يُوضع شيء من المال كل شهر أو كل سنة على علاج جميع ما يقع للشخص أو أهله، قد يقع لهم أمراض كثيرة تستحق عشرات الآلاف.  س: يقول: لكل فرد مائة ألف، هذا هو المَيْسِر؟ يقول: ما ندفع ولا شيء من راتبنا، ما يأخذون شيئًا أبدًا، كيف يكون مَيْسِرًا؟ وَجْهُ المَيْسِر؟  الشيخ: المَيْسِر مع المستشفى الذي يودعون له هذا الشيء، إذا قال لك مائة ريال كل شهر أو ألف ريال كل شهر على أنك تعالج جميع أهل البيت من كل ما أصابهم، قد يصيبهم أمراض كثيرة تستحق أكثر من ذلك.  https://binbaz.org.sa/fatwas/23280/%D9%85%D8%A7-%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%8A  فعلة الحرمة بحسب فتوى الشيخ هو الغرر الحاصل, بأن ما يتعاقد عليه غير واضح المعالم، فقد يدفع ولا يتعالج لعدم حصول الضرر، وقد يتعالج ويدفع له باقي تكاليف علاجه من أموال العملاء الآخرين لدى الشركة، وتردد موقف العميل بين الغنم والغرم يجعل هذا التأمين من الميسر الذي شدد الله عز وجل فيه فقال:  {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}. وفي فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى، (15/310-311) ما نصه: "الفتوى رقم (20629) س: قامت إدارة شركة الاتصالات السعودية مؤخرا بالتعاقد مع إحدى شركات التأمين لعلاج موظفي الشركة مع أبنائهم وزوجاتهم، وذلك بأن تدفع شركة الاتصالات مبلغا مقطوعا مقابل التأمين لعلاج كل شخص، فنسأل في هذه الحالة: 1- هل يجوز لإدارة شركة الاتصالات توقيع هذا العقد مع شركة التأمين بحيث تدفع إدارة شركة الاتصالات مبلغا مقطوعا مقابل رسم الاشتراك السنوي لكل شخص، بغض النظر زادت تكاليف علاج هذا الشخص خلال السنة عن قيمة الرسم أم كانت أقل؟ 2- هل يجوز لموظفي شركة الاتصالات الاستفادة من العلاج المقدم بموجب هذا العقد الذي تم بين إدارة شركة الاتصالات وشركة التأمين؟ علما بأن الموظفين لم يشاركوا في دفع قيمة هذا العقد، وليسو بملزمين بدفع جزء من رسم التأمين. ج: التأمين الطبي المذكور ضرب من ضروب التأمين التجاري المحرم شرعا؛ لما فيه من الغرر والمقامرة، وأكل أموال الناس بالباطل. لهذا فلا يجوز لشركة الاتصالات السعودية إجراء هذا العقد، ولا يجوز لموظفيها الاستفادة منه، ولا الدخول فيه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" وفي فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية، (11/201-202) " الفتوى رقم (21238) س: أفيد سماحتكم أن شركة الرياض للتعمير تقوم بتوفير التغطية الطبية لموظفيها وأبنائهم وأزواجهم دون مقابل عبر تسديد فواتير علاجهم في الجهات الطبية المعتمدة من الشركة، وذلك وفق تنظيم خاص بذلك، والشركة تتجه الآن إلى إلغاء هذا التنظيم والتعاقد مع إحدى شركات التأمين لتوفير العلاج للموظفين وعوائلهم، وذلك بأن تدفع شركة الرياض للتعمير مبلغا مقطوعا سنويا مقابل التأمين لعلاج كل شخص، بغض النظر إن زادت تكاليف العلاج خلال السنة عن قيمة المبلغ المقطوع أو قلت، ونسأل في هذه الحالة: 1- هل يجوز للشركة توقيع عقد التأمين مع شركة التأمين؟ 2- هل يجوز لموظفي الشركة الاستفادة من العلاج المقدم بموجب هذا العقد؟ علما أن الموظفين مطالبون حسب أحكام هذا العقد بدفع نسبة محددة من تكاليف علاجهم تسدد لشركة التأمين مباشرة؟ 3- هل ينطبق على هذه الحالة، فتوى اللجنة الدائمة رقم (20629) وتاريخ 13\10\1419هـ ج: التأمين الطبي المذكور ضرب من ضروب التأمين التجاري المحرم شرعا؛ لما فيه من الغرر والمقامرة وأكل أموال الناس بالباطل. وقد صدر قرار هيئة كبار العلماء بتحريم التأمين التجاري، لهذا فلا يجوز لشركة الرياض للتعمير إجراء هذا العقد، ولا يجوز لموظفيها الاستفادة منه، ولا الدخول فيه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ: وفيها أيضا (11/199-200) " الفتوى رقم (20693) س: أعمل في شركة، وقد قامت هذه الشركة باتفاقية مع بعض المستشفيات للتأمين الطبي على موظفي الشركة، وذلك بأن تدفع للمستشفيات مثلا مليون ريال سنويا، على أن تقوم تلك المستشفيات بمعالجة منسوبي الشركة لمدة عام لأمراض وإصابات موضحة في العقد المتفق عليه، فهل يجوز لنا أن نعالج في هذه المستشفيات وفق هذا النظام، أم أن ذلك من المقامرة؟ ج: التأمين التجاري ـ ومنه التأمين الصحي ـ محرم بجميع أنواعه؛ لما فيه من أكل المال بالباطل ولما فيه من الجهالة والغرر والمقامرة، والواجب على المسلم أن لا يدخل فيه ولا يستعمله إذا كان يعمل في شركة تستعمله مع موظفيها، وعليه أن يتعالج على حسابه وفي الحلال غنية عن الحرام. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" وفي المجموعة الأولى أيضا (15/294-295) ما نصه: " السؤال الأول والثاني من الفتوى رقم (4306) س1: عند شرائنا للدواء نبعث إلى الضمان الاجتماعي بالعلامة التي تبين أننا دفعنا قيمة من المال لشرائه، عندئذ يرجع لنا الضمان المال. هل يجوز شرعا أم لا؟ علما بأن المؤسسة التي نعمل فيها تأخذ كل شهر قيمة من الراتب لأجل الضمان الاجتماعي. ج1: هذا النوع من التأمين ضد الأمراض، فلا يجوز لكم أن تؤمنوا على أنفسكم عند مصلحة الضمان الاجتماعي ولا عند غيرها، لما في ذلك من الغرر والجهالة وأكل المال بالباطل، لكن إذا كانت مصلحة الضمان الاجتماعي تحفظ لكم المبالغ الى تدفعونها، وتعيدها إليكم عند الحاجة إليها والانتهاء من العمل، فهذا لا شيء فيه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" وفي كتاب فتاوى الطب والمرضى الذي تم جمعه بإشراف الشيخ صالح بن فوزان الفوزان من فتاوى كبار العلماء فتوى للجنة الدائمة تحت عنوان, (حكم التأمين الطبي لموظفي وأسر المؤسسات والشركات)، جاء فيها ص44-441 " س: بعض المؤسسات والشركات الأهلية تكفل العلاج الطبي لموظفيها وأسرهم، ومن أجل ذلك تتفق مع بعض المستشفيات الأهلية لتأمين هذا العلاج، وتكون صورة الاتفاق كالتالي: 1- تدفع المؤسسة للمستشفى مبلغا شهريا عن كل شخص، قدره 100 مائة ريال فقط، بغض النظر عن عدد الزيارات التي يتردد بها المريض على المستشفى لتلقي العلاج. 2- يتولى المستشفى علاج الأشخاص وصرف الأدوية اللازمة لهم، وإجراء بعض العمليات الجراحية إن لزم الأمر. ومن المعلوم أنه في بعض الأشهر ينفق المستشفى على علاج الشخص أكثر من 100 مائة ريال، وخاصة إذا أجريت له عملية جراحية أو نحوها، وأحيانا أخرى قد لا يأتي الشخص إلى المستشفى؛ لأنه ليس محتاجا لذلك، ومن ثم فإنه لم يستهلك شيئا من المائة ريال، أو استهلك جزءا يسيرا منها. والسؤال هو: أولا: هل هذا التأمين الطبي جائز شرعا، أو أنه من الشروط المبنية على الجهالة والغرر؟ ثانيا: هل هذا يدخل في باب الجعالة الجائزة شرعا، كما قال بذلك بعض الباحثين في (مجلة البحوث الفقهية المعاصرة) العدد 31؟ ثالثا: ما صورة التأمين الطبي التعاوني الجائزة شرعا؟ ج: ما ذكر في السؤال هو من التأمين التجاري المحرم؛ لما فيه من الغرر والجهالة، وأكل أموال الناس بالباطل، والتأمين التعاوني الجائز هو: أن يوضع صندوق تجمع فيه تبرعات المحسنين لمساعدة المحتاجين للعلاج أو غيره، ولا يعود منه كسب مالي للمتبرع، وإنما يقصد به مساعدة المحتاجين؛ طلبا للأجر والثواب من الله تعالى. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز [من فتاوى اللجنة الدائمة] الفتوى رقم (19399)" وفي لقاءات الباب المفتوح (191/30) سئل الشيخ ابن العثيمين ما نصه: " إنسان مريض والشركة عندهم تأمين صحي، فهل له أن يدخل المستشفى بهذا التأمين حيث أنهم يخصمون من راتبه مبلغاً شهرياً سواءً مرض أو ما مرض، والشركة تدفع لشركة التأمين؟" فأجاب: " يتعالج بقدر ما أخذوا منه ولو كان مبلغاً بسيطاً، ولو كان ريالاً واحداً، فالريال به حبة إسبرين، حبة الإسبرين لا يحاسبهم عليها والباقي يعطيهم، أما إذا كانوا هم الذين يدفعون، أحياناً الشركات لا تأخذ على العامل شيئاً من أجرته، لكنهم فيما بينهم وبين المستشفى مثلاً يؤمِّنون هذا ما عليه منهم. لا يدخل ما دام أنهم متعاقدون مع المستشفى هو بنفسه، فالمهم أنه إذا كان التأمين من الشركة التي هو عندها وراتبه ما يأخذون منه شيئاً فلا بأس؛ لأنه هو الآن لم يتعاقد معاقدة ميسر وأما إذا كان معه فهو ميسر لا يجوز العمل به. وعلى ما تقدم يتحصل ما يلي:  التأمين الصحي يجوز إذا كان تكافليا لا تجاريا كما هو موضح في فتوى الشيخ ابن باز بالخصوص.  -- إذا كان الطرفان بنيا التأمين على قصد الربح والخسارة فالتأمين عندئذ تجاري لا يجوز سواء أكان العميل يدفع بنفسه أو دفعت عنه جهة من الجهات.  -- اختلف العلماء في صورة التأمين الذي يدفعه غير العميل كجهة العمل مثلا، هل يعد جائزا بناء على أن المتعاقد الشركة لا المستفيد، أو أنه غير جائز بناء على أن المستفيد قد يستهلك أكثر من الأقساط التي دفعت عنه فيغرم غيره، وهذا من الميسر، ولعل التقوى والورع أولى، وإن عمل المستفيد بفتوى الجواز كما هو في فتوى الشيخ ابن عثيمين، فليتحر أن يستهلك مقدار ما دفع عنه تجنبا لعلة الحرمة التي ذكرها المانعون وهي الدخول في الميسر.  -- لا بد من النظر في نظام التأمين في الشركة أو المؤصسسة المتعاقد معها، إن كان تكافليا على الحقيقة، أو تجاريا، فإن بعض الشركات تسمي نظامها تكافليا وتسمي نفسها بشركة التأمين الإسلامية ونظامها بعيد كل البعد عن النظام التأميني الشرعي. وفي المسألة فتاوى أخرى تعنى بجوانب، وتترك أخرى، وتراعي تفاصيل وظروفا مختلفة، وفيها تفريعات ومسميات لم أنقلها لقصد الاختصار، ولعلي أكون بإذن الله وفقت لاختيار أكثر ما تدعو إليه حاجة الناس منها بما هو أقرب للدليل. والله أعلم.