#تلبيسات_نادر_العمراني_في_سفك_الدماء_باسم_الجهاد_والشهادة_في_سبيل_الله

#تلبيسات_نادر_العمراني_في_سفك_الدماء_باسم_الجهاد_والشهادة_في_سبيل_الله
يركز أهل الضلال من إخوان ومن خرج من تحت عباءتهم على قضية الجهاد والشهادة, لأنه بهما يقدم الشباب أرواحهم طمعا في نيل الشهادة التي رتب عليها في شرعنا المطهر أجورا عظيمة، ولكنهم لا يؤصلون في الشباب معنى الجهاد الحقيقي في سبيل الله والفرق بين قتال الكفار وقتال غيرهم، والفرق بين الجهاد وبين غيره من أنواع القتال الجائزة والممنوعة، ولا يهتمون ببيان شروطه الواجب توافرها ليكون الجهاد مشروعا، ولا تكون الراية المرفوعة فيه راية عمية نهي عن القتال تحتها, تجاهل الإخوان كل ذلك لأن أغراضهم الحزبية تتنافى مع بيان ذلك.
ولما كان الشعار الذي رفعوه ليغطوا به أغراضهم السلطوية هو تحكيم الشريعة أولوا نصوص الشرع فأفهموا الأغرار الأغمار من الشباب أن خصومهم على اختلاف توجهاتهم لا يريدون تحكيم الشريعة, فهم إما أعداء للدين، وإما موالون لأعداء الدين، وزرعوا في عقولهم أنهم على حق وأن قتالهم يستمد شرعيته من نصوص الشريعة، ومنها قول الله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله} وقوله تعالى: { فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}، وهذا نادر العمراني يوظف حديث {القتلى ثلاثة} توظيفا حزبيا بعيدا عن التأصيل العلمي للشباب.
*رد الصحابة لشبهة الجهاد المزعوم عند الإخوان:
وهذا عبد الله بن عمر وسعد ابن أبي وقاص رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين يردان على هذه الشبهة.
جاء في صحيح البخاري، باب قوله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين
4243 حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا إن الناس صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج فقال يمنعني أن الله حرم دم أخي فقالا ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة فقال قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله وزاد عثمان بن صالح عن ابن وهب قال أخبرني فلان وحيوة بن شريح عن بكر بن عمرو المعافري أن بكير بن عبد الله حدثه عن نافع أن رجلا أتى ابن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله عز وجل وقد علمت ما رغب الله فيه قال يا ابن أخي بني الإسلام على خمس إيمان بالله ورسوله والصلاة الخمس وصيام رمضان وأداء الزكاة وحج البيت قال يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله قاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الإسلام قليلا فكان الرجل يفتن في دينه إما قتلوه وإما يعذبونه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة قال فما قولك في علي وعثمان قال أما عثمان فكأن الله عفا عنه وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه وأما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأشار بيده فقال هذا بيته حيث ترون
قال ابن حجر في الفتح في شرح الحديث: " قوله : ( ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله ) أطلق على قتال من يخرج عن طاعة الإمام جهادا وسوى بينه وبين جهاد الكفار بحسب اعتقاده وإن كان الصواب عند غيره خلافه ، وأن الذي ورد في الترغيب في الجهاد خاص بقتال الكفار ، بخلاف قتال البغاة فإنه وإن كان مشروعا لكنه لا يصل الثواب فيه إلى ثواب من قاتل الكفار ، ولا سيما إن كان الحامل إيثار الدنيا .
وفي صحيح مسلم وغيره عن أسامة بن زيد رحمه الله قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلَاحِ، قَالَ: "أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟" فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَقَالَ سَعْدٌ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ يَعْنِي أُسَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَة}.
فانظر يا رعاك الله إلى فقه الصحابة كيف فرقوا بين قتال وقتال, قاتل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا تكون فتنة وهي الشرك، وكان الدين كله لله، واعتزل من اعتزل منهم القتال حيث قدر أن القتال بين المسلمين سيترتب عنه عواقب غير محمودة، ومما هو معلوم أن القتال, سواء أكان للكفار، أو قتال لفئة باغية لا بد أن يكون تحت راية إمام شرعي استتب له الأمر واستقر على إمامته المسلمون, إما بيعة، وإما تغلبا، وفي غير هذا يسمى القتال قتال فتنة يترتب عليه مفاسد عظيمة, من كثرة لسفك الدماء في غير طائل، ومن استباحة العدو للمسلمين بضعفهم وتفككهم، إلى غير ذلك. وغاب فقه الصحابة لهذه الأمور عن الإخوان ومن خرج من تحت عباءتهم, ففي عصرنا هذا عمد شيوخ الإخوان والمقاتلة إلى تجميع أكبر عدد من الشباب للقتال بهذه الشبهة التي ردها الصحابة رضوان الله عليهم من قبل من أجل تحقيق الأغراض الحزبية ولكي تعلم أن قتالهم على غير أساس شرعي انظر إلى تحالفهم أول الأمر مع الدواعش والقاعدة، مكونين ما يعرف بمجالس الشورى. ثم اقتضت مصالحهم التخلص منهم لإرضاء رغبات داخلية وخارجية لكن طال نفس الحرب وفتح الإخوان والمقاتلة على أنفسهم جبهات كثيرة للقتال استهلكت فيها كثير من طاقاتهم البشرية حيث صار أصدقاء الأمس من قاعدة ودواعش أعداء اليوم وتغير المواقف بهذه الدرجة يدل على عدم ثبات الأصول والمبادئ، وحيث إنه لا بد من استمرارهم في حربهم لئلا يخسروا الداعمين للوصول إلى الحكم، أو يدرجوا ضمن قوائم الأرهاب، سعى نادر العمراني ومن لف لفه إلى استجلاب مزيد من الوقود البشري للاستمرار في الحرب أطول فترة ممكنة.
وذلك بما جرت به مع الأسف الشديد عادة الإخوان والمقاتلة إلى توظيف الحماسة الدينية للشباب بتوظيف نصوص الشريعة وتأويلها على حسب أغراضهم بدون أن يكون غرضهم التأصيل العلمي الصحيح، بل بالتلبيس والتضليل, ومن تلك القضايا التي وظفوها قضية الجهاد و(الشهادة في سبيل الله).
*العمراني يخفي عن الشباب شرط من شرطي قبول العمل وهو المتابعة لأغراض حزبية:
أقام الإخوان والمقاتلة الدنيا ولم يقعدوها عندما شاع نبأ اغتيال العمراني متهمين بذلك السلفيين وهم ومنهجهم براء من سفك الدماء بهذه الطريقة، ومتناسين أن العمراني ذاته مارس هذه الطريقة بتوظيف نصوص شرعية تخدم هذه الجماعات الضالة بمزيد من سفك الدماء.
كتب نادر العمراني مقالا في موقعه الرسمي تحت عنوان, [حديث القتلى ثلاثة]جاء فيه:
(للشهيد بشارات عدة، بشَّره الله بها ورسوله ، ولست بصدد حصرها وتعدادها. وإنَّما مرادي أن أنبِّه على واحدة منها، يغفَل عنها الكثير من الناس، خاصَّة في أيامنا هذه. فإنهم لمَّا علموا فضل الشهيد وما وُعِدَ به، ظنُّوا أنَّ هذه المنْزلة لا يدركها إلاَّ الأتقياء الكُمَّل الخلص، الذين لازموا التقوى، وداوموا على الطاعة.
وهذا مفهوم خاطئ لا دليل عليه.
فليس من شرط المجاهد ألاَّ يكون خطَّاء، وليس من شرط الشهيد أن يكون كاملاً، بل الشرط أن يكون مؤمناً بالله ورسوله ، مخلصاً لله في عمله وإقدامه. ومتى تحقق فيه هذان الشرطان، استحقَّ وعد الله له).
ترك العمراني الكلام في تأصيل المسائل الشرعية عند الشباب, فترك تعليمهم شرطا قبول العمل, فلنيل الشهادة عند العمراني شرطان هما: الإيمان بالله ورسوله، وإخلاص العمل لله. نعم، لا بد من وجود أصل الإيمان الذي هو الشهادتان لقبول الأعمال التي هي من مسمى الإيمان، وهو ما عبر عنه في أحد روايات حديث أركان الإسلام عن ابن عمر ب{إيمان بالله ورسوله}، وقد تقدم، قال ابن رجب رحمه الله في شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: {أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : " إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ " . قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : " الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : " حَجٌّ مَبْرُورٌ }:
" وأما حديث أبي هريرة: فهو يدل على أن الإيمان بالله ورسوله عمل لأنه جعله أفضل الأعمال، والإيمان بالله ورسوله الظاهر أنه إنما يراد به الشهادتان مع التصديق بهما؛ ولهذا ورد في حديث: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، وفي رواية ذكر: "الإيمان بالله ورسوله" بدل "الشهادتين"؛ فدل على أن المراد بهما واحد؛ ولهذا عطف في حديث أبي هريرة على هذا الإيمان "الجهاد" ثم "الحج"، وهما مما يدخل في اسم الإيمان المطلق؛ لكن الإيمان بالله أخص من الإيمان المطلق، فالظاهر أنه إنما يراد بهما الشهادتان مع التصديق بهما".
فالشهادتان ركن لا يكون الإسلام إلا بهما، ثم تأتي بقية الشرائع والأعمال التي لا تصح إلا بشرطين ذكر العمراني أحدهما وأغفل الآخر, فالذي ذكره العمراني الإخلاص وهو مندرج في الشهادتين، والشرط الذي أغفله المتابعة بأن يكون العمل على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو ذكر العمراني هذا الشرط لتبين العاقل الفارق بين الجهاد الذي هو مشروع لئلا تكون فتنة وهي الشرك والقتال الذي هو فتنة من أجل السلطة، ولافتضح أمر الإخوان والمقاتلة.
ترك شرط المتابعة مع أنه منصوص عليه في كتاب الله, جاء في مقال ماتع في موقع راية الإصلاح تحت عنوان: [إخلاص الدين لله وتجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم]: "الله عزّ وجلّ لم ينصّ على أنّه يتقبّل العمل الأكثر من حيث الكميّة، ولكنّه ينصّ دائما على أنّه يتقبّل العمل الأحسن، كما في قوله سبحانه: ﴿إِنّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾، وقوله: ﴿إِنَا لاَ نُضَيِّعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾، وقوله: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: «أخلصه وأصوبه، فقيل: يا أبا علي! ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إنّ العمل إذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يُقْبل، وإذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنّة».
وقال سعيد بن جبير والحسن البصري رحمهما الله: «لا يُقبل قول إلاّ بعمل، ولا يُقبل عمل إلاّ بقول، ولا يُقبل قول وعمل إلاّ بنيّة، ولا يُقبل قول وعمل ونيّة إلاّ بنيّة موافقة السنّة». انظر شرح أصول الإعتقاد للالكائي (18)، (20).
وعن سفيان بن عبد الله الثقفيّ قال: «قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدا، قال: قل آمنت بالله ثمّ استقم» رواه مسلم.
وقد فسّر هذا بعض السّلف بالإخلاص والمتابعة، روى ابن بطّة في «الإبانة /الإيمان» (156) بسند صحيح عن سلام بن مسكين قال: كان قتادة إذا تلا: ﴿إِنَّ الّذين قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾، قال: «إنّكم قد قلتم ربّنا الله، فاستقيموا على أمر الله، وطاعته، وسنّة نبيّكم، وأمضوا حيث تؤمرون، فالاستقامة أن تلبث على الإسلام، أن تلبث على الإسلام، والطريقة الصالحة، ثمّ لا تمرق منها، ولا تخالفها، ولا تشذّ عن السنّة، ولا تخرج عنها ...».
وفي هذا المعنى قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ من قَبْلَ أَنْ يأْتِيَكُمْ العَذابُ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ وَاتّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِن رَبِّكُمْ ﴾، فأمرَ باتّباع أحسن ما أنزل، وهذا لا يتأتّى إلاّ لمن اقتفى أثر رسول الله في ذلك، وهذا بعد أن أمر الله عزّ وجلّ بالإسلام له في قوله: ﴿وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾، والإسلام إذا جاء متعدّيًا لزم حمله على الإخلاص", فلو نص العمراني على شرط المتابعة لافتضح بأن حربه حزبية, حيث لا أمام شرعيا، ولا راية واضحة، فكيف يسمى جهادا في سبيل الله لتحكيم شرع الله؟!
*استغلال الحزبيين لجهل الشباب بالدين وتعميقه فيهم:
ترك العمراني تعليم الشباب الشروط الشرعية للجهاد وما يجب أن يتوفر فيه، لأنه لو علمهم ذلك لتبين كثير من التناقضات التي في مواقف هذه الجماعات, فلا بد للقتال من إمام يقاتل تحت رايته، والإخوان والمقاتلة لم تعد لهم ولاية بنصوص المواد التي وافقوا عليها وبسطوا الفتاوى في إثبات شرعيتها وفيها تحديد نهاية جسم المؤتمر الوطني، وتعنتوا بعدها في التمسك بالسلطة بحجج واهية تتمثل في إجراءات شكلية في مكان استلام وتسليم، فإن علموا الشباب أن من شروط الجهاد القتال تحت راية واضحة مع إمام شرعي فستنهال عليهم الأسئلة, سسيسألون العمراني ويقولون له هو ومن معه: ما حكم القتال تحت راية من انتهت ولايته؟ وماذا يسمى من يقاتل بعد انتهاء ولايته في الشرع؟ وهل تثبت الولاية شرعا وتنفى من أجل إجراءات تتعلق باستلام وتسليم؟ وكيف تفتون أن من يقاتل تحت راية من انتهت ولايته يكون شهيدا في سبيل الله وفي نصوص الشرع أنه لا يحكم لأحد بالشهادة إلا من جزم له الشارع الحكيم بها وهو يقاتل تحت راية شرعية واضحة فكيف بإثبات الشهادة في سبيل الله لمن يقاتل تحت راية من انتهت ولايته وهو يعلم بفترة انتهاء ولايته ووافق عليها أولا؟ وهو لا يقاتل كفارا بل يقاتل إخوانه في الدين والوطن؟ والمشكلة التي لا يستطيع الإخوان والمقاتلة تبريرها أن الوسيلة التي أوصلتهم إلى تولي مقاليد الأمور وبذلوا الجهد في إثبات شرعيتها أولا وهي الانتخابات هي الوسيلة ذاتها التي سلبتهم هذا الحق فتعنتوا؟
*القيد الذي يؤكد أن العمراني أراد توظيف النصوص لغرض حزبي:
ترك العمراني تبصير الشباب بشروط الجهاد مركزا على حقيقة واحدة يريدها، هي التي يغفل عنها الناس خاصة في أيامنا هذه كما يقول العمراني، ولعلك أيها القارئ الكريم تركز على هذا القيد [في أيامنا هذه]، وتربط بينه وبين ما يحدث فيها من أحداث جارية في بلادنا ليتبين لك الأمر، وهذا إن دل فإنما يدل على توظيف للنص أراده العمراني لا من باب تأصيل الشباب تأصيلا صحيحا.
ها هو ذا نادر العمراني لما أراد توظيف النصوص لأغراض حزبية يخفي كثيرا من الأمور عن الجهاد والشهادة فلا يبدي إلا ما أراده, فيظن القارئ أول وهلة حين يطالع قول العمراني: (فإنهم لمَّا علموا فضل الشهيد وما وُعِدَ به، ظنُّوا أنَّ هذه المنْزلة لا يدركها إلاَّ الأتقياء الكُمَّل الخلص، الذين لازموا التقوى، وداوموا على الطاعة.
وهذا مفهوم خاطئ)، أنه سيبصر الشباب بما ينبغي أن يتوفر في الجهاد الشرعي الذي تترتب عليه الشهادة لمن يقتل في سبيل الله،, ، لكنه لما ساق الحديث الذي رواه أحمد وابن حبان وحسن إسناده المنذري والألباني رحمة الله على الجميع أراد استجلاب القوة المعطلة من الشباب عن الحرب، وذلك الحديث هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: { القَتْلى ثَلاثةٌ:
رَجَلٌ مُؤمنٌ جَاهَد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يُقتلَ، فذلك الشهيد المُمْتَحَن في خَيمة الله تحت عرشه. ولا يَفْضُلُه النبيون إلاَّ بفضل درجة النبوة ورجل مؤمن قَرَفَ على نفسه من الذنوب والخطايا، جَاهَد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يُقتل، فتلك مَصْمَصَةٌ مَحَتْ ذنوبَه وخطاياه. إنَّ السَّيفَ محَّاءٌ للخطايا، وأُدخِل من أي أبواب الجنة شاء؛ فإنَّ لها ثمانية أبواب، ولجهنم سبعة أبواب، وبعضها أفضل من بعض.
ورجلٌ منافق، جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يُقتل، فذلك في النار. إنَّ السيف لا يمحو النفاقَ}
وها هو يوظف الحديث توظيفا حزبيا, فأثبت أن المجاهدين والشهداء على منزلتين, منزلة كاملي الإيمان, وهم من يقاتلون في حزبه وشربوا أفكار الإخوان والمقاتلة القائم على الطاعة العمياء لمشايخهم بدون تفهم الأدلة فكل ما يقوله مشايخهم حق لا يقبل المناقشة، فجعل هؤلاء الخارجين بالسيف في وجه إمامهم كاملي الإيمان، وأهل هذه المنزلة كثير منهم منتظم في الحرب، والمنزلة الثانية المجاهدون والشهداء أصحاب المعاصي الذين لم ينخرطوا في حزبهم وتأثروا بهم أو الذين انشغلوا بالدنيا وهم بعيد عن هذه التجاذبات السياسية والقتالية، وهؤلاء يهدف العمراني لانخراطهم مع حزبه لأن هذه الحرب التي يخوضها الإخوان طال نفسها وأتت على كثير من الأغرار الأغمار من شبابهم، فيطمح العمراني ومن لف لفه إلى انخراط هؤلاء الشباب في معركتهم الحزبية من أجل السلطة موظفا هذا الحديث في وعدهم أن ينالوا الشهادة على ما عندهم من معاصي, بدون أن يذكرهم بالتوبة، وبدون أن يبصرهم بشرط المتابعة لرسول الله فيفضح حزبه. فأنت يا من ابتليت بالزنا وشرب الخمر وغير ذلك ما هو إلا أن تقاتل معنا في أيامنا هذه لتنال الشهادة، لا فرق في هذا بينمعصية ومعصية. هذا ما يحتمله الإجمال في كلام العمراني.
وقد نص أهل العلم أن الشهيد يغفر له كل ذنب في حق الله لا في حقوق الآدميين, روى مسلم (1886) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ ) .
وروى مسلم (114) عن ابن عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ : " لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَلَّا ، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ ) ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ! اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ ) قَالَ : فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ : أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ " .
وهذا دأب هؤلاء المشايخ, يوردون النصوص على ما يريدون بدون ذكر مقيداته أو مبيناته،, أو تفسيراته على فهم السلف الصالح، لأن غرضهم التوظيف للأغراض الحزبية لا التأصيل العلمي الصحيح. والله تعالى أعلم.
ملحوظة:
مقال العمراني من هنا:
http://naderomrani.ly/article/323#sdfootnote2sym

الخميس، 10 مارس 2022

ومضات حول حديث كفارة المجلس:

​ومضات حول حديث كفارة المجلس: لا ريب أن هذه الأسطر لن تأتي بجديد، غير أن فيها خلاصات يرجى أن تكون نافعة, فيها جمع متفرق، وفوائد عسى أن تكون مستحسنة، على قدر جهد المقل الضعيف، لعله ينتفع بها من يجدها على الشبكة فينتظم كاتب الأسطر في آخر سلك من دلوا على هدى، أو تصادف بقدر الله من لا صبر له على الذهاب للكتب، ومنهم الكاتب، فيجد فيها ضالة منشودة، هدانا الله لاغتنام كل خير، وتجاوز عنا جميعا. ومعلوم ما قاله العلماء في الاستغفار أنه في ختام العمل الصالح كالطابع عليه إن كان تاما، أو جابرا للتقصير فيه، ولذا أمر الله به بعد الحج، وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الاستغفار بع المفروضة، وهذه السنة في كفارة المجلس مما يتأكد بها هذا الأمر. -هل لكفارة المجلس ذكر في القرآن؟!: جاء في تفسير ابن كثير رحمه الله (7/40 لقول الله تعالى في سورة الطور, {وسبح بحمد ربك حين تقوم{ ما نصه: ".وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ قَالَ: مِنْ كُلّ. وقال الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ قَالَ: إِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حدثنا محمد ابن شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَمْرِو الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ؛ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ يَقُولُ: حِينَ تَقُومُ مِنْ كُلِّ مَجْلِسٍ، إِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ ازْدَدْتَ خَيْرًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ هَذَا كَفَّارَةً لَهُ. وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي جَامِعِهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الجَزَرِي، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْفَقِيرِ؛ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَّمَ النَّبِيَّ ﷺ إِذَا قَامَ مِنَ مَجْلِسِهِ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ. قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ غَيْرَهُ يَقُولُ: هَذَا الْقَوْلُ كَفَّارَةُ الْمَجَالِسِ الْمَجَالِسِ. وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ مُسْنَدَةٌ مِنْ طُرُقٍ -يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا-بِذَلِك". ثم ذكر بالأسانيد ما روي من أحاديث مرفوعة. زاد السيوطي في الدر المنثور (7/637) من مراسيل أبي العالية رحمه الله: ".وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ زِيادِ بْنِ الحُصَيْنِ قالَ: «دَخَلْتُ عَلى أبِي العالِيَةِ، فَلَمّا أرَدْتُ أنْ أخْرُجَ مِن عِنْدِهِ قالَ: ألّا أُزَوِّدُكَ كَلِماتٍ عَلَّمَهُنَّ جِبْرِيلُ مُحَمَّدًا ﷺ؟ قُلْتُ: بَلى. قالَ: فَإنَّهُ لَمّا كانَ بِآخِرَةٍ كانَ إذا قامَ مِن مَجْلِسِهِ قالَ: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إلَيْكَ. فَقِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما هَؤُلاءِ الكَلِماتُ الَّتِي تَقُولُهُنَّ؟ قالَ: هُنَّ كَلِماتٌ عَلَّمَنِيهِنَّ جِبْرِيلُ، كَفّاراتٌ لِما يَكُونُ في المَجْلِسِ»" وفي سلسلة لقاء الباب المفتوح-163a تفسير سورة الطور الآيات ( 37- الى نهاية السورة ) وآيات اخرى مختارة وما يستفاد منها قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "(( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ )) ((سبح بحمد ربك )) أي قل: سبحان الله وبحمده، حين تقوم من أي شيء ؟ حين تقوم من مجلسك، أو حين تقوم من منامك، المهم هي عامة، ولهذا كان كفارة المجلس أن يقول الإنسان: ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ) فينبغي للإنسان كلما قام من مجلس أن يختم مجلسه بهذا: ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك )". ولا يخفاك أيها القارئ الكريم أن سوق هذا الكلام ليس ترجيحا لهذا القول، وإنما هو تنبيه على أن بعض أهل العلم جعل كفارة المجلس مندرجة ضمن تفسير هذه الآية, للآثار المروية عن السلف في تفسيرها. --ما روي من الأحاديث المرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها: وفيها أربع مسائل: ولا—الفترة التي واظب النبي صلى الله عليه وسلم على قولها فيها: جاء في سنن أبي داود، تحقيق شعَيب الأرنؤوط - محَمَّد كامِل قره بللي، (7/223-224)، باب في كفارة المجلس، حديث رقم, 4859، بإسناد أبي داود، { عن أبي برْزَةَ الأسلمي، قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول بأخَرَةٍ إذا أرادَ أن يقوم مِن المجلس: "سبحانَكَ اللهُمَّ وبِحمدِكَ، أشهدُ أن لا إله إلا أنتَ، أستغفِرُك وأتوبُ إليك"، فقال رجلٌ: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -, إنكَ لَتقُولُ قولاً ما كنتَ تقولُه فيما مضَى، فقال: "كفارةٌ لما يكونُ في المجلسِ} . جاء في هامشالتحقيق: " إسناده صحيح. أبو هاشم: هو يحيى بن دينار، وأبو العالية: هو رفيع بن مهران. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10187) من طريق عيسى، عن الحجاج بن دينار، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19812). وانظر ما سلف قبله من حديث أبي هريرة. وأبو بَرْزَةَ: اسمه نضلة بن عُبيد أسلم قديماً وشهد فتح مكة". قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه على سنن أبي داود (552/15): " أورد أبو داود حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه في كفارة المجلس، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك في آخر أمره، ويدل هذا على أن ذلك إنما حصل من الرسول صلى الله عليه وسلم في أواخر أيامه، أو آخر أمره عليه الصلاة والسلام، وأن على الإنسان أن يحرص على اتباع هذا الأمر، وعلى الإتيان بهذا الذكر ليكون كفارة لما يحصل، ويكون زيادة خير فيما إذا كان ليس هناك شيء مكفر وإنما المجالس مجالس خير مثل مجالس ذكر العلم، فيكون ذلك زيادة خير على خير، ونور على نور". ثانيا—تحديد المواطن التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقولها فيها: عامة الأحاديث والآثار فيها ذكر المجلس بالعموم، لكن، روى النسائي في السنن الكبرى, (9/123) كتاب عمل اليوم والليلة، تفريع, (§مَا تَخْتِمُ بِهِ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ)، حديث رقم, 10067 ، بإسناده عن عائشة رضي الله عنها قالت: { مَا جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسًا قَطُّ، وَلَا تَلَا قُرْآنًا، وَلَا صَلَّى صَلَاةً إِلَّا خَتَمَ ذَلِكَ بِكَلِمَاتٍ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَاكَ مَا تَجْلِسُ مَجْلِسًا، وَلَا تَتْلُو قُرْآنًا، وَلَا تُصَلِّي صَلَاةً إِلَّا خَتَمْتَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ؟ قَالَ: " نَعَمْ، §مَنْ قَالَ خَيْرًا خُتِمَ لَهُ طَابَعٌ عَلَى ذَلِكَ الْخَيْرِ، وَمَنْ قَالَ شَرًّا كُنَّ لَهُ كَفَّارَةً: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ "} وفي السنن الكبرى (2/98-99)، عن عائشة رضي الله عنها بلفظ آخر رقم, 1268: { أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَلَسَ مَجْلِسًا أَوْ صَلَّى تَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ فَسَأَلَتْهُ عَائِشَةُ عَنِ الْكَلِمَاتِ فَقَالَ: «§إِنْ تَكَلَّمَ بِخَيْرٍ كَانَ طَابِعًا عَلَيْهِنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنْ تَكَلَّمَ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ كَفَّارَةً لَهُ، سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ»}. ومن سياق اللفظ يظهر أنه اختصار من بعض الرواة للفظ السابق، ومع اختصاره يستفاد أن لفظ الصلاة فيه محفوظ، ولذا أورده النسائي في تفريع بعنوان, (§نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الذِّكْرِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ). وفي عمل اليوم والليلة له (1/308-309)في تفريع, (مَا يَقُول إِذا جلس فِي مجْلِس كثر فِيهِ لغطه)، حديث رقم, 400، { عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا جلس مَجْلِسا أَو صلى صَلَاة تكلم بِكَلِمَات فَسَأَلت عَائِشَة عَن الْكَلِمَات فَقَالَ إِن تكلم بِخَير كَانَ طابعاً عَلَيْهِنَّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَإِن تكلم بِغَيْر ذَلِك كَانَ كَفَّارَة لَهُ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك}. والفائدة من إيراد هذا اللفظ الزيادة التي في الدعاء, "سبحانك اللهم وبحمدك"، بدل, "سبحانك وبحمدك". وفائدة الحديث أنه يشمل المجالس التي يغشاها المرء مع غيره، وإذا جلس يتلو القرآن، أو إذا صلى، فيكون من أوراد ما بعد الصلاة كما فرع النسائي رحمه الله. ثالثا—هل يقال دعاء كفارة المجلس مرة واحدة؟: روى أبو داود في سننه, (7/223-224)، بتحقيق, شعَيب الأرنؤوط - محَمَّد كامِل قره بللي، باب في كفَّارةِ المجلس، حديث رقم, 4857: عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: " كلماتٌ لا يتكلَّمُ بهنَّ أحدٌ في مجلسه عندَ قيامه ثلاثَ مراتٍ إلا كُفِّرَ بهنَّ عنهُ، ولا يقولُهن في مجلِسِ خيرٍ ومجلسِ ذكرِ إلا خُتِمَ له بهنَّ عليه، كما يُختم بالخاتِم على الصحيفةِ: سُبحانَكَ اللهم وبحمدِك، لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفِرُك وأتوبُ إليك . جاء في هامش التحقيق حول هذا الحديث: " إسناده صحيح. وهو موقوف. ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو: هو ابن الحارث بن يعقوب الأنصاري. وأخرجه ابن حبان في "صحيه" (593)، والمزي في "تهذيب الكمال" 17/ 317 من طريق حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد". قال الشيخ الألباني رحمه الله في ضعيف الترغيب والترهيب ص459: "921 - (3) [منكر موقوف]". وقال في الهامش: "قلت: فيه سعيد بن أبي هلال، وكان اختلط كما قال يحيى وأحمد، وفيه زيادة (ثلاث مرات)، وهي منكرة". قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه على سنن أبي داود (552/10): "وقد أورد أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أنه قال: (كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلسه عند قيامه ثلاث مرات إلا كفر بهن عنه). الأحاديث وردت في الإتيان بهذا الذكر مرة واحدة، وهذا الحديث جاء فيه أنه يقولها ثلاث مرات، لكن الأحاديث الكثيرة والروايات المتعددة جاءت بأن الذكر يقال مرة واحدة، وقد صح الحديث بدون ذكر الثلاث، ولم يأت ذكر العدد إلا في هذا الموضع". ثم قال بعد ذلك (552/11): "وما ذكره عبد الله بن عمرو هنا ليس مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن له حكم الرفع؛ لأن مثل هذا لا يقال بالرأي". وفي سعيد ابن أبي هلال رحمه الله كلام كثير، وتوثيق جليل، وتضعيف يسير، وعلى أي حال فمن اقتصر على الواحدة في نهاية المجلس موافقة لسائر الأحاديث فهو على صراط بين رشيد. رابعا— في نوع المكفر من ذنوب المجلس: في صحيح الترغيب والترهيب للشيخ الإلباني رحمه الله } (2/216): 1516 - (1) [صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من جلس مجلساً كَثُرَ فيه لَغَطُه؛ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: (سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)؛ إلا غفر الله له ما كان في مجلسه ذلك". رواه أبو داود والترمذي -واللفظ له والنسائي، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب". وفيه أيضا (2/217): 1519 - (4) [صحيح] وعن جبير بن مطعمٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من قال: (سبحان الله وبحمده، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك). فقالها في مجلس ذكرٍ كان كالطابع يطبع عليه، ومن قالها في مجلس لغو كان كفارة له". رواه النسائي والطبراني ورجالهما رجال "الصحيح"، والحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم". ففي هذين الحديثين بيان ما يغفر من الذنوب, فأما الحديث الأول ورد اللفظ بذكر اللغط، وأما في الثاني فورد لفظ اللغو، جاء في تحفة الإحوذي (9/276): " قَوْلُهُ فَكَثُرَ بِضَمِّ الثَّاءِ لَغَطُهُ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ تَكَلَّمَ بِمَا فِيهِ إِثْمٌ لِقَوْلِهِ غُفِرَ لَهُ وَقَالَ الطِّيبِيُّ اللَّغَطُ بِالتَّحْرِيكِ الصَّوْتُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْهُزْءُ مِنَ الْقَوْلِ وَمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ فَكَأَنَّهُ مُجَرَّدُ الصَّوْتِ الْعَرِيِّ عَنِ الْمَعْنَى". وعلى هذا المعنى تنص قواميس اللغة. وأما اللغو، فجاء عنه في لسان العرب: " لغا : اللغو واللغا : السقط وما لا يعتد به من كلام وغيره ولا يحصل منه على فائدة ولا على نفع . التهذيب : اللغو واللغا واللغوى ما كان من الكلام غير معقود عليه". وعلى هذا، فلا تدخل الغيبة ولا النميمة ولا القذف وما أشبهها مما هو في حقوق العباد في هذا الحديث, لأن حقوق العباد مبنية على المشاحة, فلا بد فيها من استحلال صاحبها أو ما يقوم مقام الاستحلال فيما ليس فيه حد على التفصيلات المعلومة في كتب الأحكام، كذلك ما يناقض التوحيد مما يوجب الردة, فقد اشترط العلماء في كفر الردة أنه لا بد أن يصحبه بيان لما وقع فيه من تلبس بشيء من أمور الردة. في شرح رياض الصالحين-56b، للشيخ ابن عثيمين ورد السؤال التالي: " السائل : شيخ بارك الله فيك اللغط هذا يشمل الغيبة والنميمة؟ الشيخ : اللغط لا يشمل الغيبة، لأن الغيبة حق آدمي لكن قد ينفعه فيما بينه وبين الله، وأما صاحبه الذي اغتابه فلابد أن يستحل منه يقول له مثلًا إني قلت فيك كذا وكذا حللني، هذا إذا وصله العلم وإذا كان لم يصله فإنك تستغفر له وتثني عليه في المكان الذي أنت اغتبته فيه ويكفر الله عنك بذلك".: --هل يشمل هذا الحديث من حضر المجلس ساكتا؟: في فتاوى عبر الهاتف والسيارة-134، للشيخ الألباني: "الشيخ : على كل حال ما دمت كنت حاضرا في المجلس فالكفارة تشمل الجالسين سواء تكلموا أو أنصتوا ، لأنهم في إنصاتهم هم مشاركون في الخير وفي اللغو ، ويأتي هنا الحديث : " أنه إن كان مجلس خير كان كالخاتم ، وإلا كان - إذا كان هناك لغو -كان كفارة له " ، فإذن يقول كل فرد منا ، لكن مش جماعة ، إي هذه الجماعة تدخل بقى في مسألة كنا بدأنا معك وما أتممناها". والحاصل أن كفارة المجلس وإن كانت سنة حري بكل عاقل أن يثبتها في أعماله, ليكفر الله بها كما وعد على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من لغوه ولغطه، أشير إليها في القرآن الكريم, {وسبح بحمد ربك حين تقوم}، ووردت فيها أحاديث وآثار كثيرة، أوفى الألفاظ سياقا سياق جبير بن مطعم رضي الله عنه، وتشمل الصلاة واتلاوة القرآن، مع أنهما ليسا لغوا ولا لغطا كما هو معلوم، لكن، تجبر التقصير، أو تكون عليهما كالطابع، وتقال مرة واحدة، وتشمل الجالس المنصت، لأنه كان مشاركا فيه, لتلبسه بسكوت الإقرار، وعدم النصح.ولا تشمل في التكفير للذنوب ما كان في حق العباد، والله أعلم.  ​

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق